عاجل/ يهم هؤولاء..وزارة التربية تعلن عن بشرى سارة..    5 ٪ زيادة في الإيرادات.. الخطوط الجوية التونسية تتألق بداية العام الحالي    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    تقلص العجز التجاري الشهري    عاجل/ استشهاد 3 أشخاص على الأقل في قصف صهيوني لمبنى تابع للصليب الأحمر في غزة..    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    القيروان: تسجيل حالات تعاني من الإسهال و القيء.. التفاصيل    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    العاصمة: وقفة احتجاجية لعدد من اصحاب "تاكسي موتور"    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    صدور قرار يتعلق بتنظيم صيد التن الأحمر    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    عاجل/ منخفض جديد وعودة للتقلّبات الجويّة بداية من هذا التاريخ..    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    "ألفابت" تتجه لتجاوز تريليوني دولار بعد أرباح فاقت التوقعات    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب هذه المنطقة..    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    مهرّبون متورّطون مع أصحاب مصانع.. مليونا عجلة مطاطية في الأسواق وأرباح بالمليارات    الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي تتراجع بنسبة 3ر17 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    سعر "العلّوش" يصل الى 2000 دينار في هذه الولاية!!    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من جيل المواقف والتفاعلات الى اجيال الحسابات والتحالفات
الجماعات الادبية بتونس: بقلم: سوف عبيد
نشر في الشعب يوم 21 - 06 - 2008

تُعدّ الجماعات الادبية من اهم العلامات المؤثرة في تاريخ الثقافة التونسية المعاصرة بداية من جماعة شيوخ الاصلاح في منتصف القرن التاسع عشر الذين تخرجوا في جامع الزيتونة ومن بينهم الشاعر محمود قابادو والمؤرخ ابن ابي الضيف والشيخان محمد السنوسي وسالم بوحاجب الذين دعوا في كتاباتهم المتنوعة الى ضرورة الاقتباس من الحضارة الاوروبية ما يوافق الشريعة غير ان صوت تلك الجماعات لم يجد نفعا فقد احتلت فرنسا البلاد التونسية سنة 1881.
ثم بعد أن أمسى الاحتلال الأجنبي مهيمنا على البلاد دأبت النخبة الفكرية والادبية المتخرجة في مؤسستي جامع الزيتونة والمدرسة الصادقية على تأسيس الجمعيات والصحف والمجلات مثل الجمعية الخلدونية ومجلة السعادة العظمى وجريدة الحاضرة لتكون منابر للحركة الوطنية ولتبقي جذوة الوعي متأججة جيلا بعد جيل...
في هذا المناخ المشحون بالتحديات والتناقضات ظهرت جماعة الثلث الاول من القرن العشرين تلك التي جمعت الشابي والحليوي والبشروش وبعدها تأتي جماعة تحت السور التي ضمت الدوعاجي والعريبي وغيرهما من الصحافيين والفنانين فكانت تلك الجماعات الاطار الذي شهد ظهور الحركات الادبية الفاعلة والمؤسسة بما كان في رحابها من تناغم وتباين أيضا ضمن تفاعلاتها الداخلية وبما وجدته كذلك من اختلاف وتناقض مع محيطها حيث انتجت جملة من المواقف والنصوص هي اليوم المرجع لتلك الحركات العديدة.
قبيل منتصف القرن العشرين نشأت جماعة أخرى من الادباء اتخذت منبرها مجلة المباحث نذكر من بينهم محمود المسعدي والصادق مازيغ وكان يجمع بينهم خاصة تكوينهم الدراسي العصري وذودهم عن الاصالة التونسية في مواجهة الاستعمار مع انفتاح على الثقافات الغربية والتزامهم بالقضية الوطنية في تلك السنوات الحاسمة من تاريخ تونس الحديث وقد انتجت هذه الجماعة هي أيضا جملة من الاثار الادبية ابداعا ونقدا وترجمة تعتبر رصيدا مهما في الادب التونسي الحديث.
آفاق الاستقلال
في سنوات الخمسين نشأت جماعة رابطة القلم الجديد ضمت طلائع الشباب الأدبي وقتذاك واجتمعت حول مقولات عامة في الأدب لم تتمكن من بلورتها في نصوص مرجعية واضحة لانها كانت الى العلاقات الشخصية أقرب فهي بمثابة المجالس والمنتديات التي ضمت عديد الاسماء النشيطة في تلك السنوات من بينها عديد الادباء الجزائريين الذين كانوا يقيمون بتونس اثناء حرب التحرير.
في السنوات الاولى من الاستقلال استطاعت مجلة الفكر التي أسسها الاستاذ محمد مزالي بمعية الاستاذ البشير بن سلامة أن تستقطب أهم الادباء التونسيين بمختلف اجيالهم ومشاربهم حتى أضحت المنبر الذي التقت فيه أغلب الاقلام ذات التوجه التجديدي حيث وجد الادباء انفسهم في إطار جديدوضمن معطيات جديدة من اهمها ظهور جيل فتي قد فتح عيونه على التعليم الوطني وعلى العالم بما فيه من تحولات وارهاصات مما جعله لا يتأقلم مع السائد من الثقافة ويطمح الى مقولات الحداثة والتجريب فراح يتشكل هنا وهناك ضمن مجموعات ادبية لعل من أولها جماعة نادي القصة سنة1964 وكان من اعمدتها محمد العروسي المطوي والبشير خريف والطاهر قيقة الذين فتحوا المجال للأقلام الجديدة وقتذاك مثل حسن نصر وعزالدين المدني ويحيى محمد وعمر بن سالم ومحمود بلعيد ومحمود طرشونة ومحمود التونسي ولينضم الى الجماعة محمد الهادي بن صالح ورضوان الكوني وأحمد ممو والتابعي الخضر وفاطمة سليم وعروسية النالوتي وغيرهم من ادباء السبعينيات بعد ذلك.
إن جماعة نادي القصة قد أسست للسرد في تونس بفضل إصرارها عل النقد الذاتي في ما بينهم وبفضل دأبهم على مواكبة الكتابات الجديدة في العالم فأضحت مجلة قصص منبرا متميزا للقصة العربية.
عند أول الستينيات من القرن العشرين عادت جماعة أخرى من الجامعات الفرنسية سرعان ما تصدرت التدريس في منابر كلية الآداب الفتية وراحت هي بدورها تسهم في تطوير الثقافة الوطنية من زوايا أخرى فأصدرت مجلتي الحوليات ومجلة التجديد التي لم تتمكن الا من الصدور في اعداد قليلة لكنها طرحت مقولات جديدة في الثقافة والادب كان لها الاثر الواضح بعد ذلك.
ويمكن ذكر ثلاثة من أبرز هذا الجيل الذي طور الادب التونسي بفضل أفكاره الجديدة ومن خلال تدريسه وإشعاعه وأعني بهم الاساتذة منجي الشملي وتوفيق بكار وصالح القرمادي إضافة الى الاديب الدكتور فريد غازي الذي توفي شابا في مطلع الستينيات.
إن بعض المقاهي في وسط العاصمة كانت فضاء للتلاقي بين الادباء التونسيين اثناء سنوات الستينيات من القرن العشرين نذكر مقهى «المغرب» بشارع فرنسا الذي كان يجلس فيه خاصة البشير خريف مع جملة من أصدقائه ومريديه ثم مقهى «الكون» الذي كان فضاء للقاء عدد من الشعراء والرسامين مثل الميداني بن صالح ونجيب بلخوجة.
ولم تكد الستينيات تلفظ سنواتها حتى كان الادباء في غمرة الاحداث الجسام تلك التي هزت الوطن العربي في حرب جوان 1967 وشغلت أحرار العالم ضد حرب فيتنام في شرق آسيا فتأثرت الذهنيات التونسية بتلك الوقائع الى حد بعيد بالاضافة الى تفاعلها مع المستجدات الثقافية في الصين وفي فرنسا وفي أمريكا وكلها كانت تدعو الى إعادة طرح الاسئلة الاساسية في الفكر والفن والحياة حيث تزامنت تلك الارهاصات مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي شهدتها البلاد في هذه السنين اثر الشروع في تطبيق القوانين العائلية والاقتصادية والتعليمية الجديدة ومنها خاصة حل مؤسسة التعليم في جامع الزيتونية ومنع تعدد الزوجات وتطبيق المنهج الاشتراكي واعتماد نظام الحزب الواحد في الحكم.
البحث عن البديل
في مطلع السبعينيات من القرن العشرين بدأت ملامح جديدة تلوح في المشهد الثقافي في تونس إذ شكلت حركة نشيطة بين الشباب الذي نهل من المعرفة على مقاعد المدارس والمعاهد والجامعة التونسية وهو لئن كان متجذرا في بيئته التونسية الا انه كان مطلعا ومواكبا للحركات الفكرية والادبية والفنية سواء في المشرق أو المغرب بالاضافة الى ظهور عدّة منابر أدبية قد ساعدت على بلورة هذه الحركة الجديدة لعل من أهمها مجلة «ثقافة» التي صدرت عن النادي الادبي بدار الثقافة ابن خلدون بإدارة عبد القادر القليبي ومجلة قصص الصادرة عن نادي القصة بالنادي الثقافي بالوردية ومجلة الفكر التي فتحت صفحاتها للشعر الجديد تحت عناوين عديدة من بينها خاصة في غير العمودي والحر وقصائد مضادة و ألوان جديدة حيث برز جيل جديد من الشعراء من بينهم الطاهر الهمامي ومحمد الحبيب الزناد وفضيلة الشابي والتهامي الكار ثم مختار اللغماني ونورالدين عزيزة ومحمد أحمد القابسي وأحمد الحباشة بالاضافة الى شعراء مطلع الاستقلال ومن بينهم نورالدين صمود ومحي الدين خريف والميداني بن صالح وجعفر ماجد وعلي عارف وغيرهم.
وقد نشطت هذ الجماعة في تحريك المشهد الادبي بين أنصار هذا اللون من التجديد وبين المناهضين له الذين نذكر من بينهم خاصة أحمد اللغماني وعلي دب.
إذا كان المظهر الشكلي في الخلاف بين الجماعتين هو المتناول في الجدال بينهما إلا ان المسألة تخفي تناقضا بين موقفين من الشعر يتمثلان في أن المجددين يرومون البحث عن التعبير عن المعاني الجديدة بأشكال متحررة من العروض واللغة الصافية بينما الجماعة المناهضة تقف موقف الدفاع عن الاصالة والجمالية في مفهومها التقليدي.
ثمة نصوص شعرية أخرى كانت تنطلق من البحث عن تطوير الفن الشعري عامة دون ان تلتزم بالجماعة في عنوان «غير العمودي والحرّ» نذكر من بينها خاصة محمد مصمولي في نصوصه التي جعل لها عنوان «القصيدة المضادة» ونورالدين صمود الذي كتب عدة قصائد تروم التجديد تحت عنوان «ألوان جديدة» وعندما كانت سنة 1970 أصدر الاديب صالح القرمادي ديوانه بعنوان «اللحمة الحيّة» بتقديم الاستاذ توفيق بكّار الذي انتصر في مقدمته لشعر القرمادي باعتبار أن تفعيلة الحياة أهم وأبدع من تفعيلة الخليل بن أحمد وسرعان ما شب النقاش والجدال بين الشعراء والادباء والمبدعين حول مواضيع اللغة والايقاع والجمهور والالتزام والتراث وغيرها مما حرك السواكن وزلزل الثوابت في تلك السنوات الاولى من السبعينيات.
والغريب حقا انه بعد ثلاثين سنة من تلك المواقف المتناقضة سنقرأ قصائد موزونة عصماء لأولئك الشعراء الذين كانوا قد نادوا بالثورة على التفعيلات والبحور والقوافي بل ان الشاعر نور الدين عزيزة وهو أحد المنظرين والدعاة للشعر الجديد قد أصدر كتابا مختصا في العروض وسينشر الشعراء الآخرون الذين كانوا ضد الشعر الجديد في تلك السنوات عديد القصائد التي يمكن اعتبارها من الشعر الحداثي وتلك هي تطورات المواقف والمفاهيم بحكم قانون الزمن ولعل تفسير تراجع هؤلاء وأولئك هو ان الشعراء الذين كتبوا في التجديد ارادوا اثبات قدرتهم علي امتلاك ناصية القديم، أما الشعراء الذين كانوا قد رفضوا الشعر الحديث في تلك السنوات فكأنهم ارادوا بدورهم الانخراط في ركاب الشعر الجديد قبل فوات الاوان.
إبّان السنوات الاولى من سبعينيات القرن العشرين انشئ اتحاد الكتاب التونسيين وطيلة هذه العشرية لم يكن له نشاط يذكر ما عدا احتضانه لمؤتمر الادباء والشعراء العرب سنة 1973 وتنظيمه لمهرجان ابن رشيق في القيروان ذلك أن مجلته «المسار» ونواديه الادبية الاسبوعية لم تظهر الا بعد سنة 1982 عندما صار له مقره المستقل في شارع باريس بالعاصمة.
ما كادت السبعينيات تنتصف حتى خفتت اصوات جماعة الطليعة الأدبية لأسباب متداخلة لعل من أهمها تباين المنطلقات والأهداف وتذبذب المرجعيات الفكرية فيمكن تشبيهها بالعاصفة الهوجاء أو بالموضة العارمة ولكنها تركت بصماتها في نصوص محدودة القيمة الفنية في الشعر غير أنها على مستوى القصة والمسرح كانت أثبت وأجدر، أما في النقد فقد مثلت تلك السنوات الانطلاقة الحاسمة للاطروحات الجديدة في اللغة والأسلوب وفي غيرهما من القضايا الأدبية تلك التي شهدت دخول الجامعيين إلى الميدان فيما بعد.
عند منتصف السبعينيات سجل نادي الشعر حضوره من خلال أمسيات يوم الجمعة سواء في الطابق العلوي من دار الثقافة ابن خلدون أو في دهليز دار الثقافة ابن رشيق حيث كان يجتمع كل أسبوع عدد كبير من الشعراء نذكر منهم محمد أحمد القابسي ومختار اللغماني وحسين العوري ومحمد العوني وخالد النجار ونورالدين عزيزة وعبد الحميد خريف وعبد الله مالك القاسمي ومحمد معالي ونجاة العدواني وسندرلا اليحياوي ثم صار يتردد على جلسات ذلك النادي هشام بوقمرة ومحمود عبد المولى وأدم فتحي ومنصف المزغني ولعل أهم أنشطة ذلك النادي كانت تتمثل في الحوارات الجدية بين الحضور حول قضايا الشعر والثقافة عامة وتمكنت تلك المجموعة من إقامة عديد «الايام الشعرية» خلال سنوات 1978 و1979 و1980 شارك فيها أغلب الشعراء سواء من العاصمة أو من داخل البلاد فكانت مناسبة لظهور شعر تونسي جديد يختلف الى حد بعيد عن شعر الستينيات وأوائل السبعينيات.
الاغصان المختلفة
إذا كان نادي الشعر بالعاصمة قد مثل طيلة سنوات آخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات أهم منبر أدبي رغم تنقله ما بين دار الثقافة ابن خلدون ودار الثقافة ابن رشيق فإن داخل البلاد قد شهد هو كذلك بعض الأنشطة ساهمت في تفعيلها عديد الجماعات الادبية نذكر من بينها جماعة نادي الادب بدار الثقافة بمدينة صفاقس وقد كان ملتقى اسبوعيا يحضره أدباء الجهة والشعراء من بينهم عبد الرزاق نزار وعبد الرزاق الفريخة ومنصف المزغني ونورالدين بوجلبان ثم محمد البقلوطي وعبد الجبار العش وغيرهم أما في مدينة توزر فقد نشط الادباء والشعراء في عقد الجلسات الادبية في رحاب الجمعية المحلية «الطالب التوزري» ونذكر خاصة من بينهم الاديب الشاذلي الشاكر والشعراء محمد الامين الشريف ومحمد علي الهاني الذين أسسوا بدعم من الجهات الثقافية الاخرى مهرجان الشعر العربي الحديث بالجريد والذي سيتواصل الى اليوم.
اما في مناطق المناجم وتحديدا في مدينة المتلوي فإن الشعراء هناك سينتظمون حول مواضيع مناجم الفسفاط وما يدور حولها من معاناة وتحد للطبيعة وتعلق بقيم العدالة والانعتاق على المستوى الاجتماعي والانساني وقد عرفوا بجماعة شعراء المناجم نذكر من ينهم خاصة محمد عمار شعابنية وسالم الشعباني ومحمد مختار الهادي وقد كانوا النواة التي أسست لمهرجان الشعر بالمتلوي الذي مازال مستمرا ومنتظما في دوراته.
في هذه السنوات نشأت جماعة «الأخلاء» التي تكونت من خلال نشرها لكتبها الخاصة والمشتركة في دار نشر «الأخلاء» لصاحبها الشاعر أبو وجدان الصادق شرف الذي كان شديد الرفض للتجارب الجديدة في الشعر في تلك السنوات الاولى من الثمانينيات حيث أصدر عديد النصوص في هذا الموقف ومن أبرز الشعراء في هذه الجماعة حميدة الصولي ويوسف رزوقة وعبد الله مالك القاسمي وعبد الرؤوف بوفتح والحبيب الهمامي وعبد الله البلطي وانتشرت في تلك السنوات ظاهرة الامسيات الشعرية التي كانت تقيمها عدة اطراف ثقافية في اغلب جهات البلاد سواء في دور الثقافة او في المعاهد والكليات والمبيتات والجمعيات الاخرى واحيانا تكون بمرافقة الفرق الموسيقية التي كانت تؤدي الاغاني والاناشيد الملتزمة مثل فرقة البحث الموسيقي بقابس وفرقة الحمائم البيض التي لا تزال قائمة الى اليوم ويمكن ذكر كذلك بعض الفنانين مثل الهادي قلة ومحمد بحر والزين الصافي وحمادي العجيمي وقد كان يشارك في بعض تلك النوادي والمهرجانات عدد من الشعراء الفلسطينيين الذين أقاموا بتونس بعد اجتياح بيروت سنة 1982 .
اما في مدينة القيروان فقد تألفت جماعة اخرى من الشعراء هم خاصة منصف الوهايبي ومحمد الغزي وجميلة الماجري ثم انضم إليهم في النشاط والحركة والمواقف حسونة المصباحي وخالد النجار ومحمد رضا الكافي.
وهؤلاء الجماعة ينطلقون من المراجع التراثية في التصوف ومن الوزن الخليلي في الايقاع معبرين عن تعلقهم بالقيروان باعتبارها رمزا للأصالة العربية وقد خاضت هذه الجماعة عدة سجالات في المنابر الصحفية في سنوات الثمانينيات مما يجعلها اوضح حركة بعد حركة الطليعة السابقة.
في سياق مطلع سنوات الثمانينيات إذن انتظم الملتقى الاول والثاني للشعر التونسي الحديث بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات وكان يشتمل على مداخلات نقدية وعلى قراءات شعرية ثم على البيان الختامي غير انه قد سجل اختلافا كبيرا بين الشعراء المشاركين عند النقاش والحوار فيما بينهم والنقاد ايضا مما افضى بالملتقى الاخير الى ظهور ثلاثة تيارات او اتجاهات كبرى هى:
أولا : جماعة المنحى الواقعي وهي تمثل بقايا جماعة في غير العمودي والحر وتعتبر أن الشعر وسيلة من وسائل التعبير عن التناقضات التاريخية بما فيها الصراع الطبقي بحيث ان الأدب لديها ينبغي أن يكون في خدمة القضايا الاجتماعية والانسانية من دون الاحتفال بالابعاد الجمالية وقد مثل هذا الاتجاه كل من الطاهر الهمامي ومحمد معالي وسميرة الكسراوي.
ثانيا : جماعة الشعر الكوني وهي تمثل مجموعة شعراء القيروان خاصة وترى هذه الجماعة ان الابعاد القومية العربية هي المنطلق لديها مع الانفتاح على الثقافات الانسانية الاخرى وفد وقفت ضد المنهج الواقعي تحديدا وقد مثل هذه الجماعة كل من منصف الوهايبي ومحمد الغزي وحسونة المصباحي.
ثالثا : الجماعة الثالثة وقد كانت ترى ان الشعر بحث وتجديد وتحرر أولا يكون دون الالتزام بضوابط إيديولوجية سواء تلك التي مأتاها المشرق او الغرب وتعتبر ان الشعر التونسي متفاعل مع الشعر العربي بما يزخر به من تنوع وتعدد وإضافة وقد كان من بين هذه الجماعة منصف المزغني ومحمد العوني ومحمد الصغير اولاد أحمد وأحمد الحاذق العرف وكاتب هذه السطور.
وقد تكونت لجنة بعد هذا الملتقى لتنظيم الملتقى الموالي على أن يشمل شعراء آخرين فاعلين في المشهد الادبي لتعميق الحوار ولتجذير الافكار ولتوضيح الافاق غير ان إدارة المركز الثقافي الدولي لم تستجب لمواصلة تنظيم تلك الملتقيات الشعرية آنذاك.
لذلك دعا عدد من الشعراء الى قرع أبواب اتحاد الكتاب التونسيين في مقره الجديد بشارع باريس بالعاصمة فوجدوا الترحاب والاحتضان من لدن رئيسه الاديب محمد العروسي المطوي فتأسس بداية من سنة 1984 نادي الشعر الذي كان أكثر تنظيما وتفاعلا وإشاعا.
اختلاط الاوراق
منذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين أضحى فضاء اتحاد الكتاب التونسيين ملتقى للأدباء من جميع الاجيال والاتجاهات الفكرية والفنية وقد تجسم هذا التنوع والاختلاف في هيئاته المتلاحقة على مدى تلك السنوات حيث كانت تضم اغلب الالوان والاشكال الفكرية والادبية وحتى السياسية وقد تعزز في هذا الخضم نادي الشعر بمنتدى القصة وبمنابر اخرى لعرض الكتب الفكرية والقضايا العالمية الجديدة بحيث اضحى اتحاد الكتاب التونسيين في تلك الفترة من الثمانينيات يعج بالنشاط والحركة والحوارات خاصة ان عددا من اساتذة الجامعة في الادب والحضارة قد ولجوا نواديه بالاضافة الى استضافته لاغلب الادباء العرب الذين كانوا يتوافدون على تونس بمناسبة او باخرى مع غيرهم من الادباء والمستشرقين من أوروبا وآسيا بحيث ان الادب التونسي شهد سنوات خصبة خاصة عندما توطدت الصلات بين المشرق والمغرب وعند صدور مجلة «المسار» التي كانت مطلبا لاعضاء الاتحاد على مدى سنوات متواصلة.
وما كاد فجر حركة السابع من نوفمبر 1987 يتجلى حتى طوى الادباء التونسيون مرحلة مهمة من مراحل تاريخهم الحديث وراحوا يرنون ويستشرفون افاق المستقبل بآمال عريضة لذلك كانت سنوات التسعينيات الطفرة التي مثلت بوضوح رسوبات السنوات الطويلة والثقيلة الماضية بما كان فيها من تناقضات وخيبات وبما حملته من طموحات واحلام الجيل الذي فتح عيونه على المكتسبات العديدة وخاصة في تلك الانجازات الثقافية التي كانت حلما قبل التغيير وصارت واقعا ملموسا في سنوات القرن العشرين الاخيرة والتي تتمثل خاصة في سهولة النشر والترويج والظهور في وسائل الاعلام المختلفة والمشاركة في الملتقيات والندوات والمهرجانات على مدى شهور السنة وفي كامل جهات البلاد حتى صار البعض يشكو من اختلاط الحابل بالنابل وطغيان الكثرة على الجودة غير انه ثمة علامات تظل محطات ادبية مهمة وتمثل مناسبات للتلاقي على مستوى الشعر والنقد نذكر من بينها خاصة:
1 مهرجان الشعر العربي بالجريد
2 مهرجان الشعر بالمتلوي
3 مهرجان الشعراء الشبان بحي الزهور
4 مهرجان الشعراء الشبان بقليبية
5 مهرجان الشعر الحديث ببنزرت
6 مهرجان الربيع ببوسالم
7 خيمة علي بن غذاهم للشعر بجدليان
8 مهرجان مرآة الوسط بسيدي بوزيد
9 ربيع الفنون بالقيروان...
وغيرها من الملتقيات والندوات الادبية المختصة التي تنتظم بشكل مناسباتي أو بشكل دوري في كامل الانحاء التونسية مثل مدينة سوسة التي تستقبل المبدعات العربيات في كل سنة ومثل مدينة قابس التي ينظم مهرجانها ملتقى الرواية العربية ومثل مدينة صفاقس التي ينتظم فيها ملتقى الشاعر محمد البقلوطي وغيرها من المدن والقرى التي عملت طيلة هذه السنوات على دعوة الادباء في مناسبات عديدة مثل المنستير وتطاوين ومدنين والقصرين وزغوان وعين دراهم ومنزل عبد الرحمان ومنزل جميل والمروج وبن عروس والزهراء ودار شعبان ومقرين وغيرها وذلك بالتنسيق مع لجانها الثقافية حينا ومع المندوبيات الثقافية حينا أخر وكذلك مع بعض الفروع الناشطة لاتحاد الكتاب.
إنّ الملاحظة الواضحة خلال هذه السنوات تتمثل في كثرة تنظيم اللقاءات الادبية وفي كثرة الإصدارات للكتب سواء على الحساب الخاص او ضمن دور النشر الجديدة التي هي بدورها لا تقيم وزنا يذكر للناحية الادبية بحيث ان اتحاد الكتاب تجاوز عدد أعضائه المنتسبين الخمسمائة بعدما كان هذا العدد لا يتجاوز المائة سنة 1987.
في هذا السياق من التهافت على النشر والمشاركة في المهرجانات والندوات والملتقيات وفي تنشيط المنابر الاعلامية وفي نيل العضوية في هذه الهيئة او تلك من الجمعيات وغيرها من الفضاءات المختلفة برزت المنافسات والخلافات التي لا ترتكز على أساس ادبي ولا تنبني على برنامج فكري وانما تقوم على تكتيك حركي اساسا لكسب الفرص والامتيازات الشخصية.
أهم جماعة جديدة ظهرت في هذه الفترة جماعة ادباء التسعينيات وأباء التسعينيات تسمية ظهرت في اذاعة المنستير بمناسبة تنظيمها لعدة ملتقيات ادبية تحت هذا العنوان ثم ترسخت بعد ذلك لدى الشعراء الذين اصدروا دواوينهم في السنوات التي أعقبت تحول السابع من نوفمبر 1987 وكانوا قد برزوا في النوادي والملتقيات الادبية الشبابية خاصة غير انهم لم يتفردوا بمقولات خاصة بهم في المضمون والشكل ذلك ان ظلال المدونة السابقة لهم تونسيا وعربيا واضحة على أغلب نصوصهم التي تتفاوت في قيمتها الابداعية الى حد بعيد ويمكن ان نسجل بكل وضوح في هذه السنوات الحضور الكبير لموجة الأقلام النسائية.
ثم تشكلت جماعة شعراء تحت النخلة وهي النخلة التي في ساحة اتحاد الكتاب التونسيين بشارع باريس حيث كانوا يجلسون ونذكر من بينهم الشاعر المرحوم محمد رضا الجلالي ويبدو ان لقاء الجماعة كان سببه اختيارهم للهامشية مسلكا في الحياة.
ثم جماعة شعراء النادي الثقافي الطاهر الحداد بالمدينة العتيقة في تونس العاصمة وهو النادي الذي نشطه الشاعر يوسف رزوقة سنوات عديدة ولهذه الجماعة مركز نشرها الاسبوعي على منبر جريدة «الصحافة».
ثم جماعة مدونة الملاعين الطيبين وهم الشعراء الذين نشروا ديوانا مشتركا سنة 2002 وضم كلا من صلاح الدين الحمادي وعبد الحفيظ المختومي وحامد المرايحي ومنتصر الحمدي ومنجي الطيب الوسلاتي وابو الهيثم ابن البشير، ثم جماعة مقهى المتروبول حيث اجتمعت في هذا المقهى الصغير وسط العاصمة بين ساحة برشلونة وشارع بورقيبة محاولة إرساء حركة أدبية جديدة قائمة على العلاقات الانسانية الجميلة حسب بعض كتاباتها وتصريحاتها ومن بين هؤلاء الجماعة الباحث والصحفي محمد المي والشاعر صلاح الدين الحمادي والاديب ظافر ناجي.
اما اخر جماعة أدبية في تونس فقد ظهرت في مطلع القرن الحادي والعشرين عند اقامة بعض الامسيات الشعرية واعني بها الثنائي الشاعر عبد السلام لصيلع والشاعرة المرحومة سلوى الفندري حث راحا يشتركان في قراءة نصوصهما الشعرية المتجاوبة والمنسجمة في الموضوع والوجدان كأنها تمثل معارضات او قصائد مشتركة.
صخب وزبد
خلاصة القول في مسيرة الجماعات الادبية بتونس انها مثلت القاعدة الاساسية في الاصلاح على مدى منتصف القرن التاسع عشر باعتمادها على قيم العدل والشورى في مجابهة الحكم المطلق وبدعوتها الى الاخذ بأسباب الحضارة والعلم للارتقاء بالمجتمع الى مرتبة الدول الاوربية وان النصوص الشعرية والنثر لتلك الفترة شاهدة على مدى وعي الاديب التونسي بتحديات عصره.
وعندما جثم كابوس الاحتلال الاجنبي على البلاد سرعان ما انتظم الادباء مع غيرهم من النخب للحث على التشبث بمقومات الشخصية الوطنية حتى تصمد أمام دعوات الاغتراب والذوبان في الثقافة الفرنسية المتغلبة فنشأت جماعات متوالية تعبر عن الانتماء التونسي بجذوره الاصيلة من دون رفض مقولات الانفتاح على الحضارة المعاصرة بما فيها من ابعاد عقلية وأدبية ضمن التفاعل الانساني وقد تجلى ذلك بوضوح لدى جماعة أبي القاسم الشابي على منبر مجلة العلم الادبي ثم مع جماعة محمود المسعدي على منبر مجلة المباحث ومن ناحية أخرى عملت جماعة أدباء تحت السور على ربط الصلة بالجماعات الفنية الاخرى وخاصة مع الموسيقيين والمغنيات وكذلك مع الرسامين مما نتج عن ذلك التفاعل الخصب الاعمال الرائدة في الاغنية والرسم والمسرح.
أما في النصف الثاني من القرن العشرين فقد تأثرت الحركة الأدبية خاصة بتطور الاحداث والقضايا على الساحة العربية والعالمية مما جعل الادباء التونسيين يتفاعلون مع الوقائع على المستوى السياسي والاجتماعي فكانت نصوصهم على مدى هذه الفترة متجاوبة مع غيرها من الاحداث بما تؤثر فيهم من آلام وآمال مفتوحة على جميع الجهات تهب فيها مختلف الرياح حيث مثلت مدونة الادب العربي الحديث الزاخرة بالتنوع والاختلاف والمراوحة بين التجديد والتقليد ضمن تفاعل مقولة الاصالة والمعاصرة.
لقد كان لتلك الجماعات الادبية في أغلب فتراتها منابرها التي نشطت فيها فعرفت الاجتماع بين أفرادها في فضاءات المقاهي والنوادي ونشرت نصوصها على صفحات المجلات والجرائد ثم جمعت نصوصها في كتب مستقلة او جماعية احيانا مما يجعلها المرجع الاساسي غير أنه لا بد من الإشارة الى أن هذه الجماعات الادبية لم تكن تمثل جميع الادباء بل انها لم تشمل الا الاقلية منهم وتظل القيمة الادبية والابداعية مرتبطة اولا واخيرا بنص صاحبه. في هذا السياق يمكن ان نقارن الحركة الادبية بتونس في سنوات القرن العشرين الاخيرة بما سبقها من الحركات فنقف على جملة من الملاحظات التالية:
1 شهدت هذه السنوات مطلع القرن الحادي والعشرين مجالات لا تحصى ولا تعد من مناسبات النشاط والنشر سواء في النوادي والملتقيات والمهرجانات أو على صفحات الصحف والمجلات والكتب وكذلك على موجات الاذعات والفضائيات وداخل البلاد وخارجها.
2 رغم هذا الظهور الكثيف للادباء القدامى والجدد على السواء لم نسجل حركة اخرى تتفرد بمقولاتها الادبية والفكرية تكون اضافة اخرى في تاريخ التطور الثقافي وهي ملاحظة ليست خاصة بتونس فقط رغم ان تطورات جذرية كبيرة حدثت في هذه السنوات على المستوى العربي والعالمي فإذا كانت الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين 1948 قد ظهرت بعدهما حركة الشعر الحر واذا كانت حرب جوان 1967 وحرب فيتنام على مدى الستينيات ظهرت خلالهما حركة الطليعة الادبية في تونس وفي كثير من البلدان العربية فإن انهيار جدار برلين سنة 1988 او حرب الخليج وما حدث من أليم الوقائع في المنطقة بعد ذلك لم نسجل إثرهما منعرجا او لونا جديا في الادب.
3 هل الادب صار يعيش بعيدا عن الواقع وأضحى لا يتأثر بما حول الاديب من أحداث تهز الوجدان والضمير وتخلخل الاشكال والاساليب وتراجع الثوابت بالاسئلة ام الادباء صاروا يكتبون لأجل توفير لقمة العيش وحصد الجوائز واكتساب الوجاهات والترقيات الاجتماعية واللهاث وراء بريق النجومية والبهرجة الاعلامية واكتساح الكراسي الوثيرة...
4 صحيح ان الكثير من الصحف والمجلات تشتمل على كتابات حول اختلافات الادباء في ما بينهم ولكنها خلافات شخصية من أجل المواقع والمصالح بعيدة كل البعد عن الجدل الفكري والادبي في سبيل تطوير الكتابة وتجديد الإبداع.
5 رغم توفر عديد المنابر الاعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية ورغم وجود عديد الجمعيات والفضاءات والمؤسسات الادبية والثقافية ورغم وجود الكثير من النصوص القانونية أيضا الا ان مؤشرات الاضافة والتميّز قد شهدت في سنوات مطلع القرن الحادي والعشرين رتابة وخفوتا إن لم نقل انتكاسة وتراجعا على المستوى الابداعي خاصة اذا ما قورنت هذه الفترة بسابقاتها عامة تلك التي خاضت في قضايا جوهرية ومصيرية كان لها الاثر الواضح على مدى التاريخ الثقافي لتونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.