البرلمان: 19 نائبا يقدمون مقترح قانون لتنقيح مرسوم المحاماة    في إحدى قضايا «فسفاط قفصة» حفظ التهمة في حقّ الرئيس المدير العام السابق للشركة وآخرين    بعد 30 سنة من اتفاق الشراكة...أي مستقبل للعلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي؟    المهدية: صابة حبوب قياسيّة تبلغ 115 ألف قنطار: 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد    أعلن عنها المبعوث الأمريكي: تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة    درجات الحرارة لهذه الليلة..    قفصة: وفاة طفل غرقا في بركة مياه    أم العرائس.. وفاة طفل غرقا ونقل شقيقه الى المستشفى    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    النادي الافريقي: جلسة عامة انتخابية يوم 21 جوان القادم    صفاقس: تفكيك مخيمات لمهاجرين أفارقة غير نظاميين في العامرة    نهاية تجربة فخر الدين بن يوسف مع المصري البورسعيدي    الاحتلال يوافق على خطة ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة    عاجل/ فاجعة شاحنة عاملات الفلاحة: آخر مستجدات الوضع الصحي للمصابين..    مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي: اختتام الدورة الخامسة لحاضنة المؤسسات الناشئة في الصناعات الثقافية والإبداعية    مسح نشره المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يكشف: النقد وسيلة الدفع المفضلة لدى التونسيين..    مدير مستشفى جربة يوضّح سبب عدم قبول هبة في شكل معدات طبية وأسرّة...التفاصيل    عين دراهم: الدورة السادسة لمهرجان "سينما الجبل "    الكشف عن طاقم حكام نهائي كأس تونس    عاجل و رسمي : تحديد موعد مؤتمر اتحاد الشغل ... والانطلاق في التحضيرات    الدورة 22 لندوة القصة المغاربية في قفصة: تيمة الحب في الأقصوصة المغاربية    ألبوم جديد لسفيان بن يوسف - عمار 808    عيد الاضحى 2025: تونس تستورد خرفان مبردة من رومانيا ...كل ما يجب معرفته    عاجل - : بيع عشوائي ومزايدات غير قانونية...معطيات تكشفها وزارة التجارة    ثنائي الترجي الرياضي محمد امين توغاي ويوسف بلايلي ضمن قائمة المنتخب الجزائري لوديتي رواندا والسويد    النسخة السادسة من الحفل الموسيقي 'عين المحبة' غدا الجمعة بمدينة الثقافة    أريانة: تكثيف الاستعدادات لانجاح موسم الحصاد وتوقع صابة حبوب طيبة    عاجل/ إنفجار وإطلاق نار خلال توزيع المساعدات    عرض مسرحية "برضاك" في دار تونس بباريس يومي 30 و31 ماي    بعد قطيعة طويلة.. رفع العلم الأمريكي بدمشق بحضور وزير الخارجية السوري والمبعوث الأمريكي    رابطة دوري روشن تعلن عن جوائز الأفضل... وبنزيمة نجم الموسم    أطباق تونسية لا تكتمل لذّتها إلا بلحم الخروف: اكتشف النكهة الأصلية للمطبخ التونسي    تونس تتصدر العالم في مسابقة ميامي لزيت الزيتون وتحصد 75 ميدالية    بطولة رولان غاروس للتنس: ألكاراس وسابالينكا يتأهلان الى الدور الثالث    من هي الشابة العربية التي ظهرت برفقة كريم بنزيمة وخطفت الأضواء في مهرجان كان؟    في قضية فساد: إحالة الوزير الأسبق رضا قريرة على أنظار الدائرة الجنائية    عاجل/ أضاحي العيد: إرشاد المستهلك تدعو لحملة مقاطعة شعبية    مأساة في مصر: زوج يطعن زوجته حتى الموت والسبب هذا    عاجل/ توقّعات بصائفة غير مسبوقة    الجلطات تقتل بصمت: التدخين وراء 60% من الحالات في تونس    لن تتوقعها.. ماذا يحدث لجسمك عند شرب الماء بعد فنجان القهوة؟    عاجل/ البنك الدولي يوافق على تمويل لتونس.. وهذه قيمته    الأولمبي الليبي يضع زبير السايس في مأزق كبير    بداية من اليوم.. انطلاق بيع الأضاحي بالميزان بنقاط البيع المنظمة..#خبر_عاجل    سيدي حسين: فتح بحث تحقيقي بعد العثور على جثة كهل مشنوق داخل منزل    الأهلي يتوج ببطولة مصر لكرة القدم للمرة الخامسة والاربعين في تاريخه    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة..    4 دول أوروبية تدعو إلى قبول فلسطين عضوا كاملا بالأمم المتحدة    إيلون ماسك يؤكد خروجه من إدارة ترامب    ياسين مامي: لا وجود لطرد جماعي منظم في قطاع السياحة والقانون الجديد لا يُطبق بأثر رجعي    اللجنة الوطنية لليقظة ومكافحة الجراد تدعو الى ايلاء آفة الجراد الصحراوي الأهمية القصوى    تدعيم مستشفيات نابل بتجهيزات    60% من الجلطات في تونس سببها التدخين    غرّة جوان: الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا    عيد الاضحى يوم السبت 7 جوان في هذه الدول    دعاء أول أيام ذي الحجة...أيام مباركة وفرصة للتقرب من الله    









وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ل«الشروق»: هذه خلفيات قضية عبد الرحيم الزواري
نشر في الشروق يوم 24 - 08 - 2011

لم يكن إجراء أحاديث صحفية مع وزراء تداولوا على وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية زمن الرئيس المخلوع أمرا هينا نظرا لحساسية الملفات والأسرار التي تنام في خزائن الوزارة. «الشروق» التقت الوزير أحمد عظوم وفتحت معه جميع الملفات.
من هذه البوابة طرقت باب مكتب الأستاذ أحمد عظوم وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية في الحكومة المؤقتة...هذا القاضي المحترم الذي جيء به وهو يهيّئ نفسه لبلوغ أعوامه الثلاثين في سلك القضاء بدءا من ناحية القيروان وصولا إلى رئاسة محكمة الاستئناف بنابل حيث كان يتولى بنفسه كتابة أحكامه القضائية على حاسوبه خوفا من عين تقع عليها أو فضولي يحاول التدخل فيها ووجد نفسه منذ شهر فيفري على رأس وزارة تنوء بحمل ثقيل وملفّات معقدة وألقيت على عاتقه مهمة مصادرة أملاك من كانوا أباطرة هذا البلد وأثريائه فالثورة كنست كل من كان داخل بيت العنكبوت لكن القادم أعظم والمهمة ليست من قبيل السهل الممتنع.
سألته تمّ الإعلان عن النتائج الأولية لعمل لجنة المصادرة فما هي الخطوات العملية المقبلة في هذا المجال وهل هناك ممتلكات أخرى سيتم مصادرتها ؟
أجابني: سوف تتركز الخطوات العملية المقبلة في اتجاه تسريع نسق مصادرة الشركات وخاصة «مجمع كارطاقو» حيث شارفت الأعمال التمهيدية المتعلقة به على النهاية وسيتم الشروع في القريب العاجل في اتخاذ القرارات المتعينة نقلا للملكية.
كما أنّ اللجنة ستولي عناية خاصة بمصادرة الشركات والمساهمات التي لا تنضوي تحت مجامع والتي يقتضي وضعها الاقتصادي والمالي والاجتماعي تسريع نسق مصادرتها لإحالتها على لجنة التصرف لاتخاذ الخطوات العملية والضرورية لإنقاذ ما يمر منها بصعوبات اقتصادية وأوضاع استثنائية مثل شركة المراقبة والصيانة والتعديل CMR سوتوداف وشركة الإحياء والتنمية الفلاحية «صاج».
هناك إشكاليات تطرح في مستوى تصفية الممتلكات المصادرة نظرا لتشعب وضعية هذه الشركات فما طبيعة هذه الإشكاليات وبأيّ حلول واجهتموها؟ وكيف ستتم تصفيتها وإعادة نسقها الاقتصادي والتنموي العادي؟
بالنسبة إلى الصعوبات والعراقيل فهي متعددة ويمكن حصرها في ثلاث نقاط جوهرية وهي:
إجرائية قانونية، إذ أنّ بعض الشركات لم يتمّ استكمال وجودها قانونا بينما تنشط على أرض الواقع في مجالات اقتصادية تجارية، مثل عدم إيداع القانون الأساسي للشركات بالسجل التجاري وعدم استيفاء الإجراءات القانونية للإشهار على غرار شركة التأمين «التكافل».
واقعية، وتتمثل في عدم تحرير رأس المال وتكون الشركة متواجدة من الناحية القانونية ولكن لم تنطلق بعد في نشاطها الفعلي على غرار مدرسة الملائكة بقرطاج.
تقنية، فهناك بعض الشركات والمؤسّسات التي تمتلك فيها أطراف أجنبية حصصا في رأس المال أو أنّ ذات رأس المال تملكه بعض المؤسسات المالية مثل شركة «سوتوداف» مما يتطلب تذليل هذه الصعوبات بإبرام اتفاقيات أو أعمال تحضيرية تمهيدا للمصادرة. وفي هذا الإطار تم تأجيل خلاص الأقساط التي حلّ أجلها إلى موفى سنة 2012 لتمكين اللجنة من الحسم في إجراءات المصادرة.
من بين الممتلكات المصادرة تجمّع شركات اقتصادية ذات صبغة مالية وإعلامية هامة تأثرت بقرار المصادرة وتأثر تبعا لذلك الاقتصاد الوطني إلى جانب ردود الفعل من قبل الشركاء الأجانب في هذه المؤسسات، فهل أخذتم بعين الاعتبار الجانب الاقتصادي والتنموي للمحافظة على سيرها الطبيعي وعلى مواطن الشغل فيها ؟
تمّ الأخذ بعين الاعتبار الجانب الاقتصادي والتنموي والاجتماعي للشركات المصادرة لضمان سيرها الطبيعي والمحافظة على مواطن الشغل بها من خلال :
إعطاء هذا الجانب ما يستحق من العناية بتشريك المسيرين في هذه المؤسسات وفتح قنوات الاتصال بالمتصرفين القضائيين .
تنسيق اللجنة مع الهياكل المتدخلة ( المحاكم عدول التنفيذ البنوك...) بغاية تجاوز الصعوبات الناجمة عن عدم إيفاء الشركات بالتزاماتها المالية.
بعض الخطوات تكفّل بها المرسوم من خلال الحكم بعدم حلول أقساط الدين دفعة واحدة في صورة عدم خلاص التزام حلّ أجله وهذه خطوة هامة أعطت لهذه الشركات حيّزا زمنيا مناسبا لمواصلة نشاطها وخلاص التزاماتها.
هناك من وجّه اتهامات ومآخذ لمسألة المصادرة بتعلّة أن مرسوم المصادرة وعملية المصادرة في حدّ ذاتها أقرّتها حكومة مؤقتة ووقّعه رئيس جمهورية مؤقت فاقدين لأي شرعية فما هو ردّكم على هذه المآخذ وهل تتوقعون أن يتم الطعن في عملية المصادرة في حدّ ذاتها سيما أن العمر الافتراضي للحكومة المؤقتة ينتهي يوم 23 أكتوبر المقبل ؟
لا خلاف ان الملكية حق مقدس ضمنته التشاريع سماويّها ووضعيّها إلا من استثناءات مفروضة لا تكون اعتباطية أو عبثية بل يبقى الواقع منطلقها سنده في ذلك القانون والقانون وحده، وهو ما ينطبق بالنسبة للمصادرة التي ولئن كانت تبدو في ظاهرها متعارضة وذلك المبدإ المقدس فانها واقعة بلا جدال ضمن الصور الاستثنائية التي تجد لها أرضية القبول بها والتسليم، فغير خاف وان الفساد استشرى بكيفية غير خافية ولقد تجلى من خلال الأبحاث المشروع فيها وان ثروات هائلة تم تكديسها من طرف عديد الأشخاص من ذوي النفوذ بدءا بالرئيس السابق وزوجته وعائلتيهما وبعض المقربين باستعمال أدوات قانونية في كثير من الأحيان الأمر الذي اقتضى اجراءات استثنائية لارجاع مال الشعب المنهوب اليه لم تكن المصادرة إلا آلية من ألياتها فتكون بذلك الفكرة القائمة منطلقة من استرجاع كافة الاموال التي بحوزة هؤلاء كمبدأ وهي فكرة قانونية لم تأت من فراغ أو لمجرد التشفي والانتقام من أي كان، ولتفسير ذلك يمكن الرجوع إلى معناها اللغوي وهي المطالبة بالحاح، أما مصادرة الدولة للأموال فيقصد بها الاستيلاء عليه عقوبة لمالكه ويعرفها البعض بأنها تخول الدولة سلطة نزع ملكية المال جبرا بدون مقابل، هذا من الوجهة اللغوية أما من الوجهة القانونية فلقد كان هناك اجماع دولي على ضرورة مكافحة الفساد كظاهرة خطيرة تقف عائقا أمام التنمية فضلا عن اشاعتها لحالة من اليأس والاحباط في المجتمعات بما كان داعيا إلى اصدار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بنيويورك في 31 أكتوبر 2003، التي تمّ إمضاؤها من قبل البلاد التونسية بتاريخ 30 مارس 2004، كما تمّت الموافقة عليها بموجب القانون عدد 16 لسنة 2008 المؤرخ في 25 فيفري 2008، لتقع المصادقة عليها بموجب الأمر عدد 763 لسنة 2008 مؤرخ في 24 مارس 2008 وتنشر بمقتضى الأمر عدد 2033 لسنة 2008 مؤرخ في 19 ماي 2008. وهكذا كان الباعث على سن مثل هذه الاتفاقية إيمان الدول الممضاة بأن الفساد يقوض مؤسسات الديمقراطية وقيمها كما يهدد القيم الأخلاقية ومبادئ العدالة ويعرّض سيادة القانون للخطر ويساعد على تفشي ظاهرة الاجرام ذات الصلة الوثيقة بالفساد وخاصة المنظمة منها أو ما يعرف بالجريمة الاقتصادية بما فيها غسل الاموال وهو ما تجلى بصفة صارخة في الحقبة الأخيرة الماضية التي سبقت قيام الثورة المباركة.
ولقد عرّف الفصل الثاني من الاتفاقية المذكورة المقصود بعبارة «المصادرة» بأنه الحرمان الدائم من الممتلكات بأمر صادر عن محكمة أو سلطة مختصة أخرى، بصورة كان معها اصدار المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14 مارس 2011 في إطار الصلاحيات الموكولة لرئيس الجمهورية المؤقت بمناسبة التنظيم المؤقت للسلط العمومية كمبادرة لم يكن متاحا مزيد التأخير لإتخاذها بصرف النظر عن طبيعة الحكومة الوقتية خاصة وأن ذلك مثّل استجابة لمطلب شعبي نادت به شرائح عديدة من المجتمع رغم ما قد ينسب إليه، وعلى كل فقد سجلنا مثلا قيام أحدهم بطلب الإذن بتوقيف تنفيذ هذا المرسوم جزئيا وبصفة مؤقتة قوبل بالرفض بقرار صادر عن السيد الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بتاريخ 17 جوان 2011.
كيف واجهتم الفساد والتلاعب بالعقود وبالممتلكات الخاصة والعامة في إدارة الملكية العقارية وهل تمت إحالة مورّطين على القضاء؟
تجدر الإشارة في البداية إلى أن مواجهة الفساد والتلاعب بالعقود وبالممتلكات الخاصة والعامة يعتبر من بين غايات نظام الإشهار العيني الذي يقوم على مبدإ أساسي وهو حفظ الحقوق العينية.
ويعني هذا المبدأ حماية الحق المرسم من الاعتداءات التي قد تطاله بجميع أشكاله منها اعتماد التحيل والتدليس والتزوير وغيرها.
وكان دور إدارة الملكية العقارية في مواجهة الفساد والتلاعب ينحصر في العمل على حسن تطبيق مبدإ الشرعية الذي يقتضي أن يكون لكل ترسيم سند قانوني يبيحه وأن تحقّق الإدارة في صحّة الوثائق والمؤيدات المقدمة للترسيم (الفصل 389 من مجلة الحقوق العينية).
ويكفي أن تشكّ الإدارة في وجود إخلالات بالعقد أو في أحد مؤيداته حتى تقوم بتوسيع نطاق تحرياتها الإدارية وذلك بالتنسيق مع مصالح البلديات والقباضات المالية لتتولى في صورة تأكد عدم صحة العقد أو المؤيد المعني بالترسيم إحالة الملف إلى وكالة الجمهورية قصد فتح بحث جزائي وتتبع كلّ من يثبت تورطه وذلك تطبيقا لأحكام الفصل 29 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينصّ على أنه «على سائر السلط والموظفين العموميين أن يخبروا وكيل الجمهورية بما اتصل بعلمهم من الجرائم أثناء مباشرة وظائفهم وأن ينهوا إليه جميع الإرشادات والمحاضر والأوراق المتعلقة بها.
وقد أحالت الإدارة تطبيقا لهذا الفصل العديد من الملفات من أجل جريمة بيع نفس العقار مرتين أو من أجل جريمة التدليس باستعمال طابع عمومي أو جريمة تزوير.
وبالتالي فإن مواجهة الفساد والتلاعب ليس أمرا حديثا بالنسبة للإدارة بل يدخل في صميم عملها من خلال ممارسة رقابتها على الصكوك المقدمة للترسيم عدا أن ذلك لا يتجاوز حدود صلاحيتها كهيكل تنفيذي باعتبار أن هناك قواعد قانونية تحكم عملها منها عدم رفض مطالب ترسيم في غياب موانع قانونية على معنى أحكام الفصل 388 من مجلة الحقوق العينية.
كيف تعاطيتم مع ملفات الفساد المالي والإداري خاصة في مستوى التفويت في العقارات الدولية على غرار جهة المرسى التي تم التفويت فيها لوزير النقل السابق عبد الرحيم الزواري والتي هي محلّ أنظار القضاء وهل وجهتم إلى القضاء شكاوى لتتبع المستفيدين من أملاك الدولة قضائيا؟
فيما يتعلق بالتفويت في عقارات دولية بجهة المرسى لفائدة عبد الرحيم الزواري تجدر الإشارة إلى أن الدولة ممثلة في وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية لم تتول التفويت لفائدته في عقارات دولية بجهة المرسى أو غيرها إلا أن العملية الوحيدة المسجلة تمحورت حول شراء قطعة أرض في حق ابنه القاصر إسماعيل الزواري تمسح 1051 مترا مربعا من الرسم العقاري الدولي عدد 7367/56102 تونس كائنة بسيدي الظريف المرسى بمقتضى عقد بيع مؤرخ في 21 جويلية 2008 ومسجل في 2 أوت 2008 بمبلغ قدره 225965 دينارا بحساب 215 دينارا للمتر المربع وتم تبرير عملية التفويت هذه على أساس تصرف المقتني في الأرض كممر لعقاره المكتنف مثلما هو مبين بالفصل الأول من عقد البيع المذكور، علما أن جميع الأرض المباعة قد تم رفع الترتيب عنها من المنتزه الأثري لقرطاج سيدي بوسعيد وإدماجها بملك الدولة الخاص بمقتضى الأمر عدد 1435 لسنة 2006 المؤرخ في 23 ماي 2006.
وقد تم إلغاء هذا الأمر بموجب المرسوم عدد 11 لسنة 2011 المؤرخ في 10 مارس 2011 والمتعلق بالمنتزه الأثري القومي لقرطاج سيدي بوسعيد وذلك من ضمن عدد 14 أمر تعلقت جميعها بإخراج عقارات من الملك العمومي الأثري (المنتزه القومي لقرطاج سيدي بوسعيد) وإدماجها بملك الدولة الخاص وقد نص المرسوم المشار إليه على إرجاع هذه العقارات إلى ملك الدولة العام باستثناء ما تعلقت به حقوق الغير، دون أن يمنع ذلك في نظرنا من القيام لدى الجهات الفضائية بطلب إبطال العقد بعد إثبات التواطؤ أو الغبن أو ما إلى ذلك.
أما بخصوص إمكانية رفع قضايا لتتبع المستفيدين من أملاك الدولة، فان الإدارة سعت مع الهيئات الرقابية وكذلك لجنة التقصي في قضايا الرشوة والفساد الى ضبط التجاوزات الحاصلة أو ما إلى ذلك كَنَهْجٍ ولئن بدا بطيئا في منطلقه فانه كان ضروريا جمعا لكافة المعطيات الكفيلة بتبرير أسس الاتهام منعا لكل تجاوز في حق أي كان و هو ما أثمر إحالة ملفين هامين على القضاء في الآونة الأخيرة الأول نتيجة أعمال الرقابة التي قامت بها المصالح المختصة بالوزارة والثاني بناء على تقرير أعده فريق من دائرة المحاسبات. فضلا عن الشكايات المباشرة التي رفعتها مصالح وزارة المالية مؤخرا إلى وكالة الجمهورية بتونس في خصوص تجاوزات مسجلة بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بناء على تقرير هيئة الرقابة العامة للمالية التي تم تكليفها بتلك المهمة في الأيام الأولى التي أعقبت تشكيل الحكومة الثانية ولما كانت مصالح هذه الوزارة كتابة دولة راجعة بالنظر إلى وزارة المالية.
أثيرت تساؤلات وشبهات حول تسويغ الأراضي الدولية الفلاحية على أساس أن الكثير منها تم التفويت فيها بالمحاباة لفائدة مسؤولين في النظام السياسي السابق وأشخاص متنفذين. فهل تم فتح هذه الملفات بشكل عملي وما هي طبيعة التجاوزات المرتكبة ومن هم الأشخاص الذين انتفعوا بهذه الأراضي ؟ وهل ستعيدون النظر في عقود الكراء مستقبلا؟
خلافا لما ورد بالسؤال فإن العقارات الدولية الفلاحية يحجر التفويت فيها حسب الفصل 2 من القانون عدد 21 لسنة 1995 المؤرخ في 13 فيفري 1995 المتعلق بالعقارات الدولية الفلاحية حسبما تم تنقيحه وإتمامه.
إن استعمال العقارات الدولية الفلاحية لمشاريع غير فلاحية ممكن شريطة تغيير الصبغة وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى المشاريع الكبرى (Mega-projets) التي تمت بإيعاز من الرئيس السابق قصد انتفاع عائلته والمقربين منه وذلك بالمشاركة فيها مع أطراف أجنبية.
وفي ما يتعلق بالضيعات الدولية الفلاحية والمقاسم الفنية والفلاحية وبعض القطع الصغرى التي سوغت دون احترام القواعد القانونية والترتيبية لفائدة البعض من أقارب الرئيس السابق وزوجته فقد بلغ عدد شركات الإحياء والتنمية الفلاحية المستهدفة 35 شركة بمساحة جملية بلغت 12372 هكتارا وكانت المبادرة بتعيين 7 متصرفين قضائيين شملت دفعة أولى منها وعددها 8 شركات إحياء وتنمية فلاحية على مساحة 3333 هكتارا.
الدفعة الثانية وتتضمن 4 شركات إحياء وتنمية فلاحية على مساحة 995 هك والإجراءات جارية حاليا لتسمية متصرفين عليها.
أمّا الدفعة الثالثة فتتضمن 22 شركة على مساحة 7449 هكتارا ما تزال الأبحاث جارية في شأنها قصد التثبت والتحري علما وأن قرارا اتخذ بإسقاط حق بخصوص إحدى الشركات ومساحتها 143 هكتارا نظرا لوجود مخالفات تعاقدية.
كما تم إلغاء تخصيص لفائدة رئاسة الجمهورية بخصوص ضيعة فلاحية مساحتها 45 هكتارا كائنة بولاية بن عروس، علاوة على ذلك فقد تم تعيين متصرف قضائي على المساحات التي كانت تحت تصرف شركة الضيعات المنتجة للحليب SFL مساحتها 2300 هك بمجاز الباب ولاية باجة والتي تم تحويز المدعو سفيان بن علي بصفة وقتية بها طبقا لتوصيات ال CAREPP لجنة تطهير وإعادة هيكلة المنشآت ذات المساهمات العمومية ذات الصلة.
بالنسبة للمقاسم الفنية والفلاحية وبعض القطع الصغرى والمشتتة فقد سوغ البعض منها بصفة غير مطابقة للإجراءات المعهودة.
وبخصوص النظر في عقود الكراء مستقبلا فإن دور الوزارة ينحصر في إبرام عقود كراء بعد التثبت من مدى احترام النصوص التشريعية والترتيبية لاختيار الباعثين الجدد علما أن هذا الاختيار يتم صلب لجنة مشتركة بين وزارتي الفلاحة والبيئة وأملاك الدولة والشؤون العقارية حيث تم التأكيد على احترام قواعد المنافسة ومراجعة مقاييس التقييم حتى تكون شفافة في إطار قانوني واضح.
أين وصلت أشغال تصفية ممتلكات التجمع الدستوري المنحل؟ كم يبلغ عدد هذه الممتلكات وما هي طبيعتها، وتفاصيل الديون المتخلدة بذمة الوزارات والمؤسسات ومصادر هذه الديون وماذا قرّرتم بشأن المقرّ المركزي للتجمع. هل هناك عروض لشرائه أو تسّوغه؟ وما هو مصير مقرات الجامعات والشعب في مختلف الجهات؟ وكيف تعاطيتم مع أرصدته المالية المودعة في الحسابات البنكية والبريدية ؟ ومنقولاته من سيّارات وتجهيزات؟
لم يكن التعاطي مع ملف التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل سهلا فرغم المجهودات الجبارة المبذولة من طرف أجهزة وزارة أملاك الدولة و الشؤون العقارية فان كثرة الممتلكات العقارية و المنقولة على امتداد تراب الجمهورية جعلت من عملية الاحصاء منطلقا امرا محوطا بصعوبات عدة لعل اهمها عدم توفر النصاب البشري الكافي الكفيل بمواجهة هذا الوضع ذلك ان مصالح هذه الوزارة لم تكن مهيئة لمواجهة هذه المهمة الجديدة بتشعباتها التي لا تحصى أضف إلى ذلك أمر المصادرة السابق الحديث عنه ، دليل ذلك ان عملية الاحصاء لا تزال جارية على قدم و ساق باعانة وثيقة تذكر فتشكر لكافة السلط الجهوية وعلى راسها السادة الولاة، و لقد انتج الاحصاء المشروع فيه تعداد 1676 عقارا ب 18 ولاية هي : تونس، منوبة، أريانة، القصرين، سوسة، المهدية، توزر، نابل، بنزرت، صفاقس، مدنين، الكاف، قبلي، جندوبة، سليانة، سيدي بوزيد، المنستير، تطاوين، و هي عقارات ترجع ملكيتها حسب المعطيات المتوفرة الى التجمع المنحل في جزء كبير منها والى الدولة او الجماعات المحلية و الشركات الوطنية و الخواص . اما بالنسبة للسيارات فقد افرزت عملية الاحصاء 217 سيارة لم يمكن وضع اليد عليها كلها الى حد الآن. وبخصوص ديون التجمع فقد بلغت الى حد اليوم :
89.539.499,927
ومن أبرز الدائنين :
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي : 64 763 030,906
الشركة الوطنية للاتصالات : 7 341 152,842
الشركة الجهوية للنقل ببنزرت : 5 380 370,000
الشركة التونسية للكهرباء والغاز : 4 664 079,048
بلدية تونس : 3 642 000,000
ولقد اتجه التفكير إلى استصدار مرسوم يقضي بإحداث لجنة تصفية ممتلكات التجمع على غرار لجنة المصادرة لمواجهة هذه العملية الدقيقة المعقدة اما عن التصرف في هذه الممتلكات فان الرأي لم يستقر بعد على طريقة التعامل مع هذه الوضعية بما يخرج عن إطار وزارة املاك الدولة و الشؤون العقارية بانفرادها بل يتعداه الى غيرها من أجهزة الدولة الأخرى لما لذلك من أهمية بالغة جوهرية ناهيك ان ذات المقر الواحد مثلا هو محل مطالبة من عديد الجهات المختلفة من وزارات ومنظمات وجمعيات وحتى خواص، وأقر مجلس الوزراء في أحد اجتماعاته أولوية وزارة الداخلية في التحصيل على بعض العقارات والسيارات لمواجهة الأضرار التي لحقت عديد المقرات الامنية والسيارات التابعة لقوى الامن الداخلي، وعليه فإن الصورة ستتوضح أكثر في الأيام القادمة بعد استيفاء عمليات الإحصاء وشمولها كافة الولايات، أما عن المقر المركزي للتجمع فلقد سجلنا رغبة بعض الأطراف في الانتفاع به كما الشأن بالنسبة للبنك الإفريقي للتنمية BAD دون أن يقع اتخاذ القرار النهائي إلى حدّ الآن.
بعد انتهاء مهمتكم على رأس الوزارة، ما هي وجهتكم القادمة؟ هل ستعودون إلى سلك القضاء أم لديكم مشاريع أخرى؟
أَمَا وقد تعيَّنَ الجواب فَإِني أستلهم من رائعة أبي تمام قوله:
نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل
بيتان يختزلان ردّي، هذا في المنظور القريب أما في المنظور الآجل وإن كان في العمر بقية فلا أبتغي إلا التفرغ للكتابة التي حالت دوني وإياها مشاغل العمل اليومي المضني على امتداد سنوات طويلة فارطة، وقبل الختم لا يسعني غير تهنئة الجميع والشعب التونسي كافة بعيد الفطر المبارك مرتجلا هذه الأبيات فأقول :
العيد أقبل فاهنأ به يا سيدا حزت الثواب ليس له عِدْلُ
لك أدعو وأرجو إلها له الأمر من بَعْدُ ومِنْ قَبْل
فاعمل وثابر واجتهد تَلْقَ القبول ممن ليس له شبيه ولا مثل
تكن أسعد الناس بخير وصحة ومَجْدُ تونس باقٍ لها كُل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.