نفى الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لاري دي ريتا أن تكون زيارة وزيره دونالد رامسفيلد إلى العراق عشية عيد الميلاد للبحث عن دعم سياسي في مواجهة حملة الانتقادات الواسعة التي يتعرض لها التي وصلت إلى حد المطالبة باستقالته وقال دي ريتا أن رامسفيلد استهدف من زيارته إظهار دعم الولاياتالمتحدة للقوات الأمريكية التي تحتل العراق. وكان رامسفيلد عرضة لحملة انتقادات من بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي ومنظري تيار المحافظين الجدد المتطرفين الذين اتهموه بعدم امتلاكه لاستراتيجية لمرحلة ما بعد احتلال العراق. وتقول مصادر أمريكية مطلعة أن هناك تفهما لدى مساعدي وأنصار رامسفيلد داخل وخارج البنتاغون لانتقادات الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس، ولكن ما أثار رامسفيلد وأنصاره إلى حد الشكوى بمرارة إزاء حملة المحافظين الجدد التي طالب أبرز منظريهم وهو ويليام كريستول باستقالة رامسفيلد. وذكر المعلق الأمريكي البارز الذي ينتمي إلى اليمين الجمهوري المحافظ، روبرت نوفاك أن الحديث عن مصير رامسفيلد لم يبدأ بحدة إلا بعد أن نشر كريستول مقالا في الثاني عشر من ديسمبر الماضي في صحيفة واشنطن بوست طالب فيه باستقالة رامسفبلد قائلا بأن القوات الأمريكية في العراق «تستحق وزير دفاع أفضل من الذي لدينا الآن». مناورة جديدة ويشعر زملاء رامسفيلد في البنتاغون بالحنق لأنهم يعتبرون كريستول ناشطا سياسيا ماهرا في التأثير والسيطرة على الآخرين لصالحه، وأنه أخذ ينتقد الحرب الأمريكية على العراق بعد سنوات من الدعوة لشنها واحتلال العراق. ولكن انتقاده له قاعدة عريضة. وتعتقد مصادر مطلعة أن المحافظين الجدد المتطرفين الذين أججوا الحرب على العراق وعلى المنطقة العربية بالدعوة إلى تبني حكومة بوش استراتيجية إعادة صياغة الجغرافيا السياسية للمنطقة بحيث تكون نقطة الانطلاق في تنفيذ هذه الاستراتيجية احتلال العراق يسعون باعتبارهم يشكلون القيادة المدنية للبنتاغون إلى التنصل من مسؤوليتهم عن زج البلاد في مغامرة غير شعبية لاحتلال العراق بدون أن يكون لديهم خطة واستراتيجية. ولذلك فإن من المهم الإفصاح عن مواقفهم الآن بعد أن أخذت الحرب تتلاشى بسبب الطريقة التي اتبعها رامسفيلد في خوض تلك الحرب. ويقول نوفاك أن رامسفيلد غالبا ما يربط بالمحافظين الجدد إلا أن ذلك غير صحيح. ففي حياته السياسية الطويلة والتي تعود إلى فترة انتخابه عضوا في مجلس النواب في عام 1962 لم يكن مرتبطا حتى بالحركة المحافظة الأمريكية التقليدية. وفي مرحلة الاستعداد للحرب على العراق لم يكن يضغط بصورة هجومية للتدخل بقوة السلاح، بل إنه كان بدلا من ذلك يقوم بصياغة رد عسكري ليناسب أمر الرئيس جورج بوش. مهمة رامسفيلد غير أن مطلعين يؤكدون عكس ما يذهب إليه نوفاك حيث يؤكدون أن ممارسات رامسفيلد في التعيينات داخل البنتاغون تؤكد ميله إلى المحافظين الجدد وأفكارهم، فهو قد عين ريتشارد بيرل رئيسا لمجلس سياسة الدفاع، كما عين صديقه، كينيث أدلمان عضوا في المجلس، وهو مؤسسة استشارية للوزير، وكلا من بيرل وأدلمان من أبرز منظري المحافظين الجدد الذين دعوا إلى احتلال العراق وقد اكتسب أدلمان سمعة سيئة لأنه وعد بأن يكون غزو العراق «مهمة سهلة» إلا أنه في أعقاب تصاعد المقاومة العراقية وفشل قوات الاحتلال في ضبط الوضع الأمني وتصاعد الخسائر في صفوفها، سرعان ما بدأ بانتقاد التخطيط للحرب في العراق دون أن يذكر رامسفيلد بالاسم. وقال أدلمان في الثلاثين من أفريل الماضي أن «سوء التقدير» قد جرى في التخطيط للحرب لأن العملية في العراق «قد ازدادت سوءا بأكثر مما توقعنا قبل عام.» وفي الثامن من جوان الماضي قال إنه «كان هناك فشل كثير» مضيفا أن «عملية اجتثاث البعث وطرد الجيش كان يمكن أن نقوم به بشكل أفضل» وفي الثامن من نوفمبر الماضي قال إن الفشل في إخراج الثوار من الفلوجة كان «قرارا خاطئا». وخلافا لأدلمان فإن كريستول ربط الثغرات في تكتيكات الحرب على العراق مباشرة برامسفيلد. ففي مقال نشره في مجلته «ويكلي ستاندرد» في السابع عشر من نوفمبر الماضي هاجم رامسفيلد لإرساله قوات غير كافية إلى العراق وقال إن «رامسفيلد يظل بصورة دوغماتية ملتزما بقوة أصغر.» ويعتقد نوفاك أن رسالة المحافظين الجدد هي أن الحرب على العراق ليست خطأ، ولكنها أديرت بصورة سيئة. وفي الوقت الذي لا يلقي أدلمان باللوم على صديقه رامسفيلد إلا أن محاسبة وزير الدفاع ضمنية. وإن دعوة كريستول لإقالة رامسفيلد تزيح الذنب عن أولئك الذين دقوا طبول الحرب على العراق.