عبّرت بعض الأطراف عن تخوفها من امكانية إبعاد قضايا الفساد المالي العالقة بالنظام السابق عن الرأي العام وعن وسائل الاعلام وفسح المجال فيها أمام التجاوزات وذلك بعد تخصيص مكاتب تحقيق ودوائر قضائية للنظر فيها.وكانت مصادر قضائية قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي أنه في اطار العمل على توفير الأسباب اللازمة للاسراع في البت في قضايا الفساد المالي المتعلقة بالرئيس السابق وأفراد حاشيته، تم تخصيص 11 مكتب تحقيق ودائرة جناحية وذلك بالمحكمة الابتدائية بتونس للنظر في هذه القضايا.كما تم للغرض نفسه تخصيص دائرة اتهام ودائرتين جنائيتين ودائرة جناحية وذلك بمحكمة الاستئناف بتونس.وعلى مستوى محكمة التعقيب تم تخصيص دائرة جزائية للبت في الطعون المتعلقة بهذه القضايا اضافة الى تخصيص 12 عضو نيابة عمومية لهذه القضايا تحت اشراف رؤسائهم.وجاءت هذه القرارات على خلفية ما أثير من انتقادات لوزارة العدل بعد أن تسبب طول النظر في قضايا الفساد المالي لرموز النظام السابق في فرار المدعوة سيدة العڤربي الى خارج الحدود قبل النظر في القضايا العالقة بها.إبعادمنذ الاعلان عن هذه الاجراءات قالت بعض الأطراف إنها ستؤدي الى إبعاد قضايا الفساد المالي العالقة ببن علي وزوجته والمقرّبين منهما عن المكاتب القضائية العادية وإدخالها وراء أبواب مكاتب قضائية مختصة داخل المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف الكائنتين بالعاصمة ومحكمة التعقيب كذلك.وبذلك قد يقع إبعاد هذه القضايا عن الأنظار وعن اهتمامات الحقوقيين ورجال القانون (خاصة المحامين) مع امكانية إبعادها أيضا عن أنظار وسائل الاعلام... وبالاضافة الى ذلك، يرى أصحاب هذا الرأي ان ضعف اهتمام الرأي العام والاعلام بهذه القضايا قد يتسبب في حصول تجاوزات وبالتالي في عدم محاسبة الفاسدين المنتمين للنظام السابق بالكيفية التي ينتظرها الشعب وهذا في أحسن الأحوال لأنه في أسوئها قد يكون الحكم بعدم سماع الدعوى ضد أحد رموز الفساد دون أن يتفطن الى ذلك الرأي العام.ليست خاصةسيعمل قضاة التحقيق وقضاة الدوائر القضائية وأعضاء النيابة العمومية المتفرغون لقضايا الفساد المالي الخاصة ب«المخلوع» وحاشيته وفق الاجراءات والآجال العادية المعمول بها امام سائر المحاكم ولن تكون هناك اجراءات وآجال خاصة بهم وذلك وفق ما كشفه ل«الشروق» السيد احمد الرحموني رئيس جمعية القضاة التونسيين.وحسب رأيه فإن هؤلاء سيطبقون ايضا القانون العادي المطبّق في سائر المحاكم ولن يطبقوا قانونا آخر خاصا بهم.وإضافة الى ذلك سيمارسون نشاطهم داخل مكاتبهم العادية بالمحكمة الابتدائية وبمحكمة الاستئناف (بتونس) وبمحكمة التعقيب عند النظر في هذه القضايا وكذلك الشأن بالنسبة للقضاة المتعهدين وبالنسبة للمحامين المعنيين بالدفاع فيها.ومن جهة أخرى فإن الدوائر التي ستنظر في هذه القضايا ستنتصب داخل قاعات الجلسات العادية وفق النظام المعمول به سابقا في كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ومحكمة التعقيب وبالتالي فإنه حسب السيد أحمد الرحموني لن يتغيّر اي شيء على مستوى حضور العموم او وسائل الاعلام الى داخل قاعات الجلسات لمتابعة المرافعات والأحكام الصادرة.ويحوصل أحمد الرحموني رأيه بالقول ان تخصص هذه الدوائر هو في الموضوع فقط (حسب الموضوع المعروض عليها) وليس تخصصا في الاجراءات او في القانون المطبق، والهدف من ذلك هو التركيز والاسراع في البت في هذه القضايا بعيدا عن ضغوطات الملفات العادية.ويؤكد محدثنا ان هذه الطريقة ستقرّب هذه القضايا من الرأي العام لأنها ستلفت الانتباه أكثر عندما تنظر فيها هيئات قضائية مختصة ولن يكون هناك بالتالي أي مجال للتجاوزات والتلاعب فيها عكس ما يعتقده كثيرون.