تصنف جهة غار الدماء من ولاية جندوبة ضمن أكثر الجهات التي تنتشر بها البطالة بشكل لافت تجاوز حسب آخر الإحصائيات 25 بالمائة وهي نسبة مرتفعة انعكست سلبا على واقع الحياة بالجهة. تفتغار الدماء إلى معامل ومصانع تستقطب اليد العاملة وهو غياب ساهم في ارتفاع نسبة البطالة خاصة في طبقة الشباب وأصحاب الشهائد العليا. فحتى معمل الحديد الذي حمل آمال أبناء الجهة أغلق منذ سنوات وبات بلا نشاط وكذلك» منجم فج حسين» (15 كلم ) عن المدينة وهو ما جعل البنية التحتية فيما يتعلق بالمعامل والمصانع غائبة جملة وتفصيلا وسط غياب كلي لفرص الإستثمار بالجهة رغم أن الأرضية ملائمة للمشاريع والخير من ورائها سيشمل الجميع من مستثمرين ومواطنين باتت حاجتهم لموارد رزق شغلهم الشاغل. أمام تفاقم هذه المعاناة ورغبة شباب الجهة في نحت حياة جديدة وواقع يتماشى والطموحات اختار كل واحد رسم طريقه حسب ميولاته فالبعض فضل الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا ومنهم من نجح ومنهم من لم يحالفه الحظ فعاد إلى نقطة البدء وهو ما عمق المأساة أكثر عند الفاشلين في رحلة هجرة الأوطان وبلغ عدد المهاجرين منذ الثورة إلى اليوم بجهة غار الدماء حسب بعض المصادر أكثر من 300 مهاجر أما البعض الآخر فاختار خوض تجربة تجارة الممنوعات من خلال السلع المهربة من القطر الجزائري كالعجلات المطاطية واللاقطات الهوائية والبنزين وغيرها من السلع التي بها يتحقق الربح الوفير لكن مخاطرها وعقوباتها القانونية لا تحصى ولا تعد. أما الشق الأكبر فيكتفي بارتياد المقاهي للتسلية في ظل غياب المرافق الضرورية ووسائل الترفيه وهو ما ساهم بقسط كبير في طمس القدرات والمواهب الشبابية التي تغص بها الجهة. الواقع الذي تعيشه المدينة وأحوازها ورغم مرارته فإن إمكانية التطلع للأفضل تبقى واردة خاصة والجهة مدرجة ضمن المناطق ذات التدخل الخاص وبرمجة معامل ومصانع بها يغير من نسيجها الإجتماعي ويعيد لشبابها وأهاليها الرغبة في الإستقرار حين تتوفر مواطن شغل ويصبح أبناء الجهة وأرباب العائلات قادرين على توفير لقمة العيش والتي ترغبهم جميعا في اللإستقرار. وبداية الغيث كانت من خلال برمجة مصنع إيطالي للزوارق البحرية سيشغل قرابة 150 عاملا والبقية تأتي لو آمن الجميع بأن الجهة تحتاج لمشاريع تنموية تحقق حياة سليمة بعيدة عن ظاهرتي الهجرة والوقوع في المحظور وعواقبه وهذا يفرض أيضا ضرورة إنخراط أبناء الجهة في المسار التنموي والإسهام في بعث المشاريع ولو الصغرى والحفاظ على المكاسب عند تحصيلها حتى لا تذهب الجهود سدى.