توفيق الغربي فنان طريف... لا يقدّم الفن فقط بل يعيشه واحد من أوفياء باب البحر لا يمكن ان يمر يوم واحد دون ان يجوب فضاءاته ويملأ صدره بزقزقات عصافيره وذكريات الفن فيه. هامشي... مجنون... أحمق... لا تفارقه الابتسامة ولا يعرف الغضب. هكذا يصنّف نفسه في بداية هذا الحديث. * توفيق الغربي كيف احترف التمثيل وكيف كانت البداية؟ في عام 1974 عرفت عالم المسرح، كانت البداية في المسرح الشعبي كان عمري انذاك خمسة عشرة عاما. * كيف انتميت للفرقة؟ دعاني الشاعر عبد الحميد خريف رحمه الله الى فرقة المسرح الشعبي كان مقرها في نهج جامع الزيتونة شاركت في مسرحية: الحلم والحمّال التي رفضتها اللجنة والسندباد التي رفضت ايضا واول مسرحية شاركت فيها وعرضت امام الجمهور كانت بعنوان: علي الزمش مع عمر بن سالم ويوسف الخماسي وغيرهم. عرضت سنة 1976 في المسرح البلدي وبعد المسرح الشعبي عملت في اغلب فرق الهواة مثل الزيتونة المسرح التونسي الوعي المسرحي... الى أن دخلت الاحتراف في الفرقة القارة بالقيروان بادارة سيد العلاّني. * تزوجت في القيروان؟ نعم، تزوجت فاتحة المهدوي وأكنّ لها الكثير من الاحترام رغم الطلاق. * تزوجت مرّة أخرى؟ نعم، تروجت وطلّقت ثم تزوجت للمرّة الثالثة والاخيرة من زوجتي وأم طفلي وأنا أدين لها بكل شيء اذ كنت قبلها فنانا هامشيا وبلا مستقبل. معها عرفت طعم السعادة والاستقرار وفرحة الحياة. * في فترة ما كنت نجما في التلفزة ثم غبت طويلا لماذا غبت؟ سنة 1984 بدأت ا تغيّر دريجيا نحو اختيارات يسارية وبدأ الابتعاد التدريجي عن التلفزة وبعد عمل فاشل مع لمين النهدي سنة 1986 «علاش جينا» انقطعت صلتي بالتلفزة طيلة عشر سنوات كاملة. * هل ندمت على تجربتك اليسارية؟ لم أندم. بل بالعكس علّمتني هذه التجربة ماذا اقول وكيف اقول ومتى أقول وعرفت اشخاصا قدّستهم في يوم ما ثم اكتشفت ان الشيء الوحيد الذي يؤمنون به هو اليورو والدولار ولا علاقة لها بتونس ولا بالاحلام التي كنت اسمعها منهم. كنت شابا حالما وعلى عيني غشاوة! * ماذا دفعت في هذه التجربة؟ عرفت البطالة لمدّة عشر سنوات والى الآن لا أصدّق كيف عدت الى عملي وكيف أصبح لي منزل وأبناء وعائلة... أسوأ ثمن يمكن ان يدفعه انسان في السياسة او الزواج هو سوء اختياره وأنا دفعت هذا الثمن وفهمت ان تونس عظيمة علينا ان نعطيها مهجة الروح اذا كنا فنانين حقيقيين. * مسرحية: رفعت الجلسة في كم من عرض قدّمت؟ قدمتها الى حد الآن في 304 عرض وآخر عرض كان في سجن الهوارب. * يعني أنك صرت ثريا؟ أغلب هذه العروض كانت في السجون ومراكز تعليم الكبار وهي عروض شبه مجانية اذ تتقاضى الفرقة بكل عناصرها (5) منحة ب 270 دينارا عن كل عرض من الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد منتجة هذا العمل. اذ حرص السيد الصدّيق القطاري الرئيس المدير العام للمؤسسة على أن تساهم الفرقة في تقديم عروض للناس في المهرجانات والسجون ومراكز تأهيل المراهقين وتعليم الكبار. وبالتالي فالهاجس المالي غير قائم لاننا نقدّم المسرح للشعب وليس لجمع المال. * كيف ترى لمين النهدي الذي كان صديقك في يوم ما؟ كان صديقي نعم، عرفته بعد ايقاف مسرحيتي «الحشايشية» سنة 1986 كان ايامها عكس ما يدعي يخاف من السياسة قدّمنا «علاش جينا» وحقّقنا فشلا ذريعا وانتهت علاقتنا من يومها. * ألا ترى انه ممثل كبير؟ النهدي ممثل كبير وكم تمنيت لو يبقى كذلك في فنه واحاديثه وان لا يشتم زملاءه وأن لا يبيع عروضه ب 7 آلاف دينار ويشترط عرضين وأن لا يبيع التذكرة ب 10 دنانير ثم يقول انه فنان الشعب... من كان فنان الشعب لا يمكن ان يكون هكذا. ثم لا تنس ان لمين لا ينجح في كل حياته في التلفزة كل اعماله كانت فاشلة وآخرها «عجبكشي». * أنت فنان هامشي، لماذا هذا الاختيار؟ لا أعتقد انني فنان هامشي لكني أشبه نفسي وأحب أن أكون هكذا. أحب عصافير باب البحر ومساءاته... احب الشعراء والرسامين والحياة والمسرح... وأريد ان تخرج جنازتي من باب البحر هذا حلمي.