هبة في شكل مجموعة معدات و تجهيزات لمدرسة علوم التمريض بجندوبة    الزيت التونسي الشبح في أوروبا ..ما حكايته ومن المستفيد من سلة الاتهامات ؟    عاجل/ فاجعة تهز هذه المنطقة..وفاة الأب ونجاة الرضيع..    عيد ميلاد 'جارة القمر' فيروز: 91 عاما من الموسيقى الخالدة    البرتقال... فاكهة المناعة القوية: متى وكيف نتناولها؟    أخبار النادي الافريقي...الطياشي ينال ثقة البنزرتي    إجراءات استثنائية اتخذتها 4 وزارات: بشرى لمنتجي القوارص والزيتون والتفاح    مع ... انزعوا سلاح المجرمين في السودان !    أيام قرطاج المسرحية: افتتاح بطعم العمالقة    حوار الأسبوع: الفنانة فادية خلف الله ل «الشروق» ...إتبعت الطريق الأصعب    حكاية أغنية: قصيدة «لا تكذبي» .. ألّفها كامل الشناوي بعد أن تجاهلته نجاة الصغيرة    تناغما مع خطة ترامب وبضمان أمني لأوكرانيا: أوروبا تتنازل لروسيا    انعقاد الدورة 29 للجنة الإفريقية للإحصائيات الزراعية المنضوية تحت منظمة "فاو" من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 بالحمّامات    تونس وكوبا: تأكيد متجدد على توثيق الشراكة في الصحة والتعليم والثقافة    ماهر الكنزاري: "الانتصار في افتتاح دور المجموعات سيمثل دافعا مهما في بقية المشوار"    عاجل: عمان تنتدب كفاءات توانسة ! شوف الاختصاصات    خبر سار لعشاق القهوة و السبب ترامب ؟    السرس تحتفي بزيت الزيتون    تحذير عاجل لمستخدمي "واتس آب".. ثغرة خطيرة تهدد مليارات الحسابات    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    عاجل : فرنسا تقلّص عدد موظفيها الدبلوماسيين في مالي...شنوا صاير ؟    مرّة في الأسبوع: انشر ''المخادد' للشمس...    اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    عاجل/ تراجع الثروة السمكية بنسبة 60% في هذه الولاية..    نائبة بالبرلمان لوزير التربية: الكتاب المدرسي للسنة الرابعة ابتدائي يطبّع مع المثلية ...وينك سيّد الوزير    عاجل/ قضية عبير موسي..هيئة الدفاع تكشف تطورات جديدة..    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    رسميّا: أربع قنوات تعلن نقل منافسات كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمجموعات    ماكرون يعبر عن استعداده لحوار جاد وهادئ مع تبون    المنتخب الوطني: قائمة المدعوين لخوض منافسات كأس العرب "قطر 2025"    وزير التشغيل يتفق ونظيرته الجزائرية على دراسة إمكانية إحداث أكاديمية مهن مشتركة في إحدى المناطق الحدودية    تدعو الى تعزيز التشريعات الوطنية لحماية الطفل    الويكاند : شوف برنامج مباريات الجولة 15 للرابطة المحترفة الأولى    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    شكون فاطمة بوش الفائزة بلقب ملكة جمال الكون 2025؟    قليبية: العثور على جثة مفقود داخل بئر في ضيعة فلاحية    ألعاب التضامن الاسلامي: تونس تحرز برونزية الفرق في سلاح السابر    عدنان الشواشي يكشف تفاصيل "البدعة التلفزية" ما بعد الثورة... ويثير موجة تضامن واسعة    وزير الشباب والرياضة يجتمع برؤساء وممثلي أندية الرابطة الثانية لكرة القدم    قبلي: نزول كميات هامة من الامطار على عدد من مناطق الولاية واستبشار الفلاحين بها    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    عاجل: المخدّرات وراء حرق 5 سيّارات بجبل الجلود    رابطة أبطال إفريقيا : تراكم الإصابات لا تثني الترجي عن البحث عن انطلاقة قوية أمام الملعب المالي    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    وزيرة الشؤون الثقافية تكشف ملامح الإصلاح الشامل للقطاع: مشاريع كبرى وهيكلة جديدة للتراث وخارطة وطنية للمهرجانات ضمن رؤية تنموية 2026–2030    مواعيد التأشيرات والرحلات للحجّاج التونسيين    10 سنوات سجنا لشاب نفّذ براكاج ضدّ سائق تاكسي في المروج    زلزال يهز هذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..خبر_عاجل    ممثّل عُمّال الحضائر جمال الزموري: القرار الأخير لتسوية الملفّ خطوة مهمّة... لكن    في مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية: انتقادات لضعف أداء القطاع الثقافي وتأخر البرامج والمشاريع    وزير التربية : الإصلاح التربوي في تونس سيقوده المجلس الأعلى للتربية بعيدا عن الرؤى الفردية والظرفية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع ... انزعوا سلاح المجرمين في السودان !
نشر في الشروق يوم 21 - 11 - 2025

بعد أسابيع طويلة من واحدة من أفظع حروب الإبادة التي شهدتها القارة الإفريقية في العصر الحديث، بدأ العالم، متأخّرا، في استيعاب حجم المأساة الإنسانية التي تضرب السودان منذ اندلاع المواجهات الدموية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي حرب لم تعد صراعا على السلطة بقدر ما تحوّلت إلى محرقة مفتوحة ضد المدنيين العزّل، يدفع ثمنها شعب مسالم وجد نفسه رهينة جنرالات يتصارعون على النفوذ، فوق أنقاض وطن تتقاذفه المصالح والحسابات الداخلية والخارجية .
وفي ظل هذا المشهد القاتم، أعلن الرئيس الأمريكي، عقب لقائه بولي العهد السعودي، نيته التحرك لوقف النزاع والبحث عن صيغة لاحتواء الأزمة وتقاسم النفوذ بعيدا عن إراقة مزيد من دماء الأبرياء، في خطوة تثير أملا حذرا بإمكان تهدئة لهيب الصراع المستعر قبل أن يبلغ نقطة اللاعودة أي قبل ان يتم تقسيم السودان مثلما بشّر بذلك بعض عرابي مشروع تفكيك المنطقة الى دويلات متحاربة ...
فالسودان، ذلك البلد الذي ظل لقرون نموذجا نادرا للتنوع الثقافي والتعايش الديني والامتداد الحضاري العميق، أصبح اليوم مسرحا مفتوحا لوحشية لا توصف، حيث ترتكب مجزرة تلو الأخرى، وتمحى بعض القرى عن الخريطة، ومدن تتحول إلى أطلال يخيّم عليها شبح الموت والخوف... وقد تصدّرت ميليشيات الدعم السريع مشهد هذه الجرائم، بعدما غرقت في مستنقع من الانتهاكات المروعة، من قتل جماعي في الشوارع واغتصاب ممنهج للنساء والفتيات، وإعدامات ميدانية للجرحى في المستشفيات، إضافة إلى حصار وتجويع للمدنيين، وتهجير قسري لمئات الآلاف، حتى باتت صور الفاشر ودارفور تختصر فداحة العصر وانكسار الضمير الإنساني الذي انكشف سابقا في العدوان على غزة وسقطت عنه كل الاقنعة .
فالسودان اليوم يجسّد عربدة حقيقية للأطراف الخارجة عن القانون، والتي تريد افتكاك السلطة والنفوذ بكل الطرق والسبل، حتى وإن كلف ذلك إبادة من يقف في طريقهم من مدنيين عزل، حيث تعبث هذه الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والمدججة بأحدث الأسلحة والمموّلة من أطراف دولية بمصير شعب بأكمله دون رادع.
صحيح أن بعض التصريحات الأمريكية الأخيرة، وعلى رأسها إعلان وزير الخارجية عن ممارسة ضغوط على الجهات التي تزوّد قوات الدعم السريع بالسلاح، توحي بوجود تحوّل في الموقف الدولي، غير أنّ الشك يظلّ قائما حول جدّية هذه الوعود وقدرتها على ترجمتها إلى خطوات ملموسة على الأرض. فالتجارب السابقة علمتنا أن البيانات وحدها لا توقف المجازر ولا تنقذ الأرواح.
إنّ المجتمع الدولي بات أمام اختبار أخلاقي وتاريخي حاسم خاصة بعد تصريح ترامب الذي وعد بوقف المأساة ، فإما أن يتحمّل مسؤوليته في نزع سلاح هذه الميليشيات الإجرامية ومحاسبة قادتها على جرائم الحرب التي ارتكبوها، أو يترك السودان ينزلق نحو سيناريو أكثر قتامة، يشبه ما عرفته دول تمزّقت بالحروب والتدخلات الخارجية، وانتهت إلى الخراب والتقسيم والفوضى المستدامة... فالوقت لم يعد يسمح بالمناورة أو التسويف، وكل يوم تأخير يعني مزيدا من الدماء، ومقابر جديدة، وأطفالا آخرين يولدون في قلب المأساة، وعليه فإن إنقاذ السودان يبدأ بخطوة واضحة وجريئة، وهي نزع سلاح المجرمين قبل أن يدفن الوطن كله تحت ركام الصمت والتواطؤ .
ناجح بن جدو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.