القاهرة خاص ل «الشروق»: من محمود عبد الحميد أكد د. بطرس بطرس غالي الامين العام السابق للامم المتحدة ان مصلحة الولاياتالمتحدةالامريكية والشعب العراقي لن تتحقق إلا بانسحاب سريع لقوات الاحتلال، وقال انه من الصعب التكهن بتوقيت ذلك الانسحاب نظرا لارتباطه بعديد من المتغيرات السياسية. وفيما اعرب عن تفاؤله بمسار القضية الفلسيطينية اكد انها القضية الرئيسية، وان عودة التضامن العربي مرهون بتسوية هذه القضية والتوصل الى حل عادل ودائم لها. ورفض بطرس غالي التعليق على الحملة المنظمة التي وجهتها الادارة الامريكية ضد كوفي عنان الامين العام للأمم المتحدة ولكنه اعرب عن امله في ان يتم تجاوز هذه الازمة لان تعافي الأممالمتحدة في صالح الدول النامية والضعيفة بالدرجة الاولى. كما اكد رفضه لقضايا التنصت على الاممالمتحدة واجهزتها وقال ان ذلك يعرقل التوصل الى تسوية للقضايا التي تعمل على معالجتها وحل مشاكلها، وفيما يلي نص حواره مع «الشروق». * «الشروق»: كيف تنظرون الى الحملة الامريكية التي استهدفت كوفي عنان الامين لعام للأمم المتحدة؟ بداية لا يمكنني التعليق فمبدئي هو عدم الحديث عن امناء الاممالمتحدة سابقين او حاليين، فهم زملاء والقواعد الديبلوماسية تتحكم في كلماتي، ولكن في كل الاحوال فإن هناك صعوبات تواجههم اتمنى لهم النجاح في التغلب عليها، واقول ذلك لأننا بالفعل في اشد الاحتياج الى الاممالمتحدة وخاصة دول العالم الثالث والدول النامية بعكس الحال بالنسبة للدول المتقدمة التي يمكنها الاستغناء عن هذه المنظمة الدولية وتستعيض عنها بشبكة واسعة من الاتصالات السياسية والاقتصادية ويختلف الحال بالنسبة الى الدول النامية التي هي بحاجة الى كيان تستطيع من خلاله الحديث عن آمالها واحلامها وحقوقها. * «الشروق»: ولكن واقع الحال يعبّر عن وجود ازمة تمرّ بها المنظمة الدولية... هل ترى ذلك؟ نعم فإن الازمة في الأممالمتحدة تعبّر عن وجود ازمة في العلاقات الدولية، وسبق وواجهت المنظمة الدولية العديد من الازمات واستطاعت التغلب عليها، وهو الامر الذي يعطيني الأمل الكبير في ان تتجاوز هذه الازمة حتى تستطيع القيام بأدوارها كمنظمة تعمل على تنشيط التعاون بين الدول وحفظ السلم والأمن الدوليين من خلال تسوية منازعات الدول بالطرق السلمية. * «الشروق»: تثار حاليا قضايا التنصت على الاممالمتحدة بما فيها الامين العام، وكافة الوكالات والاجهزة التابعة لها... كيف تنظرون الى هذه القضية، وهل سبق وان تعرضت لها خلال عملكم كأمين عام للأمم المتحدة؟ مثل هذه التجاوزات والسلوكيات تحدث بين الدول وبعضها البعض، وبالطبع فهذه الأساليب مخالفة للقانون وللأعراف الدولية كما انها تهدد التعاون الحقيقي والمطلوب سواء بين الدول بضعها البعض او بينها وبين المنظمة الدولية، خاصة ان نجاح التفاوض في القضايا يتوقف على البعد عن العلانية، وارى ان التنصت يعد عقبة من العقبات في طريق تسوية القضايا... وفيما يتعلق بي فقد قيل لي خلال عملي في الاممالمتحدة ان هناك محاولات للتنصت عليّ سواء في المنزل... او في المكتب او السيارة. * «الشروق»: هناك كلام كثير عن مشروع زيادة عدد الاعضاء الدائمين او غير الدائمين بمجلس الأمن... هل ترى ان مثل هذه الخطوة قابلة للتحقيق في القريب العاجل؟ الاجابة صعبة لأنها مرتبطة بموافقة الدول الكبرى الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن فيجب ان توافق مجتمعة عليها وقد ترى اي دولة منها انه ليس في صالحها اجراء مثل ذلك التغيير، وتعمل من اجل استمرار النظام الحالي. * «الشروق»: فيما يتعلق بالولاياتالمتحدةالامريكية... كيف تنظرون الى تجديد انتخاب جورج بوش لفترة رئاسية ثانية... ولماذا في رأيكم كانت استقالة عدد من الاعضاء البارزين في الادارة الامريكية وخاصة وزير الخارجية «باول»؟ الآراء متعددة فيما يتعلق بفترة الرئاسة الثانية لبوش، البعض يرى انه سيستمر في سياسته وذلك في مقابل فريق ثان يرى ان الفترة الثانية للرئاسة تكون فيها السياسات مختلفة عن الفترة الاولى وكل ما يهمّني هو القضية الفلسطينية التي كان بوش اول من ذكر صراحة تعبير الدولة الفلسطينية وانا لا اقف الى جانب الفريق الاول او الثاني ولكني استطيع القول بأنني متفائل ولكن علينا الانتظار وسوف نرى. أما تغيير الوزراء فذلك يتم عادة سواء لأسباب شخصية او سياسية وربما ترجع بالنسبة لبعض منهم الى اسباب صحية، وبصفة عامة فإن خروج باول من الخارجية وحلول كونداليزا رايس بدلا منه لا يعني تغييرا في السياسات لأن هذا التغيير يرتبط بصفة اساسية بالمتغيرات الدولية وان كنت ارى ان باول لم يخرج بسبب معارضته للحرب في العراق ولكن بسبب التغيير في القيادات السياسية الذي اتجه اليه بوش في فترة رئاسته الجديدة. * «الشروق»: كيف تنظرون الى الوضع في العراق... وكيف يمكن ان يستعيد عافيته واستقلاله وسيادته؟ ارى ان مصلحة الشعب العراقي ان يتم التوصل الى سلطة شرعية من خلال انتخابات ديمقراطية حقيقية، والصعوبة التي تواجهها امريكا في العراق شيء طبيعي تواجهه اي دولة تقوم باحتلال اراضي دولة اخرى وكلما تم الاسراع بالانسحاب من جانب قوات الاحتلال الامريكي فسوف يكون ذلك في مصلحة الجانبين الولاياتالمتحدة والعراق، ورغم ذلك فمن الصعب التكهن بموعد ذلك الانسحاب لأنه مرتبط بالمتغيرات السياسية الموجودة على ارض الواقع، ولكني موقن ان انسحاب امريكا وفي اقرب وقت هو الوسيلة الوحيدة التي تحقق السلام والاستقرار في العراق خاصة وان الشعب العراقي قادم على ايجاد الحلول لأي مشاكل على الساحة العراقية نتجت عن الحرب ضد العراق. * «الشروق»: تعطون اولوية للقضية الفلسطينية دائما في رأيكم.. كيف تتوقع مستقبلها ومستقبل العالم العربي خلال شهور العام الجديد 2005؟ القضية الاساسية والرئيسية هي القضية الفلسطينية بدون ادنى شك، وبالطبع فذلك لا ينفي ان هناك قضايا اخرى نتج عنها ذلك الضعف العربي الحالي، ولكني ارى انه لو تم حل وتسوية القضية الفلسطينية فسوف يعود التضامن العربي مجددا كما سيكون عاملا «رئيسيا» في نمو وتطوّر العالم العربي وقيامه بدور ملموس على الساحة الدولية وآمل من القيادة الفلسطينية الجديدة التي سيكون موقفها قويا بعد الانتخابات الفلسطينية ان تبدأ في المفاوضات وقد يكون طريقها طويلا ولكننا لا يجب ان نتوقع ابدا حلا «سريعا» نظرا لما يكتنف القضية الفلسطينية من تعقيدات ورواسب شديدة على مدى نصف قرن مضى. * «الشروق»: كيف تنظرون الى مستقبل النظام العالمي الجديد؟ لاشك انه من المحتمل خلال السنوات القادمة ان تلعب روسيا الاتحادية والصين دورا قياديا على الصعيد الدولي، وهذا في مصلحة المجتمع الدولي لتحقيق التعددية الدولية مجددا، وارى اننا بالفعل قد دخلنا في عالم جديد ستظهر فيه قوى جديدة الى جانب الدول، «اللاعبون من غير الدول» سواء منظمات دولية، او شركات ضخمة عابرة للقارات... او مراكز أبحاث... او المجتمع المدني، وهذه الظاهرة كانت قد بدأت بشائرها منذ سنوات ولا تنسوا ان تهديد الامن يمكن ان يأتي خارج الدول فمن ارتكبوا حادث 11 سبتمبر وعصابات المخدرات والمافيا ليسوا دولة... فهناك قوى جديدة مؤثرة ستظهر وقد تكون بالطبع ايجابية او سلبية من حيث تأثيرها، ولكنها ستكون مؤثرة في اتخاذ القرارات الدولية في ظل العولمة.