61 نائبا يقدمون مقترح قانون أساسي لإحداث هيئة قضايا الدولة    عطر 24 وبوشناق ..وصابر الرباعي للاهتمام ...مداخيل فاقت المليار في الدورة الفارطة    هذا ما تقرر في شأن ملفات متعلقة بأملاك الأجانب بتسع ولايات    تراجع عائدات صادرات التمور بنسبة 3،8 بالمائة إلى موفى جوان 2025    خلال 6 أشهر: المنطقة السياحية نابل-الحمامات تستقبل أكثر من 325 ألف سائح    الإعلان عن انطلاق الاستعدادات العمليّة واللوجستية "لأسطول الصمود المغاربي لكسرِ الحصار على غزَّة" (ندوة صحفية)    بطولة قطر - نادي الغرافة يجدد عقد فرجاني ساسي لموسم واحد    بطولة العالم لكرة اليد تحت 19 سنة: برنامج مباريات المنتخب التونسي    الليلة: خلايا رعدية محلية وأمطار متفرقة بالوسط الغربي    الهوارية: إنقاذ طفلة عمرها 5 سنوات جرفتها التيارات البحرية بشاطئ المنطقة    فتح المنصة الخاصة بالتسجيل في خط تمويل بقيمة 5 ملايين دينار لفائدة الاشخاض ذوي/ات الإعاقة    بنزرت: " رحلة أجيال ، من خميس ترنان إلى فيصل رجيبة " تفتتح الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي    "رَست" و"السارة و النوباتونز" يصدحان بأوجاع الاغتراب في المهجر على ركح مهرجان الحمامات الدولي    قبلي : انطلاق الاحتفالات بالمهرجان الوطني لمصيف الكتاب    كارفور تونس تواكب الدورة 59 من مهرجان قرطاج الدولي    تجميع أكثر من مليون و300 الف قنطار من الحبوب بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    تونس – الطقس: عواصف رعدية خفيفة في الوسط الغربي    وزارة الدفاع تنتدب.. #خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب شاحنة تُقل عاملات فلاحة.. وهذه حصيلة الاصابات    رجّة أرضيّة بقوّة 2،8 درجات جنوب غرب سيدي علي بن عون    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يأمر بتحويل عدد كبير من الطائرات نحو سوريا    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص إضراب أعوان الصيدلية المركزية    وزارة الشؤون الدينية تُصدر مطوية "لا للمخدرات"    عاجل/ تحديد موعد الجلسة العامة للنظر في قانون العفو عن جرائم الشيكات    نابل:كهل ينتحر شنقا    مديرة المهرجان الصيفي بتالة: "وضعنا اللبنات الأولى لتدويل المهرجان"    بوحجلة : الدورة 30 للمهرجان المغاربي للفروسية    الفيفا: بداية بيع تذاكر مونديال 2026 اعتبارا من 10 سبتمبر المقبل    لا تتجاهلها..علامة في يديك قد تدل على هذا المرض    يوم اعلامي حول "المتعامل الاقتصادي المعتمد" بمقر الادارة العامة للديوانة    خامنئي: الحرب الإسرائيلية هدفت الى الإطاحة بالحكم في إيران    البريمرليغ: تشلسي يخطط لبيع 15 لاعبا    وزارة التجارة تعلن عن تنفيذ برنامج إستثنائي لتزويد السوق بمادة القهوة الموجّهة للإستهلاك العائلي    تونس: اللحوم الحمراء قد يصل سعرها إلى 80 دينار!    دراسة تحذر وتكشف: المُحليات قد تُسبّب البلوغ المبكر لدى الأطفال ومشاكل في الإنجاب..!#خبر_عاجل    اليوم: إلغاء محطة استخلاص سوسة القلعة الصغرى    من بينهم تونس: تعرف على تصنيف متوسط دخل الفرد في الدول العربية وأعلى الأجور    الشبيبة القيروانية: ود منتظر أمام النادي الإفريقي .. وثلاثي يمضي غدا    عاجل : كينيث سيماكولا يُغادر رسميا النادي الإفريقي    عاجل/ اختراق صيني يستهدف شبكة الحرس الوطني الأميركي..    ديار جدودنا كانت تبرد، توا ديارنا تغلي... علاش؟    سلسلة ساعات Galaxy Watch8 من سامسونج.. راحة متكاملة في جميع الأوقات    المشاركات التونسية بألمانيا: 3 أسماء فقط في التايكواندو    وزير الفلاحة يؤكد ان الوزارة تشتغل على أساس معطيات دقيقة وينفي وجود أية شبهات    الليغا: أتليتيكو مدريد يتوصل لاتفاق لضم متوسط ميدان بوتافوغو البرازيلي    محرز الغنوشي: ''رياح قوية اليوم ولا ننصح بالسباحة''    ترامب: لست في عجلة للتحدث مع إيران.. والأسلحة تُرسل بالفعل لكييف    بالفيديو: أمين علولو للتونسيين في الخارج: ''عودتكم قوة اقتصادية...وبلادكم في انتظاركم''    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    إسرائيل تنقل إدارة الحرم الإبراهيمي إلى المستوطنين    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    الوقاية خير من العلاج .. احذروا... أمراض الصيف    القيصر يطمئن جمهوره: لا تصدقوا الشائعات، أنا بخير    تونس تختتم الدورة الأولى من برنامج "طب القلب لأفريقيا"    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق .. أيّ زلزال يمكن أن يحرّك العرب؟
نشر في الشروق يوم 24 - 12 - 2024

المشهد الأول: نحن في بدايات القرن التاسع عشر. الامبراطوريتان الفرنسية والبريطانية تتنافسان على بسط نفوذهما على المزيد من البلدان وعلى دوس المزيد من الشعوب المستضعفة... قبل أن تتداعيا سنة 1916 إلى عقد اتفاقيات سايكس بيكو لتقسيم الكعكة.. الحملة الاستعمارية المسعورة غلّفت بشعارات رنانة وبأكاذيب برّاقة من قبيل «نشر قيم الرجل الأبيض ونشر حضارة الغرب ونشر أنوار العلم في مناطق يعمّها ظلام الجهل... والنتيجة، عقود طويلة من الاحتلال البغيض ومن نهب الموارد والخيرات ومن تفقير الشعوب وتجهيلها... واقع لم ينفع معه إلا ثورة الشعوب على المحتل وانخراطها في المقاومة وتقديم التضحيات الجسام في سبيل كنس قوات الاحتلال وأذنابه بعد أن استند آباؤنا وأجدادنا إلى مخزونهم الإيماني وإلى حسّهم الوطني مما جعلهم يضحّون بالغالي والنفيس لتحرير الأوطان حتى تنعم شعوب منطقتنا بكرامتها واستقلالها.
المشهد الثاني: نحن في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين... أفل نجم الامبراطوريتين الفرنسية والبريطانية وصعد نجم الامبراطورية الأمريكية... فاندفعت مزهوة بانهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الثنائية القطبية إلى منطقتنا العربية شأنها شأن كل الامبراطوريات التي سادت وبادت حين دفعتها غريزة الهيمنة والسيطرة نحو السعي الى التحكم في منطقة الشرق الأوسط على أساس أنها مفتاح السيطرة على العالم.
وكان العراق المكان المثالي لتدمير دولته والسيطرة على ثرواته من الطاقة. ومجدّدا لم تعدم الامبراطورية الأمريكية الحيلة ولا المبرّر... لتطلع هذه المرة بأكذوبة تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية التي كان الأمريكيون قبل غيرهم يدركون أنها غير موجودة.. وكذلك بأكذوبة نشر قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. والنتيجة السطو على دولة وتدمير مؤسّساتها وإغراق شعبها في «فوضى خلاّقة» هتكت أرواح مئات آلاف العراقيين وأفضت إلى تقسيم العراق ولو بطريقة غير معلنة إلى 3 كيانات (كردي وسني وشيعي)... وقد رأينا قمّة تحضر الاحتلال الأمريكي في سجن أبو غريب حين كان السجّانون الأمريكان يتسلّون بتكديس أطنان من اللحم البشري لصناعة اهرامات من المساجين العراة من باب التسلية وتحطيم معنويات المساجين وانتزاع اعترافاتهم.
المشهد الثالث: مع احتلال العراق كان الأمريكيون قد بلوروا مفهوم «دمّر نفسك بنفسك» لأنهم قرّروا بضغط من المحافظين الجدد الذين تمكّنوا من مفاصل الادارة الأمريكية أن حرب العراق ستكون آخر مرة ترسل فيها أمريكا جيوشها وأساطيلها لغزو بلد وتغيير نظامه... لتوكل مهمة التدمير إلى أبناء البلد الذين يتولّون مهمة تدمير الدول وتحطيم المؤسّسات وتسليم المفاتيح إلى الادارة الأمريكية... هذه الادارة التي لم تتورع عن التصريح بأن كرة النار سوف تتدحرج من العراق إلى سوريا والسودان والسعودية وليبيا... لتكون مصر بمثابة الجائزة الكبرى.
وبالفعل لم تتخلّف كرة النار عن التدحرج مدفوعة بتيّار المسيحيين المتصهينين وبقناعة كاملة بالعقيدة الصهيونية... ومستعينة كذلك بتوجّهات الصهيوني الآخر برنارد لويس الذي طلع بنظرية «التقسيم وإعادة التشكيل» على درب الوصول إلى إرساء «شرق أوسط جديد» يمكّن أوّلا من بروز كيانات قزمية تدور في فلك أمريكا والكيان الصهيوني الذي سيتحول إلى القوة المهيمنة على كامل الاقليم بما يساعده على تنفيذ حلمه ب«اسرائيل الكبرى»... ويمكّن ثانيا الامبراطورية الأمريكية من مفاتيح الشرق الأوسط برمّته بما فيه من ثروات وخيرات وممرّات تجارة دولية ومن أرض أديان وحضارات... وبالتالي من مفاتيح التحكم في العالم عملا بنصيحة «برنارد لويس» الذي أوصى بأن «السيطرة على الشرق الأوسط هي السبيل الى السيطرة على العالم»... ومازلنا نعيش فصولا دراماتيكية من مسلسل تدحرج كرة النار أدت إلى إلحاق سوريا بقائمة الدول المنكوبة بعد العراق وليبيا في انتظار أن يأتي الدور على البقية...
ماذا بعد هذه اللوحة القاتمة ؟ وأي تفسير لانطلاء مفهوم دمّر نفسك باسم الحرية والانعتاق من الاستبداد على الشعوب... لتندفع اندفاعا على سكّة تدمير الدول وإسقاط المؤسّسات وإشاعة الفوضى والعجز والضعف وتسليم مفاتيح الأوطان للغرباء والمحتلين ؟ إذا كان الاحتلال على زمن آبائنا وأجدادنا يأتي متخفيا، مخاتلا، متسربلا بقيم برّاقة فإن احتلال اليوم يأتينا بوجه قبيح مكشوف. ورغم انتشار التعليم ووجود نخب مثقفة فإنه ينجح مجدّدا في شقّ صفوفنا، وضرب بعضنا ببعضنا الآخر فيما يتسلّم هو بلا عناء مفاتيح العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى... فأي زلزال يجب أن يحدث حتى تستفيق الشعوب العربية وتستعيد زمام أمورها وتستنهض همم أبنائها لإجهاض هذه الحملة الاستعمارية الشرسة التي باتت تهدّد باستئصالنا من جذورنا وبإغراقنا في «قدْر» شرق أوسط جديد السيادة فيه للصهيوني وللأمريكي؟
السؤال مطروح برسم الشعوب العربية وما فيها من نخب ومن مثقّفين ومن وطنيين غيورين على عروبتهم وعلى أمّتهم وعلى دينهم.
عبد الحميد الرياحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.