أبدى جنود أمريكيون تردّدهم حيال الذهاب إلى العراق مؤكدين أن هذه المهمة تنطوي على قدر كبير من الخطورة ذلك أن العراق بات أشبه ب»الكابوس».. ورأى محللون سياسيون في هذا الصدد أن العراق «حطّم» أسطورة الجندي الأمريكي الذي كثيرا ما صورته الولاياتالمتحدة على أنه ذلك «الجندي الذي لا يقهر». ونقلت صحيفة «هيرالد تربيون» الأمريكية جانبا من الأجواء التي يعيش على وقعها عدد من الجنود الأمريكيين الذين يستعدون للعودة إلى العراق. مخاوف... أمريكية ونقلت الصحيفة عن العريف ألكسندر غارسيا قوله في هذا السياق «لقد اعتقدت أن الجيش الأمريكي كان كبيرا بما فيه الكفاية بحيث تكون الوحدة العسكرية التي تخدم في إحدى المناطق مستبعدة تماما من العودة إليها مرة ثانية على الأقل حتى تبدأ أوضاع أخرى مختلفة تماما». وأضاف «لكن ظنّي كان خاطئا تماما فها أننا نعود إلى كابوسنا مرّة ثانية ونتعرض للموت في كل يوم». ويضيف غارسيا (20 عاما) «إني أعلم أن هذا هو واجبي ولا بدّ أن أعود الى الخدمة في العراق ولست نادما على ذلك لكن ينتابني الشعور بأنني لم أؤدّ ما كان يجب عليّ القيام به»، وتابع قائلا «إن شعورا كبيرا انتابني بأني ربما لا أعود إلى عائلتي مرّة ثانية». وأوضح «لقد كنت أجهّز نفسي للعودة الى الاستقرار ولممارسة نشاطاتي ولكنني أجد نفسي معرّضا لخوض أمواج عدم الاستقرار مرّة ثانية.. إنني ربما أفقد الاستقرار للأبد». ونقلت الصحيفة ذاتها عن ألكسندر غارسيا قوله أيضا «في المرة الأولى التي أرسلت فيها إلى العراق لم أكن أعرف شيئا عن حقيقة الأوضاع هناك لكنني الآن وأنا أتجهّز للذهاب مرة ثانية في جانفي القادم أعرف ما أنا مقبل عليه لذلك فإن الأمر بالنسبة إليّ خطير.. لأنني أعرف ما الذي ينتظرني من مخاطر وكوابيس هناك». ويقدّر مسؤولون في الجيش الأمريكي و»المارينز» من جهتهم هذه المخاوف التي يبديها عدد من الجنود الأمريكيين حيال العودة الى العراق لكنهم يعتبرون أن الوضع تغيّر بكثير بحيث أن الجنود يبقون سبعة أشهر في أية مهمة في مناطق الخطر على أن يعودوا إلى ديارهم لمدة 7 أشهر إلى حين استدعائهم ثانية. وقال الجنرال دان مسويني، الناطق باسم مشاة البحرية «رغم كل شيء فإنني أعتقد أن المسؤولين العسكريين يقدّرون مدى أهمية الفترة التي يبقى خلالها جنودنا مع عائلاتهم أو في قواعدهم العسكرية». رهان... خاسر وبالنسبة إلى بعض المحلّلين العسكريين والسياسيين فإن مثل هذا «التململ» الذي يبديه الجنود الأمريكان حيال العودة إلى العراق يعكس في الواقع حقيقة مفادها أن الجندي الأمريكي أصبح «رهانا خاسرا» بالنسبة الى الإدارة الأمريكية. ورأى محللون في هذا الصدد أن حالات فقدان التوازن والتردد والتخبط التي يعيشها الجنود الأمريكيون خصوصا في العراق وأفغانستان تؤكد أن الجيش الأمريكي بات عاجزا عن العيش خارج بلاده فضلا عن أجواء الخوف من المجهول وعدم الشعور بالمسؤولية التي اعتاد عليها الجنود الأمريكان. وحسب المحللين ذاتهم فإن هذه الحالة ظهرت منذ تولّي جورج بوش الإبن مهامه في رئاسة الولاياتالمتحدة لكنها ما فتئت تتجلّى بأكثر وضوح منذ غزو العراق وأفغانستان.