تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمناسبة: نحو الاحتمالات الاخطر والأسوإ
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

انتهت الانتخابات الامريكية ووصفها الرئيس الامريكي بأنها علامة تاريخية. وهي فعلا كذلك، الا من حيث أنها ستفتح العراق على غد ديمقراطي جديد، ولكن من حيث أنها ستفتح العراق على الاحتمالات الاخطر والاسوإ. هلّل الامريكيون والبريطانيون لمجرد تنظيم تلك الانتخابات، وبدا واضحا، حرص المسؤولين الامريكيين والبريطانيين على اقناع العالم بأن الانتخابات قد نجحت، رغم كل ما أحيط بها من تزييف وانعدام شفافية، اذا تجاوزنا، جدلا، عدم شرعيتها من حيث انها تنظّم تحت الاحتلال وبتخطيط منه، اضافة الى عدم مشاركة جزء رئيسيّ من العراقيين. فقد كان واضحا ان الادارة الامريكية تريد تقديم هذه الانتخابات، باعتبارها انجازا حقيقيا، و»الوعد الامريكي» الذي تحقق بنشر الديمقراطية في كل العالم العربي، بدءا بالعراق.
هذه الانتخابات ارادتها واشنطن، لينسى العالم، المبرّرات الاولى التي ساقتها لاحتلال العراق، ومنها اسلحة الدمار الشامل، وما كان يمثله العراق من «خطر» على الأمن القومي الامريكي، والروابط المشبوهة بين العراق وتنظيم القاعدة، أو بين الرئيس صدام واسامة بن لادن... وغيرها من الدعاوى التي تمّ ترويجها، وتبيّن بعد ذلك كذب وتهافت هذه المبرّرات، الواحدة بعد الاخرى... كل ذلك تريد الادارة الامريكية ان ينساه العالم، لتبدأ «ولادة» العراق، يوم الانتخابات، وفعلا رحّب الكثيرون في العالم بهذه الانتخابات، بل واعتبروها المحطّة الانتخابية التعددية والحقيقية الاولى التي يعرفها العراق!
وطبقا لنفس المنطق، يؤكّد الاكراد والشيعة في العراق، نفس الموقف الامريكي حول الانتخابات، على الرغم مما حف بهذه العملية من غموض، على مستوى القانون الانتخابي حيث تتم العملية طبقا لقوائم انتخابية، يكون الولاء فيها لجهات معينة، بما أن أسماء المرشحين غير معلومة، والولاء في النهاية هو للطائفة، كما اظهرت نتائج الانتخابات، التي برز فيها الشيعة والأكراد، وسوف يتم استكمال الفرز وتوزيع المكاسب المناصب، طبقا لنفس المحاصصة الطائفية، ولموازين القوى بينت «الطائفتين» المدعومتين امريكيا، الشيعة والأكراد، الذين أكّدا تحالفا ظرفيا، بين قومية عرفية من ناحية، وطائفية دينية من ناحية أخرى، بصرف النظر عن وجود الاحتلال، خلال العملية الانتخابية، أو بعدها، من خلال تصريحات رفضت فيها قيادات هذا التحالف، خروج قوات الاحتلال، لانها تدرك ان وجودها سيظل مرتبطا بوجود هذه القوات. وسوف يكون أمام هذا التحالف، المحكوم بضرورة الاستمرار، أن يصنع لنفسه، على المدى المتوسّط، «مشاريع» ومعارك، يركّز عليها، لتفادي طرح السؤال الرئيسي وهو موعد خروج قوات الاحتلال، ومن هذه المشاريع، توزيع السلطات طبقا للمنطق الطائفي، أي الطوائف التي تتولى رئاسة الجمهورية، وأي الطوائف التي تتولى رئاسة الوزراء، وأي الطوائف التي تتولى رئاسة المجلس الوطني، وكيف يمكن وضع الدستور الدائم، وكلّها استحقاقات سوف يتم التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، حتى لا يتم التطرّق الى خروج قوات الاحتلال، بما أن هذه القوات جاءت مع الاحتلال ولا ترغب في خروجه، وبما أن الطرفين الامريكي والبريطاني رفضا بعدُ، اي جدولة لانسحاب القوات الاجنبية، وهو امر متوقّع لأن المطلوب هو ايجاد اتفاق مع هذه القيادات العراقية الجديدة لبقاء القواعد العسكرية الامريكية الدائمة في العراق، خاصة وان هذه الانتخابات قد أعطت، هذه القيادات ومن منظور امريكي، «شرعية» اتخاذ مثل هذا القرار.
كل شيء يسير، كما يبدو للامريكيين وللطائفيين المتحالفين معهم، في الطريق الصحيح الذي تم التخطيط له، ولكن الوضع في حقيقة الامر، بوّابة مفتوحة على كل المخاطر، محليا في العراق واقليميا، حيث أحيا الاحتلال الامريكي للعراق، وكل ما تبع ذلك من اجراءات، كل الفروقات والخلافات بين شيعة وسنّة، وقد تابعنا في العراق ما تملّك شيعة هذا البلد من احقاد، جعلتهم يرحبون بتغيير احدثه الاحتلال، بل وينخرطون فيه من خلال عدم مقاومته والتداول في ما طرحه من حلول، بما يعني افساح المجال امام المحتل لتوجيه قمعه نحو السنة والمدن ذات الاغلبية السنية.
هذه الانتخابات افسحت المجال ايضا امام الاكراد ليصبحوا قاب قوسين او أدنى من اعلان دولة مستقلة في كردستان، وهو امر يتداوله المسؤولون الاكراد علنية، ومنهم من يتولى مسؤوليات عليا في الدولة العراقية، على الرغم من ان انشاء كيان كردي شمال العراق، هو خط احمر اتفقت كل دول المنطقة على عدم تجاوزه، وفي كل ذلك تبدو الادارة الامريكية وقد تبنّت شعار «دع الامور تتعفّن» سواء على مستوى الموضوع الكردي عبر تشجيعها اكراد العراق نحو الانفصال، وهي تدرك ان ذلك سيفتح جبهات قتال في كل الدول المجاورة، او عبر تشجيعها الانفصال الحاصل تدريجيا بين الشيعة والسنة... البعض يرى أن واشنطن تفتقر في كل ذلك الى سياسات لما بعد الحرب، ولما بعد الانتخابات، ولكن في حقيقة الامر، فإن الامور تسير وسط هذا الغموض، نحو الوضع الامثل الذي تطمح واشنطن الى حدوثه، وهو تقسيم العراق، بما يمكّنها من وضع يدها على ثروات العراق، في الشمال حيث الحليف الكردي، وفي الجنوب حيث الحليف الشيعي وسوف يكون بامكانها ان تتعامل مع المنطقتين والحليفين كما تعاملت مع اليابان وكوريا الجنوبية، ضد كوريا الشمالية، أي مع الاكراد والشيعة ضد، السنة وسط العراق، عبر تركيز اعادة الاعمار والاستثمار في الشمال والجنوب، ومحاصرة الوسط وعزله وافقاره. ولن تتردّد واشنطن، امام الانفجار الحاصل في العراق، وهي التي عملت من اجل ذلك منذ البداية عندما حلّت كل مؤسسات الدولة العراقية، ولنا في ما حدث في يوغسلافيا سابقا، أبرز مثال على ما يمكن ان يحلّ من خراب بالدول. ولكن كل تلك المخططات تظل مرهونة بمدى استمرار القاعدة الشيعية او الكردية في تبني النهج الذي سلكته قياداتها، تحت مظلّة الاحتلال، عندما تتأكّد هذه القواعد، ان الاحتلال لم يجلب لها الديمقراطية، او الانصاف وان الاحتلال انما جاء لتحقيق اهدافه الخاصة، وهي اضعاف العراق والاستيلاء على موارده واحلال الخراب به، عندها فقط سيكون بامكانها ان تكون دعما للمقاومة الحالية ذات الاغلبية السنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.