يُنتظر اليوم الاثنين إعادة فتح معبر رفح الحدودي في خطوة إنسانية متأخرة جدًا لتسهيل وصول المساعدات الغذائية والطبية وإجلاء الجرحى ..خطوة متأخرة لا يمكنها أن تمحو سنوات الألم والمعاناة التي عاشها سكان غزة تحت الحصار والتدمير الممنهج والصمت العربي المريب. المعبر شريان حياة، لكن فتحه لا يعالج حدة المعاناة ولا يوقف القتل المستمر الذي طال ويطال اهالينا البواسل الصامدين في غزة اصحاب الأرض الشرعيين ، فالوضع في ‹أرض العزة» اليوم مروع مفزع قاتل.. المدارس تحولت إلى ملاجئ مؤقتة، والمستشفيات تعمل بأقصى طاقتها بلا تجهيزات وطواقم طبية كافية، والدمار أتى على كل البنية التحتية من شبكات المياه والكهرباء إلى الطرق والمباني ، بل والاكواخ البالية الممزقة. البطالة استفحلت، والجوع أصبح خبزا يوميًا، والأطفال الأبرياء يعيشون الرعب والخوف كل لحظة بعد أن سرقت الحرب طفولتهم ، والنساء يتحملن أعباء القلق والخوف المضاعف بعد أن فقدن العزيز ، والأنقاض المترامية في الشوارع تخنق أي شعاع أمل، وتؤكد أن الحصار والتدمير سياسة متعمدة لإخضاع السكان وترحيلهم بالقوة .. بين أيتام فقدوا آباءهم ونساء فقدن أولادهن، تعيش العائلات حالة فزع دائم، بينما يكتفي المجتمع الدولي بالمراقبة دون اتخاذ أي إجراءات فعلية بعد أن تحول الصمت الغربي الى غطاء للعدوان، والبيانات العربية التي لا تقتل ذبابة الى فسحة للاحتلال لمواصلة جرائمه البشعة المروعة. فتح معبر رفح أو غيره من المعابر قبل فتح العيون على الجرائم البشرية يظل مجرد مسكن مؤقت..فتح لا يوقف القتل والعدوان ، ولا يعيد الأمن والأمان للمدنيين ، فغزة الصامدة التي باتت تحظى بدعم شعبي عالمي بحاجة اليوم إلى ضغط دولي فاعل وفوري لوقف العدوان كليًا ونهائيا وضمان إعادة الإعمار سريعًا لتأمين حياة كريمة لمن عاشوا الموت والجوع والتدمير، ففتح المعابر للدعم الغذائي والطبي مجرد حل مؤقت طالما استمر الكيان في همجيته وغطرسته، واستمر العالم في صمته، واكتفت الدول العربية امام الشاشات ونشرات الاخبار بالتصريحات الخاوية التي لا تغير واقع غزة وكل فلسطين الحبيبة. العدالة الإنسانية التي يتشدق بها الغرب والموالون لهم من العرب المسلمين تتطلب إجراءات حاسمة: حماية السكان المدنيين، ضمان حقوقهم الأساسية وأهمها حقهم في ارضهم وفي دولتهم ، وقبلها وقف أي سياسات خبيثة لإبقائهم تحت وطأة الخوف والفقر .. وعلى القوى التي لا تعترف بالحق وتوفر الغطاء السياسي أو العسكري للمعتدي أن تتحمل المسؤولية كاملة في استمرار هذه الجرائم التي لم تسجل لها دفاتر البشرية مثيلا.. غزة، التي صمدت في وجه الحرب الظالمة والشاهدة على أرواح أبنائها تُزهق ، وتحول مدنها إلى حطام وركام، وبيوتها إلى مقابر امام أعين مغلقة ، غزة هذه لا تنتظر فتح المعابر بل فتح الاعين على الحقائق والحق. فالعالم الذي يراقب كل هذه الجرائم بأعين مغمضة ودعم ظاهر وخفي للعدو الغاصب ، سيظل أعمى على الحق مادام ابناء العمومة يعانون من الرمد ويسعدون اليوم بفتح معبر مكان له ان يغلق أصلاً .. راشد شعور