200 ألف ليلة مقضاة: توقعات بسنة قياسية للوجهة السياحية بتوزر    السودان.. قوات الدعم السريع تعلن القبض على "أبو لولو"    منزل بورقيبة :مفقود منذ 50 عاما ...عائلة تنتظر نتيجة تحاليل جينية للتأكد من العثور على شقيقهم    اعتقال خمسة أشخاص جدد في قضية سرقة جواهر متحف اللوفر..#خبر_عاجل    البطولة العربية للأندية للكرة الطائرة (سيدات): الترجي الرياضي يفوز على فتيات العيون الكويتي بثلاثة أشواط نظيفة    العوينة: خلاف ينتهي بمقتل حفيد وزير أول أسبق    خطبة الجمعة: الغفلة وآثارها    فضائل الصدقة في الإسلام    وزير الخارجيّة يتسلّم رسالة خطيّة موجهة إلى رئيس الجمهورية من أمير دولة الكويت    أولا وأخيرا .. غزة والفجر والديك    دورة الهاشمي رزق الله الدولية لكرة اليد: المنتخب التونسي يفوز على نظيره الغيني 32-27    عاجل: دخول السفينتين'حنبعل 3' و'حنبعل 4' حيّز الاستغلال الرسمي في مجال المراقبة البحرية    حالة الطقس هذه الليلة    حماس تعلن..#خبر_عاجل    العاصمة: هذه القاعة السينمائية تُغلق أبوابها نهائيا    خالد بن يحيي مدربا جديدا للاتحاد الليبي    عاجل: وزير الشؤون الدينية يعلن ثبات تسعيرة الحج وزيادة حصة الحجيج التونسيين في 2026    عاجل: منخفض جوي سريع يلمّس الجزائر وتونس...هذا الموعد    طقس الويكاند: شنوّة يستنّانا التوانسة ؟    فرنسا تلغي اتفاقية الهجرة مع الجزائر الموقعة منذ 1968...شنوا الحكاية ؟    إضراب بيومين في قطاع البنوك    عاجل من السعودية: تعديل جديد في نظام تأشيرات العمرة    16 ديسمبر: جلسة عامة للمصادقة على قانون انتداب الخريجين ممن طال بطالتهم    حادثة مأساوية: مقتل رضيعة على يد طفلة داخل حضانة!!    موعد انطلاق العمل بجهاز تسجيل الاستهلاك بالمطاعم والمقاهي..#خبر_عاجل    عاجل/ الكشف عن السعر المبدئي للتر الواحد من زيت الزيتون    بودربالة يطلع على الوضعية المهنية لعدد من المتعاقدين بمراكز الفنون الدرامية والركحية    عاجل: اكتشاف سمكة ''ذات الراية'' في ليبيا يثير القلق ... هل تصل تونس بعد؟    مؤسسة الأرشيف الوطني ستعمل على حفظ الوثائق السمعية البصرية من الإتلاف وبناء استراتيجية لرقمنة المحامل القديمة (مدير عام الارشيف الوطني)    "جائحة الوحدة": لماذا نشعر بالعزلة في عالمٍ فائق التواصل؟    اليوم الجهوي حول الرضاعة الطبيعية يوم 4 نوفمبر المقبل بالمركز الثقافي والرياضي للشباب ببن عروس    غرفة التجارة والصناعة لتونس تنظم يوم 5 نوفمبر ندوة حول "حماية حقوق الملكية الفكرية..رافد لتطوير الصادرات    الدورة الرابعة للبطولة الوطنية للمطالعة: حين تصبح المطالعة بطولة.. وتتحول المعرفة إلى فوز    10 مشروبات ليلية تساعد على إنقاص الوزن..تعرف عليها..!    سيباستيان تونيكتي يفتتح رصيده التهديفي مع سيلتيك في البطولة    داومان جوهرة أرسنال يصبح أصغر لاعب سنا يشارك أساسيا في تاريخ النادي    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة الترجي الرياضي    الرابطة الأولى: الترجي الرياضي يستضيف النادي البنزرتي    عاجل : مصوران يفقدان حياتهما أثناء تصوير إعلان في بورسعيد    قفصة: الدورة 35 للمهرجان الإقليمي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية يوم 31 اكتوبر الجاري    الملتقى الدولي حول 'الانسانية المعززة.. الفنون والتفرد.. تصورجديد لاخلاقيات الغد وجماليته ' من 12 الى 15 نوفمبر 2025 بجامعة قابس    تنبيه عاجل : علامات تخليك تعرف إذا كان تليفونك مخترق وكيفاش تحمي روحك    عاجل/ الاحتلال الصهيوني يغلق مدينة القدس..    ديوان الصناعات التقليدية ينظم المشاركة التونسية في المعرض الدولي للصناعات التقليدية بميلانو من 6 الى 14 ديسمبر 2025    قبلي: توقف عدد من فلاحي منطقة جمنة عن جني تمورهم بسبب تخفيض اسعار قبول دقلة النور من طرف عدد من المجمعين    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    تمضغ ''الشوينقوم''على معدة فارغة ...حاجة خطيرة تستنى فيك    أكثر أمراض القطط شيوعًا    العوينة: مقتل شاب طعناً بسكين والنيابة العمومية تأذن بفتح بحث تحقيقي    عاجل/ سقط من الحافلة: أول تصريح لوالد طفل ال13 سنة بعد وفاته..    بايرن ميونيخ يحقق بداية قياسية للموسم بانتصاره على كولن بالكأس    فرنسا: القبض على 5 مشتبه بهم آخرين في قضية سرقة متحف اللوفر    علاش نحسوا بالبرد أكثر كي نكبروا في العمر؟    صدمة في لبنان: وفاة مفاجئة لنجم ''ذا فويس'' في ظروف غامضة    رفض مطالب الإفراج عن عبد الكريم الهاروني ومحمد فريخة وتأجيل محاكمتهما إلى نوفمبر المقبل    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في سابقة لم يعرفها التاريخ.. الشرع يَنْسِفُ الذاكرة السورية
نشر في الشروق يوم 06 - 10 - 2025

علق خبراء مصريون على قرار الرئيس السوري أحمد الشرع إلغاء العطلة الرسمية المخصصة لذكرى حرب تشرين (أكتوبر) 1973.
ويقول خبير شؤون الأمن القومي المصري، الكاتب الصحفي بأخبار اليوم محمد مخلوف، في تصريحات خاصة ل"RT": في الوقت الذي احتفل فيه المصريون والعرب جميعا بذكرى السادس من أكتوبر، ذلك اليوم الذي استعاد فيه العرب عزّتهم ومصر مجدها، خرج النظام السوري بقرارٍ رسمي ألغى فيه اعتبار السادس من أكتوبر عطلةً قومية، في سابقةٍ لم تعرفها أي دولة عربية شاركت في معركة العبور، فحرب أكتوبر لم تكن نصرًا مصريًا فحسب، بل كانت نصرًا عربيًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى شارك فيه من شارك بالمال أو بالرجال أو بالدعم السياسي والمعنوي، واستعاده الجميع كذكرى تخلّد اتحاد الأمة في لحظة عزّةٍ نادرة.
ويرى مخلوف أن القرار السوري بدا كمن يريد أن يطفئ شعلة النصر في الذاكرة، وأن يطمس حقيقة الارتباط العربي الذي جمع مصر وسوريا ذات يوم تحت راية واحدة، لافتا إلى أن أخطر ما في مشهد اليوم ليس تفجيرا يهزّ جدران مدينة، ولا قرارا يُطفئ شعلة احتفالٍ في دمشق أو في القاهرة، بل هو تفجيرٌ في الوعي الجمعي، ومحاولةٌ لاغتيال الذاكرة الوطنية. فحين يُمحى من الذاكرة معنى النصر، يُمحى معه الإحساس بالقدرة، وحين يُشوَّه معنى الفرح الوطني، تتصدّع الثقة في الذات.
وأوضح مخلوف أن الاحتفال بأكتوبر بشكل عام ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو استعادة لقيم عظيمة مثل الانتماء والعطاء والانضباط، وحرب أكتوبر لم تكن فقط معركة عسكرية لتحرير الأرض، بل كانت معركة وعي وإرادة وإدارة موارد بشرية واقتصادية وسياسية بحكمة، هذا هو ما جعلها مدرسة يتعلم منها العسكريون والسياسيون على حد سواء حتى اليوم.
وأشار محمد مخلوف إلى أن التخطيط للحرب كان يستند إلى فكر استراتيجي مبتكر يواكب القدرات المتاحة ويعالج نقاط ضعف العدو، فخطة الخداع الإستراتيجي كانت عبقرية، من إخفاء علامات الاستعداد للحرب واستيراد القمح لإشغال العدو، إلى إخلاء بعض المستشفيات عبر قصة التلوث المفبركة، إلى الإعلان المتكرر عن تدريبات تعبويّة لإيهام إسرائيل أن ما يجري مجرد نشاط روتيني، حتى جاء السادس من أكتوبر فكانت المفاجأة الكبرى للعالم كله.
وأكد مخلوف أن الجيش المصري اليوم يواصل بناء قدراته الشاملة على كل الاتجاهات الإستراتيجية. هناك تحديث للتسليح، وتدريبات مشتركة مع جيوش دولية، وتأهيل علمي وتكنولوجي للكوادر. هذه ليست مجرد إجراءات عسكرية، بل هي ترجمة عملية لروح أكتوبر التي علمتنا جميعاً أن الاستعداد الدائم هو مفتاح النصر، فقرار إلغاء عطلة لن يطفئ أو يغير النصر العظيم الذي سجله وخلده التاريخ بأحرف من نور.
من جانبه، يقول مساعد وزير الداخلية، مدير مكافحة الإرهاب بقطاع الأمن الوطني المصري الأسبق، اللواء عادل عزب، في تصريحات ل"RT": لم يأتِ القرار من فراغ، بل سبقه — بأيامٍ قليلة — خروج مظاهراتٍ من مجموعاتٍ موالية للنظام السوري أساءت إلى مصر والمصريين، ورغم أن والد أحمد الشرع قدّم اعتذارا عن تلك الإساءات، فإنّ الاعتذار لم يصدر عن الحكومة السورية، وكأنّ النظام أراد أن يترك الباب مواربا بين الرسالة والموقف، بين الصمت والتواطؤ، ولا يمكن فصل قرار إلغاء الاحتفال عن تلك المظاهرات، فهو ليس مجرد إجراءٍ إداري، بل ترجمةٌ سياسية لموقفٍ متجذّر من مصر ودورها، موقفٍ لا يعبّر عن الشعب السوري بكل تأكيد، بل عن الشريحة التي ساهمت في الانقلاب على سوريا نفسها، فقرّرت أن تنفصل عن تاريخها قبل أن تنفصل عن حاضرها.
وما أشبه اليوم بالأمس... الإخوان يسيرون على الدرب ذاته
تابع اللواء عزب: فالإخوان المسلمون في مصر — الذين طالما ادّعوا حب الوطن — يسلكون المسار ذاته، فبينما يحتفل المصريون بأعيادهم القومية، يختار الإخوان نفس التوقيت ليحيلوا أفراح الوطن إلى مآتم، وذكرى النصر إلى دماء، لم يكن هذا السلوك وليد اليوم، بل نهجًا متكررًا عبر العقود، منذ أن تحوّلت الجماعة من دعوةٍ إلى مؤامرة، ومن فكرٍ إلى مشروعٍ لهدم الدولة من داخلها، فعلى مدار السنوات، كانت أي مناسبةٍ قوميةٍ كبرى في مصر — من احتفالات أكتوبر إلى الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية الجامعة — تستدعي لدى الإخوان غريزة التدمير.
وأشار إلى أنه لم يكن اختيارهم للتوقيت عبثا، بل كان مقصودا بعناية ليصنعوا من يوم الفرح المصري يوما للحزن، وليقتلوا في الناس الإحساس بالانتصار، فكما يتعمّد بعض الجهلة في العصبيات القبلية أن يفسدوا فرحة خصومهم في أفراحهم، هكذا يتصرّف الإخوان مع مصر كلما رفرفت راية أو ارتفعت تكبيرة نصر، موضحاً أنه يكفي أن نذكّر ببعض النماذج لا كلها، مثل تفجيرات طابا في أكتوبر 2004، التي جاءت في توقيتٍ يوازي احتفالات نصر أكتوبر، لتسقط عشرات الضحايا وتضرب السياحة المصرية في مقتل، ثم تفجيرات شرم الشيخ في يوليو 2005، أثناء موسم سياحيٍ نشطٍ كانت مصر قد بلغت فيه أرقاما قياسية في معدلات السياحة، فجاءت التفجيرات لتكسر موجة النمو وتوجّه رسالة دموية إلى الداخل والخارج بأن يد الإرهاب لا تفرّق بين مصري وسائح، ولا بين أمن واقتصاد.
وأضاف: وفي العام 2011، لم تكن الفوضى التي اندلعت في 25 يناير — يوم عيد الشرطة — ثورةً ضد الظلم كما رُوِّج، بل كانت خطةً مدروسة لاختيار يومٍ وطنيٍّ يمثّل رمزا لهيبة الدولة وأمنها، ليُستبدل فيه الاحتفال بالفوضى، وليُطلق عليه زورًا "الربيع العربي"، ولم يكن هذا النهج منفصلًا عن موقفهم من حرب أكتوبر ذاتها، فحين وصلوا إلى الحكم عام 2012، لم يحتفلوا بنصر أكتوبر كما يليق بمصر، بل احتفلوا باغتيال من صنع النصر، حيث جلسوا على المنصة التي اغتيل فيها الرئيس محمد أنور السادات، ودعوا قيادات تنظيم الجهاد — التنظيم الذي شارك في اغتياله — ليشاركوا في الاحتفال ذاته، لم يكن ذلك احتفالًا بالنصر، بل كان احتفالا بالثأر من صاحبه، احتفلوا لا بتحرير الأرض، بل بقتل من حرّرها.
اغتيال الذاكرة الوطنية... لا النصر وحده
وأوضح اللواء عزب أنه ما بين من ألغى الاحتفال باسم الشرع، ومن فجّر الوطن باسم الدين، يلتقي مشروعان على هدفٍ واحد: ألا تتذكّر مصر والعرب يومًا أنهم انتصروا، وألا يعودوا يوما إلى الإيمان بأن النصر ممكن. لكن التاريخ، كما أثبت دائما، لا يُمحى بقرار ولا يُطفأ بتفجير، لأن شعلة السادس من أكتوبر لم تشتعل في ساحات القتال فقط، بل اشتعلت في ضمير أمةٍ تعرف أنها إن انكسرت يومًا، فإنها لا تُهزم أبدًا
من إسقاط الوحدة إلى إلغاء الذاكرة
وتابع: لم يكن موقف النظام السوري اليوم، ولا موقف الإخوان في مصر، إلا امتدادا طبيعيا لسياسة قديمة تستهدف كسر الرابط بين مصر وسوريا منذ فشل تجربة الوحدة في أواخر الخمسينيات. ففي الوقت الذي كان فيه جمال عبد الناصر يؤمن بأن وحدة العرب هي الطريق إلى النهضة، كانت جماعة الإخوان المسلمين أول من تآمر على تلك الوحدة، وحرّض ضدها من الداخل والخارج. لم يغفروا لمصر أنها قادت مشوعا قوميا يعلو على رايات الجماعات، ولم يغفروا لسوريا أنها سلّمت قيادتها إلى رمز قوميٍّ لا ينتمي إلى طائفةٍ أو جماعةٍ بل إلى الأمة كلها، ومنذ ذلك الحين، ظل الحلم العربي في مرمى سهامهم، من إفشال الوحدة إلى محاولة تشويه النصر، ومن مقاومة القومية إلى اغتيال روحها.
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.