أبو القاسم كرّو يعاني بعض الناس حرجا شديدا وعسرا كبيرا من جرّاء فهمهم المنحرف لتعاليم الاسلام، ولفريضة الصيام بالخصوص.. وكثيرا ما يؤدي هذا الفهم المغلوط الى مصائب ومحن كان ولا يزال ممكنا تلافيها. فبعض المسلمين يعتبرون الصيام قيدا لا مبرّر له في عصرنا الحاضر، وبعض آخر يتمسّك به أو يؤديه على أسوإ الحالات وفي أشقّ الظروف الصحية والاقتصادية والاجتماعية. وليس الاسلام دين عسر ولا شدّة.. بل هو دين هيّن يسير.. قد راعى كل الظروف وأعطى حكما صالحا لكل حالة خاصة كانت أو عامة. فالمريض والمسافر، والمرأة الحامل أو المرضع والشيخ المسن العاجز عن الصوم، ومثله المرأة العاجزة بسبب السن.. كل هؤلاء أبيح لهم الإفطار. وعلى الأخص.. المرأة الحامل في الشهرين الأخيرين وكذلك المرأة التي ترضع وليدها، فإنهما في أشد الحاجة الى الإفطار لما تقتضيه حالتهما من عناية بالجنين في حالة الحمل، وبالرضيع في حالة الوضع. فالمرأة التي ترضع وتصوم إنما تفرض الصيام على طفلها، لأن حليبها يقل وقد ينعدم بعد الظهر لأنه إنما يتكون من غذائها فإن حرمت نفسها منه، حرمت طفلها أيضا. والدين الاسلامي رحيم بالعباد، ليس فيه على المريض أو المسافر أو صاحب الرخصة حرج. وقد جاء في القرآن الكريم أن اللّه لا يريد بنا العسر بل يريد بنا اليسر، لهذا أباح للمريض والمسافر الافطار، مع القضاء عند القدرة.. قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشّهر فليصمه ومن كان مريضا :أو على سفر فعدّة من أيّام أخر، يريد اللّه بكم اليُسر ولا يريد بكم العسر}. هذا ما يريده اللّه.. وهو أن يكون الصائم قادرا على الصوم، ولهذا لا يجب الصيام إلا على العاقل البالغ من المسلمين والمسلمات بشرط ألا تكون المرأة في حيظ أو في نفاس.. وأن لا يسبب الصيام ضررا محققا لها أو لابنها جنينا كان أو رضيعا. أذيع خلال شهر رمضان 1957