انتهى شهر رمضان بعد ان قدّمت القنوات التونسية مجموعة من الاعمال الدرامية والهزلية قد تكون الأسوأ منذ سنوات ولئن بررت إدارات القنوات التونسية هذا الضعف الفادح بالظروف الاستثنائية التي تم فيها العمل فإن هذه المبررات ليست مقنعة بالقدر الكافي. اذا استثنينا مسلسل «نجوم الليل» في جزئه الثالث على قناة حنبعل والجزء الثاني من نسيبتي العزيزة على قناة نسمة فإن لا شيء كان جديرا بالاهتمام في بقية القنوات ف«الأستاذة ملاك» كان من أسوإ الاعمال التي كتبها علي اللواتي على الاطلاق أما بقية الاعمال مثل «البورطابل» و«طاولة وكراسي» و«تونس 2050» فلم تتمكن من شد الجمهور وبدت أعمالا متواضعة جدا إن لم نقل ضعيفة. قبل عام من شهر رمضان يفترض ان يبدأ التفكير جديا في الانتاج التلفزيوني التونسي الذي تواجهه تحديات كثيرة اليوم خاصة ان مناخ الحرية سيمكنه من طرح مواضيع كانت ممنوعة سابقا. وفي كل رمضان أتساءل لماذا لا تنتج القنوات التونسية مسلسلات قادرة على ان يكون لها سوق عربي مثل المسلسلات التي تتناول حياة شخصيات تونسية لها اشعاع عربي. أليس من العار على القنوات التونسية خاصة مؤسسة التلفزة التونسية ان لا تنتج الى حد اليوم مسلسلا عن سيرة ابن خلدون والشابي وحنبعل وابن الجزّار أليس هؤلاء شخصيات تونسية بها اشعاع عربي بامتياز؟ ان دخول السوق العربية واستثمار صورة الثورة التونسية من الأولويات المطروحة على الانتاج التونسي اليوم فلا يعقل ان تبقى تونس بعيدة عن السوق العربية رغم ثراء تاريخها وكفاءاتها ذات الحضور العربي خاصة بعد سقوط الحاجز السياسي الذي كان يتحكم عمليا في آليات الانتاج والخطاب السمعي البصري. آفاق لقد فتحت الثورة التونسية للانتاج التلفزيوني آفاقا كبيرة فالخمس قنوات التونسية الوطنية 1 و2 وحنبعل ونسمة والتونسية في انتظار قنوات أخرى قادرة على ان تفتح آفاقا جديدة للانتاج التونسي وهذا لن يتحقق بمراجعة الكم فقط بل بالكيف أساسا لأن الدخول الى السوق العربية يحتاج الى اختيارات فنية تقطع مع السائد والمعتاد. إن انتاج أعمال هزلية ودرامية تتماشى مع خصوصيات السوق التونسية لا يتناقض بالمرة مع انتاج أعمال تاريخية قادرة على ان تروج عربيا حتى لو اقتضى الامر التعاون في انتاجها مع شركات عربية خليجية او مغاربية واعتقد ان ليبيا بما تملكه من امكانات نفطية ضخمة قادرة على أن تكون سوقا للانتاج التلفزيوني تعادل دبي بعد دخولها لمرحلة سياسية جديدة.