الشيخ: أحمد الغربي اهتم الشرع الحنيف بالمسلم في حلّه وترحاله في كل ما يتعلق بعباداته.من ذلك الأحكام التي تتعلق بصيام المسافر الذي رخّص له أن يفطر ثمّ يقضي عدد الأيام التي أفطرها، سواء دخل عليه الشهر وهو في سفره أو سافر في أثنائه، لقوله تعالى: ( وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (البقرة 185), و عن أنس رضي الله عنه رضي الله عنه قال: ( كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم ) البخاري. فللمسافر أن يفطر ما دام في سفره ما لم يقصد بسفره التحايل على الدين ليفطر، فإن قصد ذلك فالفطر عليه حرام معاملة له بنقيض قصده. وقد اتفق جمهور العلماء على أن السفر المبيح للفطر يجب أن تتوفّر فيه الشروط التالية: أن يكون سفره مباحا في غير معصية أن تكون المسافة لا تقلّ عن 83 كم أن لا ينوي الإقامة في البلد المقصود أكثر من أربعة أيام, فإن قرّر الإقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصيام. لكن من الأفضل للمسافر فعل الأسهل عليه من الصيام أو الفطر لما في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( كانوا - يعني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسن ) ولهذا فإن من التخريجات الفقهية المتعلقة بحالة الصوم للمسافر أن الصوم يكون أفضل للمسافر إذا لم يسبب له مشقة , وأن الفطر يكون للمسافر أفضل إذا سبّب له مشقة وعنتا. وأما إذا تساوى الصوم والفطر بالنسبة له من حيث المشقة وعدمها، فالصوم أفضل اغتناما لشرف الزمن، ولأن صيامه مع الناس أنشط له وأسرع في براءة ذمته، ولأنه فعل النبي ρ في بعض أسفاره.