التقى أمس المدّعون في ما يُعرف بقضية مرصد الانتخابات، وهم محامون من مجموعة ال25 بقاضي التحقيق بالمكتب السادس بالمحكمة الابتدائية بتونس، لمتابعة تطوّرات الدعوى، وذلك بعد أن قرّرت النيابة العمومية إحالة القضية على أنظار قاضي التحقيق. وقرّرت النيابة العمومية بابتدائية تونس فتح تحقيق قضائي في ما يُعرف بقضية مرصد الانتخابات بعد أن تقدم محامو ما عُرف بمجموعة الخمسة وعشرين... وهي اليوم أصبحت مجموعة الخمسين، لأنها أصبحت تضم ما يزيد على الخمسين محاميا، شكوى تمّ تسجيلها لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس حول تزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها خلال الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنة 2004 وسنة 2009. ورفعت الشكوى ضدّ رئيس الجمهورية السابق بن علي (المخلوع) ووزير داخليته رفيق الحاج قاسم وكل ولاّة البلاد خلال فترتي الانتخابات في 2004 و2009 ورئيس المجلس الدستوري وقتها وأمين عام حزب التجمع المنحل، الهادي مهني ومحمد الغرياني إضافة الى رئيس المرصد وكل من ستكشف عنه الأبحاث. وينسب إلى جماعة مرصد الانتخابات تزويرها والتلاعب بنتائجها. ومن المنتظر أن يتم سماع المدّعين رسميا خلال الأسبوع المقبل في انتظار انطلاق استنطاق المشتكى بهم. وقد بدأت مجموعة ال25 التي أصبحت مجموعة الخمسين برفع قضايا ضدّ رموز الفساد في نظام بن علي، وبدأت الدعاوى بقائمة تضم 15 إسما من بينها عبد العزيز بن ضياء وعبد الوهاب عبد اللّه وعبد اللّه القلال الموقوفون حاليا بثكنة العوينة إضافة إلى محمد الغرياني ورفيق الحاج قاسم وزير الداخلية الأسبق وعدد آخر من الوزراء والمسؤولين. وقد كشفت الأبحاث المجراة إثر تلك الشكاوى، عن شبكة فساد متكاملة تمثل جزءا من طبيعة النظام السابق وتبيّن وجود صلة قوية بين عمليات الفساد في الوزارات والادارات ومفاصل الدولة وبين حزب التجمع. ما يعرف بقضية التفرّغات التي تمتع من خلالها موظفون بمبالغ مالية وأجور مقابل تفرّغهم لنشاطات حزب التجمع وحصولهم على المال العمومي لدعم نشاط حزب نظام ديكتاتوري كشفت عن عمليات استيلاء كبيرة طالت ثروات البلاد ومقدرات الشعب التونسي. وتبيّن أن تشكيل «مشهد» تشريعي عبر الانتخابات لم يكن سوى خلق واجهة لديمقراطية مزيّفة وديماغوجيا سياسية غوغائية وتبيّن أن الانتخابات لم تكن إلاّ مدخلا من بين مداخل أخرى لنهب ثروات البلاد وتبرير عمليات الفساد واسعة النطاق ومن هنا جاءت الدعوى القضائية ضدّ جماعة الانتخابات وبن علي وجميع الولاة في البلاد في تلك الفترة، أي انتخابات سنتي 2004 و2009. إذن بداية التحقيق في عمليات الفساد المنجرّة عن الانتخابات وتبريرها قانونيا وسياسيا سيكشف بوضوح عن طبيعة نظام بن علي الذي طالما تشدّق بالديمقراطية لكنها قطرة قطرة كما كان يُقال. الأعمال القضائية والأبحاث سوف لن تكشف فقط عن جوانب قانونية وواقعية متعلقة بالجريمة، بل ستكشف عن هوية النظام وارتباطاته وطبيعة مؤسساته، إذن العملية، هي أشمل بكثير من كونها مجرّد دعوى قضائية. إنها مساهمة في تعرية الماضي للتأسيس لمستقبل سياسي واقتصادي واجتماعي... يحترم المواطن ويكون هو محور الدولة.