لم يعرف تاريخ الثقافة التونسية مهرجانا تعاقد مع الفشل مثل مهرجان الاغنية الذي اصبح مهرجانا للموسيقى في محاولة قد تكون الاخيرة من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث لانقاذ هذه التظاهرة كم كما جرّبت معه الوزارة كل الاساليب والمواعيد والتصورات والمديرين الا ان امهرجان ظل باردا وبلا روح. الوزارة اختارت سنية مبارك لادارة دورة 2005 وهذا الاختيار في الحقيقة ليس اخيارا لاسم بقدر ما هو اختيار ورهان على تجربة وهو شيء محمود وايجابي. لكن السؤال هل ستقدر سنية على تغيير شكل المهرجان بمنحه روحا جديدة من خلال الانفتاح على التجارب الموسيقية التي كانت خارج المهرجان وخاصة القائمة على التأليف الموسيقي وعدم الاكتفاء بالاغنية كنمط يختزل الموسيقى في المخيال العربي الجماعي. ويبدو أن هذا ما سيتم اذ أعلن صلاح مصباح عودته بالاوركستر السمفوني التونسي لكن الخوف أن يتحوّل المهرجان الى مهرجان للموسيقى السمفونية وهو ما يعني عمليا خروج الاغنية من الدائرة. ما العمل اذن؟ إن ما تحتاجه هذه التظاهرة الموسيقية هو التوازن في البرمجة اي ان لا تقصي شكلا على حساب شكل آخر فالاغنية ضرورية لكنها لا تكفي وعلى سنية مبارك ان تسعى لاقناع نجوم الغناء بالمشاركة في هذه الدورة حتى يستعيد المهرجان حرارته المفقودة وان تستقطب ايضا اصحاب التجارب الاخرى في التأليف الموسيقي الذين كانوا دائما خارج دائرة الاهتمام. وأعتقد أن هذه الدورة هي الفرصة الاخيرة وان لم يحالفها النجاح فالافضل الغاء هذه التظاهرة حفظا للمال العام.