تعتبر الفنانة الممثلة حليمة داود من أبرز الوجوه المسرحية في تونس، فهي تجرب طويلة وتاريخها الفني حافل بالاعمال والادوار الناجحة. برعت في تقديم لأدوار المركبة، وتألقت في الادوار والشخصيات الناطقة بالعربية بالفحصى، كما في الشخصيات الناطقة باللهجة الدارجة. كفاءة الفنانة حليمة داود ليست موضع شك، ولا أدل على ذلك من جائزة أفضل ممثلة عربية التي أحرزت عليها مؤخرا في مهرجان المسرح الاردني عن دورها في مسرحية «أنتقون»... عن هذه الجائزة وبقية الجوائز التي فازت بها المسرحية، وعن مشاغلها ومشاريعها المسرحية كان هذا الحوار مع الفنانة القديرة حليمة داود. * بداية، تقييم الفنانة حليمة داود لمشاركة مسرحية «انتقون» في مهرجان المسرح الاردني؟ أولا، أريد تقديم شكري وشكر زملائي لوزارة الثقافة على الدعم الذي قدمته لنا، فلولا هذا الدعم لما تمكنا من المشاركة في هذا المهرجان.. أما عن المشاركة في حد ذاتها فأعتبرها ناجحة على أكثر من صعيد، لكن قبل الحديث عن النجاح، أريد الاشارة والاشادة بالاستقبال الحار الذي وجدناه من الاخوة في الاردن كذلك بالتنظيم الجيد للمهرجان. * وماذا عن أصداء عرض «انتقون»؟ على الرغم من ان المسرحية قدمت في مناسبة واحدة فإنها لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا حيث غصت القاعة بالجماهير وكان للمسرحية الصدى الطيب لدى النقاد والمختصين والجماهير، وقد قال النقاد بعد عرض «انتقون» ان المهرجان انطلق فعليا مع هذا العرض، مع العلم ان عرضنا مبرمج ليوم 9 ديسمبر والمهرجان انطلق يوم 5 من ذات الشهر. هذا النجاح يعود الفضل فيه الى كل الذين تعاونوا وعملوا في المسرحية، المؤلف سمير العيادي والمخرج منير العرقي وزملائي من الممثلين أحمد بن معاوية ونبيلة ويدر وعبداللطيف خيرالدين ومحمد علي دمق ونجاة بالكيلاني. * فزت بجائزة أفضل ممثلة، لكن ثمة جوائز أخرى؟ هذا صحيح فقد تحصلت المسرحية على جائزة أفضل نص، وجائزة أفضل ممثل لأحمد بن معاوية، وجائزة أفضل ممثلة دور ثان لنبيلة ويدر. * وهل كنت تنتظرين ان تفوز المسرحية بكل هذه الجوائز؟ كنا ننتظر ان نفوز ايضا بجائزة العمل المتكامل، لكن لجنة التحكيم رأت حجب هذه الجائزة. * جائزة أفضل ممثلة، هل هي أول جائزة من هذا الحجم؟ على المستوى العربي هذه أول مرة أفوز فيها بجائزة أفضل ممثلة، لكن في تونس فزت بعديد الجوائز... * وماذا تمثل بالنسبة لك هذه الحصيلة من الجوائز التي فازت بها «انتقون»؟ هي دافع للعمل وحافز لمزيد التألق والنجاح، وقد جاءت في مرحلة حساسة من تجربتي. * ماذا تقصدين بمرحلة حساسة؟ لا أخفي ان المسرح التونسي يمر بفترة صعبة رغم النجاح والتفوق على المستوى العربي، مسرحنا هجره الجمهور، وشبكة توزيعه ضاقت الى أبعد الحدود، وهذا ما يجعلنا نشعر بالاحباط، فما الفائدة من انجاز أعمال لا تروّج ولا تشاهدها الجماهير؟! * وهل هناك مصاعب أخرى تواجهكم كمسرحيين؟ نحن نواجه مصاعب متعددة كمؤسسات خاصة لعل أولها مشكل الفضاءات، فنحن نقوم برحلة شاقة للعثور على فضاء لاجراء التمارين وانجاز اعمالنا، فمسرحية «انتقون» مثلا لم تكن لترى النور لو لم يسخر لنا الفنان المنصف السويسي فضاء دار الثقافة ابن رشيق للقيام بالتمارين اللازمة لانجاز العمل. مشكل الفضاء يطرح أيضا في العروض، فالقاعات لا تتوفر على التجهيزات اللازمة وهو ما يجبرنا على تقديم تنازلات فنية قد تضر بالعمل. * نعود الى مشكلة غياب الجماهير، برأيك ما هي الأسباب التي أدت الى هذه الظاهرة؟ باعتقادي الأسباب متعددة ومختلفة، لعل أبزها ميل الجماهير الجارف الى الاعمال الضاحكة والهزلية، واستكانة بعض الفنانين الى مثل هذه النوعية في حين ان ثراء المسرح في تنوعه فنحن في حاجة الى مسرح ضاحك لكنه جاد فنيا، ومسرح آخر يطرح قضايا بشكل جدي ويتفاعل مع واقعنا العربي المتردي. * وهذا التوجه هو الذي تبناه «مسرح الشراع»؟ نعم، لقد آلينا على أنفسنا ان نقدّم مسرحا جادا وجيدا ليساهم في التأسيس لمسرح تونسي وعربي. * هل من فكرة عن أعمال «مسرح الشراع»؟ باكورة انتاجنا كانت مسرحية «المريول» تأليف محمود ذياب، اخراج المرحوم الهادي داود، ثم «بوبة وشيبوب» نص واخراج المرحوم الهادي داود، ثم «عشوية عسل» من تأليفي، في رصيدنا ايضا «موندو» اخراج منير العري، و»ميديا أنا» و»عربائيل» و»زينب» نص واخراج حليمة داود، وأخيرا «انتقون» نص سمير العيادي واخراج منير العرقي. * لقاءاتك مع منير العرقي في الاخراج وسمير العيادي في التأليف تكررت..؟ نحن نعمل ضمن مجموعة متكاملة ومتجانسة، هناك احترام متبادل والتقاء على المستوى الفكري والفني. * وماذا بعد «انتقون»؟ نحن بصدد الاعداد لعمل جديد سيرى النور ان شاء الله مع بداية الصيف المقبل، وقد قطع الكاتب سمير العيادي أشواطا في كتابة النص، وإن شاء الله سنقدم ملفا للدعم في الآجال المحددة. * حتى نلتقي مجددا، بماذا تختم الفنانة حليمة داود هذا اللقاء؟ اختمه بتقديم شكري الجزيل لوزارة الثقافة التي قدمت كل الدعم لمسرح الشراع، ووجدنا منها كل التشجيع، كذلك مؤسسة الاذاعة والتلفزة التونسية التي قدمت لنا المساعدة ولم تتأخر في دعمنا، وكذلك وسائل الاعلام المكتوبة التي اهتمت بأعمالنا، وبما اننا نستقبل عاما جديدا بعد أيام قليلة أقدم أحر التهاني لزملائي الفنانين، ولكل الشعب التونسي.