اتهم الرئيس السوري بشار الأسد الولاياتالمتحدة بأنها أعاقت مساعي بلاده في التوصل إلى اتفاق مع الكيان الصهيوني يتم بمقتضاه استعادة مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967 . وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز يوم الأحد الماضي ونشرتها يوم أمس الاثنين أن سوريا تمكنت قبل اشهر قليلة من وفاة والده من حسم نحو 80 بالمائة من الأمور لاستعادة مرتفعات الجولان مقابل توفير ضمانات أمنية للكيان الصهيوني، غير أن حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش التي كانت منشغلة بموضوع العراق ومسار التسوية الفلسطيني-الإسرائيلي قد أظهرت اهتماما ضئيلا جدا بموضوع المسار السوري-الإسرائيلي. مشيرا إلى أن إهمال الحكومة الأمريكية ذلك كان ثغرة كبيرة في استراتيجيتها. وقال الرئيس السوري إن تجاهل ذلك كان مثالا واضحا على تغيير الحكومة الأمريكية لرؤيتها تجاه المنطقة دون اتخاذ إجراءات عملية لتحقيقها، وقال «لا يمكن لك فقط أن تتحدث حول هذه الرؤية، بل ينبغي أن تضع آلية من أجل تحقيق تلك الرؤية». وأوضح الرئيس الأسد أنه ليس لديه شروط مسبقة لاستئناف المفاوضات مع الكيان الصهيوني، إلا أنه قال بأن العودة إلى نقطة البداية سيكون مضيعة للوقت ولما سبق إنجازه من قبل. ودعا الرئيس الأسد الولاياتالمتحدة إلى استخدام نفوذها من أجل إحياء المفاوضات. وقال «لا يمكن أن يكون هناك سلام في المنطقة بدون سوريا. إن سوريا مهمة للاستقرار المستقبلي في العراق بسبب مصداقيتها وكونها جارا للعراق». توضيحات سورية وفي حال نجاح المفاوضات مع الكيان الصهيوني لاستعادة الجولان، فإن الرئيس الأسد قال أنه لا يوجد أي سبب يمنع سوريا من إقامة علاقات طبيعية كاملة مع الكيان الصهيوني موضحا «هذه الكلمة ليس لها حدود: التطبيع يعني مثل إقامة علاقات بين سوريا والولاياتالمتحدة». وقالت الصحيفة بأن اللهجة التصالحية تجاه الولاياتالمتحدة طغت على حديث الرئيس الأسد الذي استمر نحو ساعتين، مؤكدا على أن انخفاض شعبية الولاياتالمتحدة في الوطن العربي قد يتم التغلب عليه، وأن سوريا لا تعتبر الولاياتالمتحدة عدوا لها. و أشار الرئيس الأسد إلى أن سوريا قد اتخذت بالفعل العديد من الإجراءات التي طلبتها حكومة بوش خاصة فيما يتعلق بتشديد الحراسة على حدودها وإغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية. كما أكد الرئيس السوري -دون أن يقدم تفاصيل- على تعاون أجهزة الاستخبارات السورية باستمرار مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) خاصة في مجال مكافحة الإرهاب حيث قدمت سوريا معلومات أتاحت لواشنطن إحباط ما لا يقل عن سبع هجمات كبيرة كانت تستهدف أمريكيين. وقال الرئيس الأسد إن بلاده لم تعد تسمح بعبور متطوعين معادين للولايات المتحدة الحدود السورية الرسمية إلى العراق، لكنه أوضح صعوبة منع التسلل عبر حدود طويلة تمتد إلى أكثر من 540 كيلو مترا مستبعدا في الوقت نفسه أن يكون المقاتلون الأجانب في العراق عنصرا مهما في المقاومة العراقية. وقال «ربما يكون لديك ألف أو ألفي شخص من خارج العراق، ولكن ماذا عن 25 مليون عراقي؟». أي دور للولايات المتحدة وذكرت الصحيفة أن الرئيس الأسد بدا متبنيا موقفا مغايرا لموقف سوريا التقليدي إزاء العراق المطالب بانسحاب قوات الاحتلال الأمريكي حيث أعلن في المقابلة أن «المشكلة لا تكمن في وجود جندي أمريكي واحد أو مليون جندي على حدودك، كما أن المشكلة لا تتمثل أيضا في بقاء القوات الأميركية لمدة عام أو عشرة أعوام. المشكلة هي فيما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستتحول إلى قوة لإثارة الأزمات وتأجيج الصراعات في المنطقة بدلا من أن تكون عنصر استقرار». واستبعد الرئيس الأسد إرسال قوات عسكرية سورية إلى العراق في إطار ما تدعو له الولاياتالمتحدة قوة حفظ السلام مشيرا إلى أن الفكرة التي تروج لها حكومة بوش بأن العراق سيصبح نموذجا للتغيير في المنطقة قد تلاشت بسبب أعمال العنف اليومية في العراق وقال إن حل المعضلة في العراق يكمن في السماح للعراقيين بصياغة دستور بلادهم وانتخاب حكومة تمثلهم. وفيما يتعلق بالوضع الداخلي فإن الرئيس الأسد اعترف بتباطؤ تنفيذ برنامج الإصلاح الذي كان أعلنه في خطابه في شهر يوليو عام 2000 ، موضحا أن العقبة الرئيسية هي العقلية المسيطرة في سوريا حتى الآن تجاه التغيير وخاصة في الحكومة. وقد نفى أن يكون للحرس القديم أية علاقة بهذا الأمر وقال «إنني أملك السلطة للقيام بالخطوات المقتنع بها».