يلاحظ المتجوّل بأسواق العاصمة الغلاء «المشط» لبعض المنتوجات الفلاحية على غرار بعض الباكورات التي فاق ثمنها الدينارين ونصف الدينار بينما يقدّر سعر شرائها من الفلاحين بدينار وبعض المليمات. يؤكد المنتجون على انها ورغم غلاء تكلفتها لم تتجاوز قط هذا السعر مهما اختلفت الفصول والمواسم. وفسّر مصدر من اتحاد الفلاحين ان هذا الارتفاع للأسعار له مبرراته «الموضوعية» اذ ان انتاج هذا النوع من الباكورات يتطلب مجهودا مضاعفا، زيادة على دور العوامل الطبيعية الحائلة احيانا دون توفير وجمع الكميات الثانية من هذه المنتوجات لتزيد تكلفة الانتاج العالية جدا الامر تعقيدا. وبالنسبة للأسعار في حدّ ذاتها فأضاف مصدرنا ان الفلاح عند بيعه لمنتوجه لا يطالب بأكثر من 400 مليم للكيلوغرام الواحد وهو سعر معقول نسبيا. ولمزيد من التفسير اتصلت «الشروق» بالسيد رؤوف الغرياني رئيس الغرفة الوطنية لتجار البذور والمشاتل الذي اكد ان الكميات التي تم بذرها كانت عادية جدّا وذات انتاج كاد يكون ايضا عاديا لولا موجتا البرد اللتان مرّت بهما البلاد مؤخرا واللتان اثرّتا بشكل كبير في النمو الطبيعي للباكورات اذ ان الطماطم مثلا منتوج سريع التأثر بحكم دور البرد في ظهور الفطريات عليها اما «الفلفل» فهو منتوج يتميّز بدوره بشدة حساسيته للبرد وينتظر حسب مصدرنا ان ترجع السوق الى سالف عهدها بمجرد ان تنتهي موجة البرد. وكما لا يجب ايضا التغافل عن ان هذه المواد بصدد النمو في ظروف غير طبيعية وهو ما يجعل عملية تأقلمها مع العوامل المناخية صعبة جدا، حتى ان الرياح الأخيرة حسب مصادر أخرى مطلعة ساهمت في اتلاف عدد كبير من البيوت المكيّفة الموجودة بمناطق انتاج الباكورات وسط البلاد مما جعل المزروعات تتعرض للبرد بشكل كبير وهو ما ادى الى اتلافها. وزارة التجارة من جهتها اكدت ان هذه الفترة تتميّز بحساسية كبيرة على مستوى التزويد بما ان فترة الخريف كانت تعتمد على الانتاج الحقلي والباكورات معا وهو ما ساعد على تعديل السوق نظرا لانخفاض سعر المنتوجات آخر الموسم. اما حاليا فيقع الاعتماد فقط على الباكورات غالية التكلفة حتى ان الكميات الموجودة في السوق تقدّر ب 40 طنا من الفلفل يوميا و50 طنا من الطماطم مقابل ال 100 طن ونيف في الفترات العادية، زيادة على عوامل اخرى كثيرة منها الوضع الموضوعي لفترة ما بعد العيد الذي تشهده مسالك التوزيع من حيث انخفاض النسق.ومن ناحية اخرى فقد ساهمت ايضا الأمطار في تعطيل عمليات الجمع والنمو وهو ما احدث الاستثناء في هذه الفترة من حيث التزويد والاسعار ايضا، ولكن هذا لم يمنع الهياكل المشرفة سواء كانت إدارية او مهنية على المضي في سياسة ترشيد الأسعار. وعلى العموم، يبقى استئناف نشاط مسالك التوزيع وتحسّن الطقس امنيتين كبيرتين تدغدغان احلام المستهلك التونسي الذي يفترض ايضا ان يعي حساسية المرحلة.