العطاء الفني لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل هو ايضا يشمل المجموعات والفرقالتي تعمل طيلة الموسم ولعل عطاء هذه المؤسسات الفنية أهم وأكثر غزارة من عطاء الأفراد. وعندما نتحدث عن الرق أو المؤسسات فإننا لا نعني تلك التي تنشط في مجال الغناء ولكن أيضا في مجال المسرح بقطاعيه العام والخاص.. وعلى غرار الأفراد هناك مؤسسات فنية تميزت خلال عام 2004 وكانت لها اضافات وأثرت الساحة الفنية بأعمالها. فرق موسيقية بالنسبة للفرق الموسيقية يمكن القول ان الامتياز يبقى للفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة الفنان عبد الرحمان العيادي، فهذه المؤسسة قدمت خلال عام 2004 أكثر من عرض متميز، وكانت حاضرة في أكبر المناسبات. الفرقة الوطنية للموسيقى قدّمت عرض افتتاح مهرجان قرطاج الدولي الذي كان تكريما للفنان الراحل خميس ترنان، كما قدمت الفرقة عرضا متميزا شكل الحدث الفني، ونقصد العرض الخاص بفقيدة الفن التونسي الفنانة الراحلة ذكرى محمد. كما ساهمت هذه المؤسسة الفنية بقسط كبير في انجاح حفل الفنانة علياء بلعيد، كما كانت لها عدة مشاركات في المهرجانات الصيفية، وحضور فاعل في عدة تظاهرات ثقافية بالخارج لعل آخرها الحفل المتميز الذي أحيته الفرقة بدار الأوبرا بالقاهرة. اضافة الى الفرقة الوطنية للموسيقى يمكن ذكر فرقة المعهد الرشيدي الذي عملت طيلة الموسم وكانت لها مواعيد منتظمة مع جمهورها، وقدمت الكثير من الانتاجات الجديدة، هذا الى جانب عملها المتواصل من أجل الحفاظ على الموروث الموسيقي التونسي. قطاع عام في القطاع المسرحي المسألة تختلف حيث كان الامتياز حليف أكثر من فرقة ومؤسسة، ولعل في مقدمتها المركز الوطني للفنون الركحية والدرامية بالكاف الذي يقوم بعمل كبير من اجل اثراء الساحة المسرحية وكان حاضرا في كل المواعيد والمناسبات الكبرى ولم يقتصر عمله على انجاز الاعمال بل يتجاوز ذلك ليقيم التظاهرات المسرحية التي استقطبت جماهير غفيرة، وشكلت محطات بارزة في الحياة المسرحية، ومنها تظاهرة «24 ساعة مسرح» وتظاهرة «المسرح يحتفل بالسينما» هذا اضافة الى الجولة التي قام بها المركز في جل ولايات الجمهورية من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها وقدّم خلالها أعمالا بارزة مثل «فوتوكوبي» و»المنسيات» التي يتواصل عرضها منذ سنتين أو أكثر. المسرح الوطني التونسي تألق هو أيضا هذا العام وان كان انتاجه محتشماعلى مستوى الكم، لكن تقديمه لباكورة انتاج المدرسة الوطنية لفنون السرك ونقصد عرض «الحصاد الجميل» جعله يبرز هذا العام، ويصنع الحدث باعتبار ان العرض يعتبر الاول من نوعه في تونس (انتاج محلي). مسرح خاص الى جانب هاتين المؤسستين لنا ان نذكر مجموعة «مسرح الشراع» التي تميزت خلال عام 2004، وذلك من خلال فوزها بأغلب جوائز المهرجان العربي للمسرح بالاردن عن مسرحيتها «أنتيقون» تأليف سمير العيادي واخراج منير العرقي، حيث فازت هذه المسرحية بجائزة أفضل ممثلة دور أول (حليمة داود) وجائزة أفضل ممثل دور أول (أحمد بن معاوية) وجائزة أفضل نص لسمير العيادي، وجائزة أفضل دور ثان. من المتميزين خلال عام 2004 مسرحيا الفنانة زهيرة بن عمار الذي كانت حاضرة بامتياز في المهرجانات الصيفية وغيرها من المناسبات بعرضها «سنديانة» التي تعرض هذه الايام في اطار فعاليات مهرجان الاسكندرية، وتنتظرها جولات في الكوت ديفوار وايطاليا وغيرها. واذا كنا ركّزنا على هذه المؤسسات الانتاجية، فإن فضاءات ثقافية أخرى ساهمت مساهمة فعالة في اثراء الساحة الفنية والثقافية لعل في مقدمتها فضاء «التياترو» الذي قدّم أعمالا وأقام تظاهرات صنعت الحدث، كذلك فضاء «الحمراء» الذي يعتبر من الاقطاب الثقافية والفنية الهامة في تونس وله اسهامات في الحركة الثقافية لا يمكن تجاهلها. بهذه الحوصلة لمساهمات المؤسسات الفنية في اثراء الساحة الفنية أردنا انصافها خصوصا وان الاستفتاءات والتقييمات تركّز في غالب الاحيان على الأفراد و»نجوم» الساحة الفنية.