أطاحت الخلافات داخل حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش حول مسؤولية الحرب على العراق بأحد أبرز مهندسيها، وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للشؤون السياسية دوغلاس فيث. فقد أعلن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد أن فيث أبلغه عزمه على الاستقالة في الصيف المقبل لأسباب قال إنها شخصية. غير أن مصادر مطلعة أكدت أن فيث الذي يعتبر أحد أبرز منظري المحافظين الجدد الموالين لإسرائيل كان منذ فترة في دائرة الضوء بسبب الخلافات حول تحمل المسؤولية عن الإخفاقات في الخطط المعدة لاحتلال وإعادة إعمار العراق وخاصة في ضوء تصاعد الخسائر في صفوف قوات الاحتلال الأمريكي من جراء زيادة قوة المقاومة العراقية. وقد حظي فيث الذي يقول منتقدوه أنه يفتقد لأي خبرة عسكرية، بكراهية عالية في أوساط كبار العسكريين الأمريكيين إلى حد أن القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية الذي قاد الحرب على العراق الجنرال المتقاعد تومي فرانكس اتهم فيث بسوء تقدير المقاومة في العراق ووصفه بأنه «أغبى رجل على وجه الأرض». وقال فرانكس في مذكراته التي نشرها العام الماضي أن «فيث رجل نظريات غالبا ما تكون أفكاره غير قابلة للتطبيق عمليا.» وقد تساءل معلقون وسياسيون إن كان خبر استقالة فيث بداية انحسار نفوذ المحافظين الجدد في البنتاغون. إلا أن آخرين يعتقدون أن فيث ليس سوى كبش فداء لترتيب أوضاع البنتاغون تحت سيطرة المتشددين. ويتولى فيث من مكتبه في البنتاغون الإشراف على كل صغيرة وكبيرة في إعادة إعمار العراق، بدءا من الذين يحصلون على مياه جارية وانتهاء بعدد الأسلحة التي يستطيع العراق امتلاكها. فالقرارات المهمة الخاصة بالعراق ومستقبله مرتبطة باستراتيجيات البنتاغون الكبيرة. وتعرض البنتاغون في معالجته لإعادة إعمار العراق إلى حملة من الانتقادات الشديدة بلغت ذروتها في تشكيل الرئيس الأمريكي جورج بوش لمجموعة برئاسة مستشارته السابقة للأمن القومي كوندوليسا رايس التي أصبحت وزيرة للخارجية اعتبارا من يوم الخميس. غير أن البيت الأبيض يصر بأن البنتاغون لا تزال هي الجهة المسؤولة في الوقت الذي تواصل فيه تعهدها بالتعاون مع الوزارات والوكالات الحكومية الأمريكية الأخرى. وقد اشتدت الحملة على فيث في أعقاب فضيحة التجسس الإسرائيلي الأخيرة في البنتاغون التي اتهم فيها لورنس فرانكلين وهو أحد العاملين في مكتب فيث، حيث جرى التحقيق مع فيث بهذا الشأن، خاصة وأن فرانكلين كان أحد العاملين في مكتب الخطط الخاصة الذي أسسه فيث في عام 2002 للعمل حول سياسة غزو العراق بتزويد البنتاغون ومكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بمعلومات استخبارية مغايرة لما تقدمه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) لتبرير غزو العراق. وكان العضو الديمقراطي المؤيد للحرب على العراق، في مجلس النواب الأمريكي، جون مورثا قال «لقد كانت هناك حسابات خاطئة جدية في التخطيط لما بعد الحرب، والثمن الذي نقوم بدفعه هو في الحقيقة ثمن باهظ، ولكن المهندسين لهذا الانتشار العسكري لم يدفعوا مع ذلك أي ثمن.» ويجسد فيث، وجهة النظر الأسود والأبيض عن العالم، المسيطرة على تفكير البنتاغون والبيت الأبيض منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. والتي تقسم العالم إلى معسكرين: الخير والشر. وقد تركت موجة الانتقادات الأخيرة فيث البالغ من العمر 51 عاما، بصورة خاصة عرضة للانتقاد المتزايد لأنه كان باستمرار هدف الغاضبين من البنتاغون. وقد اشتكى منتقدوه من أنه كان مستشارا لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق المتطرف بنيامين نتينياهو وقد استقى معلوماته عن المنطقة من خلال دفاعه عن الكيان الصهيوني. وقال جيمس زغبي إن سياسات فيث برزت من وجهة نظر إزاء العالم تضع الأخيار ضد الأشرار ومن رغبة في إعطاء شارون فرصة أكثر للتنفس. كما لقيت سياساته الدفاعية بشأن الاتفاقيات الدولية وخاصة الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية الموقعة عام 1972 انتقادات واسعة داخل الكونغرس الأمريكي.