عندما اقترب المريخ من الأرض قبل أشهر معدودة وتابع مسار حركته الملايين من البشر طرح السؤال الآتي : لماذا يهتم العلماء بكوكب المريخ بالذات؟ ويزداد السؤال الحاحا عندما يعلق الأمر بالبحث عن الحياة داخل الكوكب الأحمر المعروف بشبهه الكبير بالأرض. القضية عادت للأضواء في الأسبوع الأخير إثر استقرار المسار الأمريكي «سبريت» على كوكب المريخ ونطلاق عملية ارسال الصور الى مراكز المراقبة على الأرض، فما هو سر اهتمام علماء الفضاء بكوكب المريخ؟ وهل توجد أشكال معينة من الحياة (بكتيريا خلايا) على هذا الكوكب العجيب؟ رحلات منتظمة يشير الأستاذ هشام بن يحيى في البداية إلى أن الرحلات لا تتوقف باتجاه المريخ، فالعالم يشهد سنويا منذ عام 1976 حوالي 3 إلى 4 رحلات نحو الكوكب الأحمر، وهناك رحلة جديدة مبرمجة لعام 2005 من الآن. والى جانب رحلة «سبريت» الأمريكي و»بيغل» الأوروبي (الذي ضاع في الفضاء) ينتظر ارسال «مسبار» جديد نحو المريخ في الخامس والعشرين من جانفي الجاري تحت اسم «روفرب» أو «أوبرتونتي» وتهدف كل هذه الرحلات الى دراسة خصائص ومميزات وأسرار كوكب المريخ. وذلك لعدة أسباب أهمها : الشبه الواضح بين المريخ والأرض، ووجود اقتناع شبه تام لدى العلماء بامكانية العثور على «الحياة» فوق الكوكب ويضيف الأستاذ هشام بن يحيى (من مدينة العلوم) قائلا : «هذا تحد يرفعه العلماء في وجه المشككين مؤكدين أن الاشارات الواردة من الكوكب، وخصائصه ومميزاته معطيات مقنعة لتكثيف الرحلات نحو الكوكب، وهو من الناحية الجيولوجية الأقرب الى الأرض من حيث الخصائص والبيئة والجغرافيا وأكبر دليل على أهمية المريخ أن علماء الفضاء ألقوا اسمه على عام 2003 باعتباره العام الذي شهد اهتماما لا مثيل له بالكوكب الأحمر ومما يميز الرحلة الجديدة «سبريت» أنها خلافا لسابقاتها تغوص في الأعماق الجيولوجية للكوكب بعمق يصل الى 15 مترا تحت السطح وتم اعداد المسبار على شكل «رجل جيولوجي» منظور به أجهزة ومعدات تقنية عالية الجودة وخاصة في عمليات الارسال والتصوير، ومن المرجح أن تتجاوز فترة مكوثه بالكوكب 3 أشهر وذلك حسب طاقته وصلابته وجودة معداته. أرض مستنسخة لكن ما هي أوجه الشبه بين الأرض والمريخ؟ يقول الأستاذ هشام بن يحى : «أوجه الشبه بينهما أكثر من أن تحصى فدرجة الحرارة في الكوكبين متقاربة (20 في المعدل) كما يملك الكوكب الأحمر مثل الأرض غلافا جويا لكنه ليس سميكا اضافة الى صغر حجمه، وخاصيته الصلبة أي أن سطحه يمكن المشي والحركة فوقه خلافا للكواكب الأخرى. وفي كوكب المريخ أيضا جبال ومرتفعات وفصول أربعة وأودية (بلا ماء) وثلج (Neige carbonique) ومناطق جبلية، وبراكين ويبلغ ارتفاع أعلى قمة بالكوكب المسماة «أولمبوس» حوالي 11 كلم. ولا تتوقف أهمية دراسة المريخ عند هذا الحد. فقد ساهمت الرحلات نفسها في النهوض بصناعة المركبات الفضائية التي تحولت في السنوات الأخيرة الى صناعة متكاملة أو لنقل الى اقتصاد فضائي يساهم في تشغيل آلاف العمال والكوادر ويدفع بالبحث العلمي قدما نحو المزيد من الاكتشافات والنتائج الباهرة.