دأب اتحاد الكتاب التونسيين منذ سنوات على اصدار منشورات عديدة تعتني بالنقد والفكر، والابداع بشتى فروعه، وتهدف الى التعريف بالابداعات الفكرية والأدبية التونسية وتعزّز اشعاعها وطنيا وقوميا ودوليا.. وقد أنفق الاتحاد في هذا الشأن مبالغ مالية تفوق المائة ألف دينار. آخر منشورات اتحاد الكتاب التونسيين في هذا المجال، كتاب قيّم المحتوى، أنيق الشكل والطّباعة، جاء تحت عنوان: «في الشعر التونسي الحديث» وهو كتاب نقدي قدّم له الدكتور أحمد الودرني، وتناول بالبحث الأكاديمي/ الموضوعي، المدوّنة الشعرية التونسية من خلال ابداعات 17 شاعرا، وهم: المنصف الوهايبي، الميداني بن صالح، محمّد الغزّي، محمد الهاشمي بلوزة، المنصف المزغنّي، الصغير أولاد أحمد، عمّار النميري، عبد الكريم الخالقي، سويلمي بوجمعة، عادل الجريدي، مراد العمدوني، محمّد الهادي الوسلاتي، حسن بن عبد اللّه، محمّد الخالدي، عبد الوهاب الملوّح، محمّد علي الهاني، وأحمد اللّغماني. خاصّيات... ودلالات وقد اهتمّ الباحثون الجامعيون، في هذا الكتاب، بالخاصيات الفنية والدلالات للشعر التونسي الحديث تحديدا، والمعاصر عموما.. وهؤلاء الباحثون هم، من تونس: محمد الباردي، أحمد الودرني، خالد الغريبي، ابراهيم الدرغوثي، عثمان بن طالب.. ومن الجزائر: شادية شقروش.. ومن سوريا: عبد اللّه أبو هيف. وممّا جاء في «الإضاءة» التي تصدّرت هذا المؤلّف، والتي كتبها الأستاذ الميداني بن صالح رئيس اتحاد الكتاب التونسيين: «إن هذا الإنجاز الإضافة يمثل مكسبا جديدا لإبداعنا التونسي، بحثا وتقويما، نقدا وتوثيقا».. ودعا رئيس الاتحاد النقاد والجامعيين إلى مزيد الاهتمام بإبداعنا التونسي فرزا وتقويما وبحثا ونقدا بصورة علمية وموضوعية حتى يتبيّن لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وزهور البساتين والواحات العطرة من الزهور البلاستيكية التي تعرض للبيع على أرصفة الشوارع والساحات العامّة».. زهرة فيحاء هذا الكتاب القيّم زهرة فيحاء ذكيّة تورق في مشهدنا الابداعي، وهو خطوة جديدة نتمنى أن تتلوها خطوات أخرى لإذابة الجليد وتقليص مساحة «النفور» بين النقاد والجامعيين من جهة، والمبدعين التونسيين من جهة ثانية.. فمنذ زمن ليس بالبعيد كان نقّادنا ينظرون إلى مشهدنا الشعري وكأنه أبو القاسم الشابي فقط، فتناولوه بالدرس والتحليل والتمحيص حتى استهلكوه و»أهلكوه» نقدا وتقويما وبحثا.. ويبدو أن نقّادنا وجامعيينا، اقتنعوا اليوم، بأن ساحتنا الابداعية، والشعرية منها بالخصوص، تستحقّ العناية والاهتمام، حيث تزهر وتورق فيها أصوات شعرية جيدة وجادة تفوق بكثير الأصوات القادمة إلينا من المشرق العربي.. إنّ هذا الاصدار الجديد لاتحاد الكتاب التونسيين (في الشعر التونسي الحديث)، كتاب نقدي مهمّ، ووثيقة هامة جديرة بالاطلاع عليها، والسّفر بين سطورها وتحاليلها..