تتفق الادارة والمهنة على أن النقص الحاصل في عرض بعض المنتوجات الاستهلاكية في الاسواق وأساسا الفلفل والطماطم والارتفاع النسبي في اسعارها طبيعي وظرفي جاء نتيجة التقلبات المناخية وموجة البرد والثلوج التي مرّت بها بلادنا في الايام الاخيرة ونتيجة لعوامل اخرى موضوعية ترتبط بخصوصية انتاج الباكورات بالبيوت المحميّة وخصوصية الانتاج والتزويد في فترة عيد الاضحى المبارك. وتؤكد المصادر أن التغيرات المناخية الاخيرة أثرت سلبا على الخضروات وخاصة على الباكورات تزويدا وسعرا ففي الفترة من 19 الى 21 جانفي الجاري سُجّلت بالبيوت المحميّة لانتاج باكورات الفلفل والطماطم أضرارا نتيجة العواصف والرياح التي لحقت نحو 4600 بيت مكيفة موزعة على مناطق متفرقة وتراوحت بين 30 و50 أغلبها (90) شملت باكورات الفلفل. ومسّت الاضرار البيوت العالية والبيوت المنفردة وغير المحميّة بالاشجار وبعض الفلاحين الصغار حيث أتلفت قرابة 14 ألف و800 وحدة «باش» والتلّ المستعمل. ويُشار أن انتاج الباكورات ينطلق بكميّة ضئيلة ترتفع تدريجيا مع تقدّم الموسم الا أن العواصف حالت دون ذلك ما انعكس على توازن العرض والطلب وساهم في ارتفاع الاسعار التي تراوحت على مستوى الانتاج بين 1400 و1550 مليما للكيلوغرام الواحد من الفلفل لترتفع الى دينارين ايام العيد فيما يتراوح سعر الطماطم بين 550 و750 مليم على مستوى الانتاج ايضا. توقّف النموّ ويضيف السيد عبد الرؤوف الغرياني الخبير في الفلاحة والبذور ورئيس الغرفة الوطنية للبذور والمشاتل على هذه التأثيرات قوله ان التقلبات المناخية الاخيرة قد أدّت الى توقف نمو نباتات الباكوات والى تعطيل المسار العادي لهذا النمو ولكنه شدّد في المقابل على أن تأثير العامل المناخي على النبتة مؤقت وأن النبتة ستعود الى نموّها الطبيعي مع حلول منتصف فيفري المقبل مع عودة الحرارة وإن لم تحصل ظروف مناخية طارئة وغير متوقعة. ونفى السيد الغرياني الذي كان يتحدّث للصحفيين في لقاء جمعه معهم امس بمقرّ ادارة الجودة والاسعار التابعة لوزارة التجارة ان يكون لهذا الوضع اي تأثير على كميات الباكورات التي قال انها ستكون وفيرة وذات جودة عالية حسب المعطيات والمؤشرات المتوفرة حاليا. وبين من ناحية ثانية ان هذا الظرف والتأثير المناخي لا يهمّ تونس فقط بل يشمل كامل منطقة حوض البحر المتوسط، وبيّن ايضا ان للمستهلك في هذا الظرف الحساس دورا اساسيا في عقلنة السوق حيث يستحسن ان يقلل من استهلاك الباكورات ويبحث عن بدائل اخرى تكون اقل سعرا وكلفة. ويمكن لمنظمة المستهلك ان تلعب دورها في هذا الاتجاه. تزامن وقد تزامنت تأثيرات الظروف المناخية وتوقف نمو نباتات الباكورات مع فترة عيد الاضحى المبارك التي تتسم بطبعها بتراجع العرض في الاسواق والذي لن يعود الى نسقه الطبيعي حسبما جرت العادة الا بعد مرور بين 10 و15 يوما عن يوم العيد. وتؤكّد الارقام هذا المنحى حيث قفز حجم التزويد بسوق الجملة ببئر القصعة من 165 طن من الخضر والغلال والاسماك بعد يومين من عيد الاضحى للسنة الفارطة (يوم 1 فيفري 2004) الى 1783 طنا في اليوم العاشر الموالي للعيد. ويبدو أن الوضع نفسه سيتكرّر خلال هذا العام حيث ارتفع نسق التزويد بالسوق نفسها من 130 طنا في اليوم الموالي للعيد (22 جانفي الحالي) الى 980 طنا من الخضر والغلال والاسماك يوم امس 27 جانفي الجاري. ويُعتبر وضع السوق هذا طبيعيا في فترة العيد التي يقل فيه الطلب بحكم تعوّد المستهلك التونسي على التزود بكميات من المواد الاستهلاكية التي تكفيه خلال ايام العيد كما يتراجع الانتاج والعرض بحكم انصراف العديد من الفلاحين مثل كثير من الشرائح الاخرى عن الحقول خلال عطلة العيد التي تكاد تكون الفرصة السنوية الوحيدة التي يركن فيها الفلاحون الى الراحة. حلول السيد علي الغربي المسؤول بوزارة التجارة والصناعات التقليدية تحدّث خلال لقاء امس من جانبه عن الحلول المطروحة لتفادي اضطراب عرض واسعار الباكورات وقال ان هذه الحلول تتمثل اساسا في عقلنة الاسعار بالتمديد في فترة انتاج الفلفل والطماطم وتوفيرها في الفترة التي يندر فيها الانتاج الحقلي الذي أصبح بدوره وبفضل اصلاح برامج ومنظومة الانتاج يمتدّ الى غاية شهر جانفي. كما يُعتبر المنتوج البديل مثل الفلفل المصبّر و»الهروس» وغيرها في المفاهيم الاقتصادية من الحلول المجدية التي تفضي الى التحكم في الاسعار. ومن الحلول الاخرى الظرفية تولت وزارة التجارة بالتعاون مع السلط المعنية تزويد مناطق انتاج الباكورات المتضررة جراء التقلبات المناخية الاخيرة بحاجياتها اللازمة والاضافية من المواد الاستهلاكية الاساسية كالمحروقات والعجين الغذائي والحليب وغيرها.