عاش أبو الفضل يوسف بن محمد بن يوسف المعروف بابن النحوي بين سنتي 433 513ه/ 1041 1119م، أي ثمانين سنة هجرية (ثمانية وسبعين سنة ميلادية). وهو من مواليد مدينة توزر ، ثم استوطن مدينة القلعة عاصمة الحماديين الأولى فنسب إليها، وعُدّ من أهلها. وأتيحت له الفرصة خلال هذا العمر الطويل ليصيب من العلم أوفر نصيب سمح به زمانه. واستهل ذلك في مسقط رأسه على يد أبي زكرياء الشقراسطي، ثم رحل إلى القيروان فتتلمذ على يد أبي الحسن علي بن محمد الربعي المعروف باللخمي . ثم انتقل إلى قلعة بني حماد بلدته الثانية التي آثرها على بقية مدن المغرب واستقر بها، فاشتهر بنسبته إليها. وفيها تتلمذ على يد أستاذين بارزين، هما أبو القاسم عبد الجليل الربعي المعروف بالديباجي، وأبو عبد الله بن الفرج المازري المعروف بالذكي. وبعدما انتهى من حياة الدرس والتحصيل العلمي والتكوين الثقافي، صار من العلماء البارزين المشهود لهم بالباع الطويل في علوم عصره». فقد عدّه النقاوسي من أئمة الإسلام وأعلام الدين، وذهب القاضي ابن حماد إلى حد تشبيهه بالإمام الغزالي حين قال: «كان أبو الفضل ببلدنا (يقصد المغرب الأوسط) كالغزالي في العراق علماً وعملا في حدود سنة 493 ه غادر ابن النحوي قلعة بني حماد وهو ابن ستين سنة، متوجهاً إلى سجلماسة بالمغرب الأقصى . ولكن إقامته بسجلماسة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما اصطدم بأهلها. اضطر ابن النحوي إلى ترك سجلماسة التي لم توفر له الجو المناسب لتبليغ رسالته العلمية، فلجأ بعد ذلك إلى مدينة فاس . و أثناء وجوده بمدينة فاس صدر الأمر من السلطة المرابطية إلى أهلها بالتضييق على كتاب الإحياء لأبي حامد الغزالي . ولم تكن مدينة فاس وحدها التي شملها هذا القرار، بل إن الأمر يتعلق بقضية سياسية عامة تبنتها الدولة المرابطية بهدف محاصرة الاتجاه الصوفي بالمغرب الإسلامي والتضييق عليه، وفرض نمط ثقافي وفكري محدد على الناس.