عندما يصبح الجمهور طرفا في العمل الثقافي لابد ان تكون النتيجة تفاعلا وتناغما بين المبرمج والمتلقي، وهذا بالضبط ما ادركته دار الثقافة ابن رشد بمنزل عبد الرحمان في بداية موسمها الثقافي الجديد من خلال برمجة سهريتين شعريتين لاقتا اقبالا كبيرا من طرف روادالدار وخاصة الشباب، وإن كان الشعر ليس غريبا عن هذه الدار التي احتضنت الكثير من الشعراء الشباب الذين صاروا الآن قامات في المدونة الشعرية التونسية، فإن الطريف في تجربة هذا الموسم وحسب ما افادنا به السيد هشام مراد مدير الدار، هو أن الجمهور الحاضر صار يقترح الاسماء ويدعو المنظمين الى استضافة شعراء معينين، وهذا دليل على متانة العلاقة بين المؤسسة الثقافية بمنزل عبد الرحمان وجمهورها العريض الذي يواكب برامجها المتميزة والقادم من بعض المدن المجاورة كبنزرت وجرزونة ومنزل جميل. السهرة الاولى تميزت بتفاعل الجمهور مع قراءات الشعراء الذين نوعوا من مضامين قصائدهم، فمن وجدانيات نورالدين بالطيب الى ذاتيات عبد الله مالك القاسمي مرورا الى وطنيات محفوظ الجراحي وصولا الى محبات المنصف المزغني و»امرأته العائدة من الحرب» التي ألقاها بطريقة اقرب الى الترتيل الصوفي من الانشاد الشعري. أما السهرة الثانية فقد كانت استضافة لجماعة «الكون» هذه «الجماعة» الابداعية الخاصة التي انبثقت من رحم العاصمة لتشع على الوطن بأكمله، متوهجة بالاختلاف ومتجانسة بالائتلاف، تجمع بين الشعر والادب والنقد والفنون، والتي نتمنى ان تتجذر تجربتها لتعيد لتونس مجد جماعة مقهى تحت السور وغيرها من المقاهي التي كانت دوما مخبرا للتجارب الابداعية في شتّى المجالات، رحيم جماعي، مبروك غراب، عمار النميري، سعاد الشايب، وليد الزريبي وأثثوا هذه السهرة التي واكبها بشغف واهتمام جمهور شبابي متحفز للاستماع الى الشعر التونسي.