اعتقل الرئيس العراقي السابق صدام حسين من قبل قوات التحالف في احدى المزارع بمدينة تكريت.. وكاد الأمريكيون في فرحتهم بهذا الاعتقال يخرجون عن طورهم، وشاهدنا على الفضائيات مظاهر الفرحة لدى شرائح من العراقيين بسبب اعتقال رئيسهم السابق.. ليفرح هؤلاء العراقيون بهذا الحدث ولكن ليعذرونا فلن نفرح لفرحتهم ولن نسعد لسعادتهم ولن نغتبط لغبطتهم، لأن اعتقال رئيسهم السابق من قبل الجنود الأمريكيين إهانة للعراقيين وللعرب جميعا.. ليكن صدام حسين دكتاتورا.. ليكن طاغية.. ولكن أن يقبل العراقيون ويسمحوا للأمريكيين باعتقال رئيسهم السابق فذاك طعن لكرامتهم وعزّتهم. ولو قام العراقيون أنفسهم باعتقال رئيسهم السابق دون تدخل أمريكي ودون احتلال لبلدهم لكان الأمر مقبولا، أما أن يفرح العراقيون في ظلّ الاحتلال بالقبض على صدام حسين فذاك عين الخطإ وأمر منبوذ لأن الأمريكيين لا يأتي من ورائهم الخير أبدا. ولذلك فإن حدث اعتقال صدّام حسين فخّمه الأمريكيون لغايات سياسية انتخابية.. وكأنّ هذا الاعتقال سيخلّص العراق من محنته وسيعيد إليه هيبته بينما الأمر غير ذلك لأن القصد هو الإمعان في إذلال العراقيين والعرب. فهذا الرجل الذي شاهدناه على شاشات التلفزيون هل يمثل فعلا خطرا على العراقيين وعلى العالم. لقد شاهدنا شبحا لصدام حسين.. لقد شاهدنا شيخا هرما إما أنه فاقد لمداركه العقلية وإما أنه مخدّر لا يعي ما يدور حوله. فهل يعقل أن يكون هذا الرجل «الخطير جدا» وحيدا ويُعتقل دون أدنى مقاومة؟ وهل هذا هو صدّام الذي دوّخ الأمريكيين وصُوِّر وكأنه الرجل الذي لا يقهر ولا يقبض عليه في حين يصرّح قادة الجيش الأمريكي بأنهم وجدوه مختبئا وحيدا في قبو؟! ثم أليس عرض صور صدام وهو على تلك الحال مقصود والغاية منه إذلال الرجل وإهانته وإذلال كل عربي وإهانته بينما القانون الدولي وقوانين حقوق الانسان تمنع مثل ذلك التصرّف؟! إن عدو العراقيين الآن ليس صدام حسين وإنما عدوّهم الأول والأخير الأمريكيون ومن لفّ لفّهم، هؤلاء الذين قدموا الى العراق محتلّين قاتلين مدمّرين معتقلين مصادرين للحريات مستنفدين للخيرات.. هؤلاء الذين توجّّه إليهم البعض بأسمى عبارات الشكر والتقدير لما قاموا به ولما أنجزوه. ولئن لن نفرح لفرحة ذلك الرهط من العراقيين باعتقال رئيسهم السابق فإننا نسأل : هل سيزول الاحتلال بعد اعتقال صدّام؟ وهل سيشعر المواطن العراقي بالأمن بعد ذلك؟