انتخب محمود عباس رئيسا لفلسطين... وحظي بدعم عربي ودولي واسع. ومن بين المرحبين جاءت رسالة بوش الذي عبّر عن ترحيبه بفوز عباس وفتح له ابواب البيت الابيض، بدأت مرحلة ما بعد عرفات... غير ان الذي يجب ان لا ننساه هو ان عرفات ايضا حظي بترحيب عربي ودولي كبير عام 96 .. غير ان ترحيب ودعم العرب لم يفده وهو في سجنه في رام الله... ولم يفده حرج الاوروبيين من ممارسات اسرائيل.. ظل معزولا ومات في المنفى الاضطراري.. اما امريكا فإنها كانت الداعم الاول لعرفات... فاذا بالرجل يتحول من «ارهابي» الى رجل سلام وحوار ووفاق وينال جائزة نوبل.. وصار البيت الابيض مفتوحا للزعيم الراحل في كل وقت... من منا لا يذكر لقطات المزاح والزهو بين كلينتون وعرفات من منا لا يذكر لقطات الحميمية والتلاطف بين عرفات وأولبرايت.. كان شهر العسل ثم.. ثم دارت الدوائر فصار عرفات منبوذا... متهما بالفساد المالي ومتهما بعرقلة السلام وبدعم المقاومة المسلحة.. لم يظهر اللين والطراوة المطلوبة لتطبيق السلام الاسرائيلي. ولما تخلت عنه امريكا تخلّى عنه بعض العرب لأن حرب العراق اسست لنظرية من ليس معي فهو ضدّي... عرفات ايضا كما محمود عباس كان في البداية نجما... ولكن النجم توارى خلف اكياس الرمل وحصار الاهانة... وصار قتل الفلسطينيين كل يوم امرا عاديا... والعيب في كل مرة يكمن في عرفات... حتى مات. هذه المرة ايضا اخشى ان يعاد السيناريو لأن محمود عباس المرحّب به اليوم لن يكتشف الحقيقة الا عندما يجد الجدّ... والمفاوضات هي المحكّ الحقيقي... للحب منذ اول نظرة... هم يصفون الرئيس الجديد بالمعتدل فهل كان عرفات متطرفا وهو الذي نادى بسلام الشجعان وبتقاسم التنازلات المؤلمة.. الا في ما يتعلق بالقدس واللاجئين وحدود 67 .. فهل يأمل الامريكان في الحصول على تنازلات في هذه الثوابت. اعتقد انها اوهام وليست احلاما لان السقف لا يحدده عرفات او ابومازن... السقف تحدده قرارات مجلس الامن التي اوجدت اسرائيل نفسها ويحدده الشعب الفلسطيني بسنوات النضال والتشريد والقتل.. والحق المشروع من الشهيد الى الوليد.. اكيد انها مرحلة ما بعد عرفات وليس ما دون عرفات..