تراجعت لهفة المواطنين بشكل ملحوظ في أسواق مدينة القيروان. وغابت الطوابير والتكالب على المواد الاستهلاكية وتراجع التذمر من نقص المواد. لكن ما تواصل هو ارتفاع الأسعار بشكل مثير للشبهة كما تواصلت الفوضى. المواطن الذي أرهقه الركض خلف شهواته بعد أسبوع من النفقات والتهافت على المواد الاستهلاكية من مواد أساسية وخضر وغلال ولحوم تراجع اقباله وضعف مشترياته. وذلك بعد أن تعمد البعض اقتناء كميات اكبر من الاحتياج بسبب حمى اللهفة والخوف من فقدان هذه المواد من السوق التي تقف وراءها جهات مشبوهة ليس من المضاربين وعصابات الاحتكار فحسب بل أيضا من أعداء الثورة الذين يسعون إلى خلق ازمة وإشعار المواطن بان امنه الغذائي مهدد قصد إحداث اضطراب وانفلات استهلاكي. أسعار من نار في المقابل حافظت الاسعار على مستوى لهيبها بشكل جعل المواطن البسيط يطلق صيحات استغاثة,وهو الذي ينزل إلى السوق وفي جيبه 10 دنانير لن يفلح في اقتناء ما يكفي قوته وقوت اولاده في احسن الاحوال. فاذا تحاشى النظر إلى اللحوم الحمراء التي وضعت امامه خطوطا حمراء، واذا رام النظر إلى اللحوم البيضاء بأنواعها وجد نفسه في حيرة بين «السكالوب» وبين الدجاج فيقلب كفيه ثم يتجه نحو الأسماك عسى يجد في البحر ما يخفف وطأة الحر، لكنه يغرق في حيرة عميقة بسبب ارتفاع اسعار الاسماك بمختلف الوانها من سمك ازرق او احمر...فيعود خالي الوفاض. وإذا مرّ بسوق الفواكه والغلال التي تعرض بألوان مختلفة فهي تشكل لوحة فنية كما وصفها احد المواطنين لكنها لوحة باهظة الثمن لا يقوى عليها صاحب المرتب الضعيف ورب الاسرة المنهك. وحدث ولا حرج عن الخضر واسعارها المتنطعة امام غياب المراقبة الاقتصادية والبلدية. فاين ستذهب الدنانير العشر. اعتصام وسط الطريق العام؟ منذ اليوم الأول من شهر رمضان شهدت مدينة القيروان اختناقا مروريا ملفتا. ولعل ابرز سبب للاكتظاظ والاختناق هي الاسواق الفوضوية المنتصبة في اكثر من مفترق تسد الطريق امام مستعمليه من المارة واصحاب السيارات. وقد تسبب تلاصق الانتصاب وتلاصق الشاحنات والعربات التي احتلت الطريق والرصيف، في سد جميع المنافذ وتعطيل عملية السير. ومشكل الانتصاب الفوضوي هو مشكل قائم قبل دخول رمضان لكن المشكل تضاعف مع تضاعف الباعة ودخول مهن موسمية على الخط. وقد اصبحت هذه الاسواق الفوضوية مصدر قلق للمواطنين سواء المستهلكين الذين يتحولون إلى السوق او بالنسبة للسكان المجاورين للاسواق. فالشق الاول يتعرض للمضايقات والتحيل والسلب والغش دون حماية او تدخل لا من جهات امنية ولا من المراقبة ولا من البلدية. والشق الثاني تغمره الأوساخ والعبارات القبيحة التي تدخل البيوت عنوة. وقد اكد احد المواطنين انه هجر منزله بسبب الضجيج والعبارات البذيئة وايضا بسبب اكداس الفضلات التي يخلفها التجار آخر النهار. من المسؤول؟ ومن بين اسباب تواصل الانتصاب الفوضوي هو المواطن نفسه اي المستهلك بتعمده التعامل بالشراء من النصب الفوضوية بدل مقاطعتها. وكان من المفترض التوجه إلى المحلات والأسواق المراقبة لضمان الجودة وتجنب كل ما من شأنه أن يشوب عملية البيع من غش او احتكار نظرا لان هذه المحلات يمكن مراقبتها ومحاسبتها على عكس التجار المتجولين. وهذا دون نسيان المسؤولية الملقاة على عاتق التجار الذين يتعمدون ترك الأسواق المنظمة (النحاسين مثلا) والانتصاب وسط الطريق. ولا شك ان البلدية تتحمل مسؤولية الانتصاب الفوضوي لانها لم توفر البديل ولم تتحرك لمقاومتها بمعية أعوان الطريق العمومي الذين يدخل في مهامهم منع الانتصاب في الطريق العام.