في العراق... وبعد التحرير جاء دور الاسلاك الشائكة. عشرات القرى تخترقها الاسلاك وتقطعها بدعوى أن احد المقاومين مرّ من هناك... الدخول الى القرية بالطابور المذل والخروج منها بالتفتيش... فيالعراق... وبعد التحرير جاء دور العقوبات الجماعية... نسف للمنازل وقصف وترويع للاهالي للاشتباه في ان مقاوما مرّ من هناك... في العراق... وبعد التحرير جاء دور الانتقام الامى... يبحثون عن «مشتبه به»فإذا لم يعثروا عليه اسروا أقاربه واقتادوهم مقيّدي الايدي معصوبي العيون الى حيث لا أحد يدري... وها هي القوات الامريكية تستنجد علنا بخبراء القتل في اسرائيل... نحن نعلم ان اسرائيل لم تغب لحظة واحدة عن المسرح العراقي... منذ مجلس الامن الى آخر قذيفة سقطت في قلب بغداد ولأن شارون واخوانه صار لهم باع في حرب المدن فإن أعتى قوة في العالم تحتاج الى خبراتها... وما نشهدهُ في فلسطين يتكرّر في العراق. ومرّة أخرى يبدو أن الآلة العسكرية الامريكية لم تستوعب ما يجري... هل قدرت اسرائيل على اخماد المقاومة الفلسطينية بكل ما أوتيت من عتاد وجبروت. تتذكرون «جنين» جيدا... جنين لا تتجاوز كيلومترين مربعا ومع ذلك سميت «جنين قراد» بعد ملحمة تاريخية... فما بالك بمساحة العراق... وفي العراق مقاومون محترفون خاضوا عدّة حروب وفيها عدة وقائع في المدن... الاسرائيليون يخوضون حربا في بيئة يعرفونها شبرا شبرا وفي العراق يتوه العسكري في ارض العراق لو يسقط منه جهاز الاتصال... الطبيعة ضده والطقس ضده وخوفه من الاشباح ضدّه... وفي كل يوم يساهم المارينز بتصرفهم الارعن في دفع الشباب الى الالتحاق بالمقاومة والثأر في نظام العشائر رأس بأربعة رؤوس... قتيل بأربعة قتلى ويدوم الثأر أربعين عاما... اسرائيل لم تدخل اليوم الى العراق... منذ قصف مفاعل تموز كانت اسرائيل هناك الى ان جرّت امريكا الى الحرب نيابة عنها... قبل سنوات عديدة كانت تتعقّب العلماء في البحوث الذرية وقد اغتالت ايامها احد العلماء (من اصل مصري)... وها هي تتعقب اليوم العلماء لتغتالهم الواحد تلو الاخر بعلم امريكا ومباركتها. أما حكاية الأسلاك الشائكة فإنها نسخة معادة لما قام به البيض المحتلون لمحاصرة الهنود الحمر وابادتهم... ولكن هذا زمان غير ذاك الزمان... وهذا ايمان غير ذاك الايمان...