ظاهرة الضجيج والتشويش أمام المعاهد الثانوية والمدارس الاعدادية أصبحت ملفتة للنظر ومزعجة فالكل يشتكي من الصياح الذي يصمّ الآذان ومشاهد العنف المادي واللفظي المتكرّرة بصفة مسترسلة إلى درجة تخال نفسك أنك داخل ساحة للقتال. وعندما يتكرّر السؤال وينتقل من شخص إلى آخر نجد أنفسنا مجبرين على البحث عن الأسباب التي تقف وراء هذا النوع من التسيّب وهذا التحول الخطير في المشهد السلوكي المدرسي الحالي. وحتى نضع أيدينا على التفسير المناسب والدوافع الحقيقية التي تقف وراء انتشار هذه الظاهرة فسحنا المجال أمام الشباب التلمذي والمتهم الرئيسي في قضية الحال ليفسّر ويبرّر هذا **السلوك التلمذي الجديد. يخلص جلّ التلاميذ المستجوبين الى أن غياب الرقابة وانعدام الفضاءات الترفيهية بالمعاهد والتساهل من قبل الإدارة وعدم توفر قاعات مراجعة داخل المؤسسات التعليمية ووسائل الاعلام هي المتسبب الرئيسي في انتشار الضجيج والهيجان أمام المعاهد والمدارس. ويشير الطالب أحمد إلى الضغط والكبت النفسي والعاطفي الذي يعيشه التلميذ المراهق ويجعله متوترا ومتشنّج الأعصاب ولا يجد مكانا للتنفيس عن هذه المكبوتات سوى الشارع وبالتحديد أمام المعاهد لخلوّ الرقابة من هذا الإطار. **فضاءات الترفيه التلميذ محمد عادل يرى أن هذه الظاهرة المقلقة والمؤسفة التي وصل إليها تلاميذ اليوم ساهم غياب الفضاءات الترفيهية داخل المعاهد في تفشيها ويستدرك محمد قائلا: «لو كان المعهد يوفر للتلميذ قاعة ألعاب مثلا أو نادي اعلامية أو نواد ترفيهية أخرى كان من الممكن الحدّ من ظاهرة الضجيج أمام المعاهد لأن التلميذ لن يجد أوقات فراغ وسيقضي يومه داخل الفضاء التربوي ليمارس مختلف هواياته ويتابع دروسه بأكثر نجاعة. بسام همامي يرى أيضا أن كثرة الفراغ وانعدام وسائل الترفيه داخل المعهد أو المدرسة الإعدادية تدفع التلميذ الى قضاء جلّ أوقات فراغه أمام المؤسسة التربوية ونظرا لقلة وعي بعض التلاميذ وشعوراهم بالحرية الزائدة عن اللازم يشعرون برغبة كبرى في القيام بأعمال تتعدّى حريته لتضايق الآخرين. **انعدام الرقابة التلميذ منصف القيطي يحدّد الأسباب التي تدفع التلميذ لإحداث الهرج والضجيج أمام المعهد بطريقة مزعجة هي غياب الرقابة سواء من قبل إدارة المعهد التي ترى أن مسؤوليتها تنتهي بمجرد خروج التلميذ من المعهد أو من قبل الأولياء الذين أهملوا أبناءهم ولم تعد تهمهم تصرفات أبنائهم خارج المنزل. ويقول منصف: «إن عددامن التلاميذ أصبحوا يعيشون حالة كبيرة من التسيب وعدم الانضباط حيث لم تعد الدراسة هي الهدف الأساسي كي يقصد التلميذ من أجله المعهد بل أصبحت الدراسة جزءا بسيطا من اهتماماته حيث صار «التبزنيس» ومعاكسة الفتيات واستعراض القوى البدنية والمالية سلوكا لبعض التلاميذ». ويؤكد التلميذ رشاد هذا الرأي ويرى أن تحول ساحات المعاهد الى ما يشبه السوق الأسبوعية التي يختلط فيها الصياح بالشجار ومناداة الباعة راجع الى غياب الرقابة على الشباب وإحساس هؤلاء بالحرية المطلقة والتي وقع فهمها خطأ من قبل بعض التلاميذ فحوّلوها الى وبال ونقمة على المحيطين بهم. **تساهل الإدارة ووسائل الاعلام علاء الدين يؤكد أن تساهل الادارة في تمكين التلميذ من الحصول على بطاقة الدخول جعلته يتهاون ولا ينضبط داخل المعهد أو خارجه. وبما أن بعض التلاميذ لا يملكون الصبر الكافي لمتابعة دروسهم والبقاء مدة طويلة أمام طاولة الدرس يفضلون التغيب عن الحصص بما أنهم ضامنون في كل الأحوال بطاقة الدخول التي لم تعد صعبة المنال. ويضيف علاء الدين: «أنه لو أردنا القضاء على حالة الهرج المتواصل والمزعج أمام المعاهد.. على الإدارة توخي الحزم والصرامة مع التلميذ وتكثيف المراقبة داخل وخارج المعهد بالاضافة الى ضرورة خلق فضاءات ترفيهية وثقافية داخل المعاهد حتى لا يضطرّ التلميذ الى التسكع في الشارع وإقلاق المارة». أما سناء فتبرّر ظاهرة انتشار الضجيج والهرج أمام المعاهد بالتأثير السلبي لوسائل الاعلام على التلاميذ وظاهرة التقليد التلميذ يحاول دائما تقليد ما يشاهد على أرض الواقع دون تفكير أو وعي منه بخطورة وسلبية ما يقوم به على المحيط الذي يعيش فيه.