الأيام الشعرية محمد البقلوطي التي احتضنتها مدينة صفاقس خلال نهاية الأسبوع الفارط، تمكنت من جلب أكبر الأسماء على الساحة الوطنية سواء لقراءة آخر وأحلى ابداعاتهم الشعرية أو لمناقشة المحور الرئيسي للتظاهرة «الشعر التونسي وأشكال الكتابة الجديدة». الشعراء والأدباء والنقاد الذين سجلوا حضورهم كانوا فعلا من خيرة ما أنجبت البلاد، ويكفي ذكر الصغير أولاد أحمد أو المنصف المزغني أو بلقاسم الثليجاني أو سويلمي بوجمعة أو نورالدين بوجلبان أو عبد الجبار العش أو أحمد الشايب أو نزار شقرون أو زهير بن حمد أو الهادي التليلي أو المولدي فروج أو فوزية العلوي وغيرهم من فرسان القافية. ويكفي كذلك ذكر محمد البدوي أو محمد بن حمودة أو عثمان بن طالب أو خالد الغريبي أو حافظ قويعة أو الطاهر الهمامي أو المنصف الوهايبي لفهم قيمة المحاضرات والتدخلات. لكن هل تدري أن هذه الأيام التي احتضنها أحد النزل بعاصمة الجنوب وحضرها هؤلاء مما ذكرنا ومما لم نذكر لم تكلف المنظمين أكثر من 4 آلاف و400 دينار.. نعم فقط 4 آلاف و400 دينار لإقامة وتنقل 50 مبدعا. ومن وراء هذه الدنانير القليلة قد نفهم قدرة المنظمين على التحكم في المصاريف، لكن قد نعي جيدا كذلك أن الفكر والأدب والشعر لم يعد مكلفا بالمرة أمام آلاف الدولارات التي تتحصل عليها شيرين أو أمل حجازي أو حسن الأسمر لاحياء سهرة واحدة ملؤها النشاز والدلال. فهل تراجعت أهمية الفكر والكلمة أمام اللحن والرقص على وحدة ونصف؟ نطرح السؤال ونعتذر للجهات المنظمة للأيام الشعرية محمد البقلوطي عن كشفنا «للكلفة» التي لم نعمل بالمرة على «التحفير» لمعرفتها، بل عرفناها لما علمنا أن المنظمين وجدوا صعوبة كبرى في جمعها ربما أكبر من الصعوبة في لمّ شمل كل هؤلاء المبدعين لإعادة اعتبار للكلمة والفكر.