أيام قليلة تفصلنا عن استقبال عام جديد عام 2004 وتوديع عام 2003 وفي مثل هذه الفترة من كل سنة يبدأ تقييم الانجازات والتخطيط للمشاريع المستقبلية. الساحة الفنية في تونس تخضع بدورها لعملية التقييم ورصد ما أفرزته من ابداعات وانتاجات فنية شدت اليها في مختلف المجالات والتعبيرات الفنية. حاولنا من موقعنا القيام برصد الأعمال الفنية والمؤسسات الثقافية والأسماء الفنية التي تميزت بقيمة الانتاجات او بإشعاعها داخل وخارج الوطن. امتياز في البداية نشير ان الامتياز في الساحة الفنية كان للمسرح التونسي عموما الذي أثرى الرصيد الوطني بعديد الاعمال الجيدة التي حققت الاضافة. بالنسبة للمؤسسات المسرحية يمكن القول ان الامتياز يبقى للمركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف الذي جاب الجمهورية بعمله الفرجوي «المنسيات» حيث قدّم هذا العام في أكثر من 100 مناسبة، هذا فضلا عن انتاجه لعمل مسرحي شد الانتباه ونقصد مسرحية «كاف الهوى» اخراج لسعد بن عبد الله. المسرح الوطني التونسي صنع الحدث من خلال العمل المسرحي الضخم «مراد الثالث» تأليف الحبيب بولعراس اخراج محمد ادريس. المسرح العضوي بدوره أقدم على تجربة مسرحية فريدة من نوعها ونعني مسرحية «لنتكلم بصمت» التي جمع فيها الفنان المسرحي عزالدين قنون ممثلين من لبنان ومصر وافريقيا اضافة الى ممثلين تونسيين. اشعاع بالنسبة للاشعاع خارج الوطن يبقى لمؤسسة «فاميليا للانتاج» وللفنان المسرحي فاضل الجعايبي حيث قدمت مجموعة فاميليا عرضها «جنون» في عديد المهرجانات الدولية باسبانيا والارجنتين وفرنسا والمغرب وقد كان لهذا العمل الصدى الطيب في الاعلام الاجنبي وعند النقاد الذين تابعوا هذا العمل في مختلف المهرجانات. أما العمل الذي تألق خلال سنة 2003 فهي مسرحية «عشاق الشمس» لرضا دريرة التي فازت بالتانيت الفضي في الدورة الاخيرة لأيام قرطاج المسرحية، كما حصدت ست جوائز في مهرجان عمان للمسرح العربي. وما دمنا نتحدث عن الجوائز فإن الامتياز عام 2003 في هذا المجال كان للفنانة الممثلة صباح بوزويتة التي فازت بجائزة أفضل ممثلة لعام 2003 في المانيا، كذلك الفنانة جليلة بكار التي فازت بالجائزة الاولى عن مسرحية «عرب برلين» من جمعية المؤلفين الفرنسيين وذلك على هامش مهرجان مسرح الفرنكوفونية الذي أقيم بفرنسا. وجاءت مسرحية «حوافر السبول» لتختتم الموسم المسرحي بامتياز وكانت مسك الختام نصا واخراجا لنورالدين الورغي وتمثيلا لناجية الورغي ونادرة التومي ومحمد توفيق الخلفاوي. وان ننسى فلا ننسى مسرح «التياترو» الذي قدّم هذا العام عملين مميزين «هنا تونس» و»فلسطينيون» ومركز الفنون الركحية بصفاقس الذي أتحف جمهور المسرحي بعمل مسرحي غنائي جميل ونقصد «حسونة الليلي». تألق بالنسبة للقطاع الموسيقي فإن الحصيلة ضعيفة نسبيا مقارنة بالفن الرابع حيث تراجعت حركة الانتاج ولم نسمع أغاني ذات بال الا نادرا. لكن على الرغم من حالة الركود التي يعرفها القطاع الموسيقي رغم دعم سلطة الاشراف فإن بعض الأسماء تألقت عام 2003 داخل تونس وخارجها. بالنسبة للأصوات الرجالية نجد الفنان صابر الرباعي الذي أصبح نجما للأغنية العربية وأصبح حضوره ضروريا في كل التظاهرات الغنائية العربية في لبنان ومصر والخليج. كما صارت أغانيه تذاع وتبث في كل الفضائيات بلا استثناء. صابر أصدر خلال عام 2003 شريط «برشة برشة» الذي حقق انتشارا واسعا في كامل أرجاء الوطن العربي، كما غنى لفائدة الجالية العربية في استراليا التي كانت حكرا على الأصوات اللبنانية. بالنسبة للأصوات النسائية نجد الفنانة صوفية صادق التي أحيت حفلين في قاعة «الزينيت» بفرنسا كما أصدرت شريط «نموت عليك» الذي يضم مجموعة من الأغاني التونسية والشرقية. صوفية قدمت هذا العام أيضا للتلفزة التونسية سلسلة غنائية بعنوان «أنغام العمالقة» قدمت من خلالها 17 دورا أبرزت طاقاتها الصوتية وحرفيتها في الاداء. اضافة الى هذا الانتاج كانت للفنانة صوفية صادق مشاركة في سهرات مهرجان قرطاج الدولي، كما اختتمت فعاليات مهرجان اتحاد اذاعات الدول العربية. اجتهاد صوت آخر تميز هذا العام وهو الفنان الزين الحداد الذي كانت له مشاركة متميزة في دار الأوبرا بالقاهرة، كما أصدر شريطا غنائيا وانجز فيديو كليب على نفقته الخاصة وقام بجولة عبر المهرجانات الصيفية. أصوات أخرى اجتهدت وسعت الى تحقيق بعض أهدافها مثل المطرب شكري عمر الذي أصدر شريطا غنائيا متميزا وصوّر احدى أغانيه على نفقته الخاصة، هناك أيضا المطربة سناء السويسي التي أصدرت شريطا وكانت لها مشاركة في مهرجان دمشق. أشرطة غنائية أخرى صدرت خلال عام 2003 لمجموعة من المطربات مثل علياء بلعيد ولمياء الرياحي ونبيهة كراولي لكن انتشارها كان محدودا لأسباب عديدة ومنها بالأساس ان الشركات المنتجة لهذه الأعمال لا تهتم بها اعلاميا على قدر اهتمامها بأشرطة الاغاني الشعبية. أفلام قطاع الفن السابع شهد عام 2003 تطورا ايجابيا على مستوى عدد الأفلام المنتجة حيث شهدنا انتاج ما لا يقل عن أربعة أشرطة سينمائية طويلة، هذا فضلا عن الاشرطة القصيرة. من هذه الافلام نذكر «خرمة» لجيلاني السعدي و»الكتبية» لنوفل صاحب الطابع و»صندوق عجب» للمخرج رضا الباهي وأخيرا فيلم «الأوديسا» للمخرج الراحل ابراهيم باباي. الحقيقة ان هذه الأفلام من انتاج الموسم الثقافي الماضي لكنها عرضت للجمهور او للصحفيين خلال عام 2003. أما الأفلام التي انجزت خلال عام 2003 وستعرض خلال سنة 2004 فهي «القرصان البدوي» لنادية الفاني و»الأمير» لمحمد الزرن و»الفيلا» لمحمد دمق. هذا الانتاج السينمائي الذي سخرت له سلطة الاشراف أموالا طائلة مازال يبحث عن «مروّج» باعتبار ان الموزع التونسي يرفض عرض هذه الأفلام مبررا ذلك بعجزها على استقطاب الجمهور. هذه اذن محاولة لرصد أهم الاعمال والاسماء الفنية التي تألقت هذا العام وأكيد ان العام المقبل سيفرز لنا أسماء وانتاجات أخرى... وكل عام والفن التونسي بخير.