يوم أول في الدور الثاني للمونديال... يوم حافل بالاثارة... يوم متخم بالمفاجآت والتقلبات لكنه كان بلا مساحيق... او حماس فائض... يوما تونسينا من أحلى الايام التي عرفتها الرياضة التونسية... يوما رائعا سيبقى راسخا في اذهان كل التونسيين بقطع النظر عن حوار الامس مع المنتخب السلوفيني. تونس جمعت في اليوم الاول للدور الثاني من المونديال بين كل المميزات التي تصنع المنتخبات الكبرى عالميا... اقناع... جمالية... خطط دفاعية متغيرة... هجوم فعّال في كل المراكز... تصعيد سريع جدا للكرة في الهجمات المرتدة... نضج تكتيكي ولم يبق شيء آخر يستحق الذكر... في كلمة كذّبت تونس امام تشيكيا كل التحاليل المتسرعة التي ربطت بين انجاز الترشح الى الدور الثاني بعد التعادل مع فرنسا والفوز على الدانمارك والحضور الجماهيري المكثف لاحبائها. الانتصار امام تشيكيا فتح افاقا جديدة للمنتخب يصعب على أي متابع صادق لهذا المونديال ان ينكرها او يشكك فيها... لكن هذه الافاق الجديدة لم تكن فقط مرتبطة بحجم العطاء على الميدان وبحنكة مدرب تحمّل المجازفة بصبحي سعيد امام منتخب فرنسي عملاق او بمحمود الغربي في مباراة الاثنين بل ارتبطت كذلك بروح انتصارية عالية وقدر كبير من الثقة التي نلمسها لاول مرّة لدى المنتخب الوطني. الثقة والايمان بالقدرة على المتحدي واللعب بندية مع المنتخبات الكبري كانت الحلقة المفقودة في تاريخ مشاركاتنا السابقة للمونديال. أجيال مرّت على المنتخب لم تتح لها نفس الظروف والامكانات لكنها اجيال لم تلعب بنفس الثقة. لن نقلل قطعا من دور الجمهور لكننا نرى في هذا الجيل القدرة على الاحتفاظ بنسق النسق وبنفس الارادة وبنفس المكانة اي بوضوح ودون افراط في التفاؤل اي مواصلة الانتماء لنادي الكبار على امل ان يبقى الجو نظيفا جدا وناصعا وان نحمي هذا المنتخب من سموم بعض الصائدين في المياه العكرة. **«الديك» ينتفض وروسيا تعود الى جمودها تحدثنا عن المنتخب الوطني ولا بأس من مواصلة الحديث عن مجموعة تونس والتأكيد على انتفاضة الديك الفرنسي الذي استعاد بريقه واسترجع كبريائه ليضرب بقوة امام الدب الروسي. فرنسا بدون انكتيل لم تسامح مطلقا واستثمرت مخزون الخبرة لديها ممثلا بفرنانديز وجاكسون واومايير وأباتي لتلقن روسيا درسا في النجاعة والسهل الممتنع. فرنسا بدفاع كلاسيكي صلب احكم اغلاق المنافس حول منطقته دون ارتكاب اخطاء كثيرة انهت مباراتها بانتصار صعب ليبقى اللغز الكبير متعلقا بمردود المنافس الذي كان «باردا» جدا وعقيما وبعيدا عن الاقناع. روسيا خيّبت ا لامال وظهرت بمردود لا يؤشر لذهابها بعيدا في هذا المونديال وربما كان خروجها من مجموعة متوسطة هو النقطة ا لتي لم ينتبه لها الكثيرون ليتوقّعوا سيرها على خطى منتخب لافروف... منتخب الادوار النهائية والالقاب... بتلك الروح... بذلك الاداء الذي شاهدناه امام فرنسا... نقول بتواضع كامل ها هي فرصة اخرى امام منتخبنا لمواصلة انجازاته. **نهاية «الاسطورة» بين الحقيقة والخيال... بين الخط والواقعية... بين الممكن والمنشود ادرك المنتخب اليوناني الدور الثاني متقدما بنقاط الحوافز على تونسوفرنسا. اليونان ب «الفانوس» و»سانيكس» ذهبت الى اقصى حدود الحلم وبرهنت على ان يدها اصبحت اكثر قوّة لكن الرحلة لم تتواصل لان الحظ والعفوية احيانا في الاداء لا تؤشر دائما للنجاح. اليونان انحنت منطقيا أمام منتخب سلوفيني دخل الدورة الثانية منتعشا بدنيا... منتخب لم يسامح في الهجوم المعاكس... منتخب استغل على الوجه الاكمل الانهيار البدني لمنافسه ليفعل ما يحب والحصيلة التي انتهت عليها المباراة لخصت كل شيء. **كرواتيا بدون «سولا» سيناريو دورة البرتغال مازال ماثلا في ذاكرة عشاق كرة اليد... سيناريو بطله الاوحد الحارس الرهيب فلادو سولا الذي اوقف المانيا بكريتشمار ودراغونسكي وفيلق العمالقة... سولا الرهيب لم يستطع ان يفعل شيئا لانقاذ كرواتيا من براثن احفاد الفيكينغ او حتى نكون واضحين من براثن منتخب نرويجي مر تدريجيا الى سرعته القصوى. النرويج أطاحت في اليوم الاول للدور الثاني بكرواتيا ولقنتها درسا في كرة اليد الحديثة. ديناميكية مذهلة على الميدان... هجومات خاطفة... غياب للمراكز الثابتة... كل اللاعبين ذاقوا طعم الشباك الكرواتية وكل المؤشرات توحي بمفاجأة اكبر من الفوز على كرواتيا. **المانيا تدفع الثمن في ثوب المراهن البارز دخلت المانيا المونديال التونسي لكن المانيا الدورة الحالية ليست المانيا النهائي البرتغالي وليست المانيا بطولة اوروبا... غيابات عديدة ومؤثرة وخبرة شبه مفقودة لدى اغلب اللاعبين... عوامل كثيرة حكمت على هذا المنتخب بدخول الدور الثاني ضعيفا من حيث الاقناع ومن حيث نقاط الحوافز. ألمانيا دفعت الثمن مبكرا امام منتخب اسباني ظل على الدوام واحدا من اقوى المنتخبات العالية وافضلها جمالية في الاداء. المانيا المونديال الحالي لن تذهب بعيدا واحلامها قد تكون تحطمت امام مروّضها الاسباني. **بروح يوغسلافية أفرز الدور الاول للمونديال عدة مفاجآت سارة من أبرزها قطعا المفاجأة الصربية الصاعدة من المجموعة الرابعة... صربيا او يوغسلافيا السابقة قهرت الكبرياء الالماني ودخلت الدور الثاني باوفر حصيلة من الحوافز مع ملاحظة امتياز من حيث الاداء. الحظ فرض على هذا المنتخب خلال هذه المرحلة التواجد مع ابرز المنتخبات العالمية المرشحة تقليديا للفوز باللقب لكن حتى في صورة ضياع الحلم فان هذا المنتخب انجز المهم وتثبيت الروح السابقة ليوغسلافيا كمدرسة من المدارس العالمية البارزة في كرة اليد.