قد تقولون انهم خمسة وسادسهم حاميهم... وقد تقولون عشرين مع مؤويهم عندما يرفع الله ستره عن الباقين... وواقع الامر ان عددهم بعدد ما انشئ في هذا الوطن الكبير من عواصم، ربما باستثناء واحدة... وعندما ترفع الجماهير الغطاء عن الباقين بعون الله سوف نجد انهم سواسية، من ورث الحكم عن آبائه، ومن اغتصبه وانفق المال وقتل الرجال لتوريثه لابنائه... هذا اذا شئنا العدد... اما عدتهم فكانت تثبيت العروش بمال حرام وقتل زؤام وشراء للذمم وبيع الاوطان لكل عدو من الامم وتهريب ثروات الوطن إلى الخارج... وبما تكشف عن المطاح بهم لا تتعب عقولنا في البحث عن شبه في سيرة ولا دنس في سريرة... وعن الباقين سوف تبدي لنا الايام ما هو خاف الآن وياتينا بالاخبارمن لم يتزود بها. بن علي عرفناه هو وليلاه... ومن سوء طالع خضرائنا أنهما معا يتوفران على أكثر من عشرين من الأشقاء وكل منهم قمة لهرم للفساد في شبكات ظلت تتمدد وتتوالد حتى غاص في وحلها المئات ان لم يكن الالاف من الطامعين وضعاف النفوس... وها هو في جدّة (او في أبها) وهم بين نزيل في سجن ومتوار عن الانظار في عواصم حوت ما نهبوا من مال... ومبارك مع سوزانه و«جماله» و«علائه» اختاروا مكانا قريبا من أحبائه /في جدّة إن كانوا عربا وفي ايلات إن كانوا صهاينة... وعندما اصر شعب الكنانة ان ينقلوه إلى المحروسة تمدّد على نقّالة يتمارض ويتعافى حسب اصوات الحناجر الملعلعة في ميدان التحرير... وزبانيته هم ايضا بين نزيل في (طرة) ومتخفّ قرب البنك الذي هرّب اليه مال مصر المنهوب... وما اكثر ما نمت في عهده «الميمون» من عصابات تسبح بحمده وتهتف لولي عهده... وملك الملوك الافارقة انجب وحده لهذه الامة ثمانية من البنين، جهّز لأحدهم تاج الملك واغدق على الباقين المال والسلاح فانشأوا كتائب لم تتجبّر الاّ على شعبها ولم تصطد ايّا من عتاد الناتو... ومثل رفيقيه احتكر السلطة والثروة والسلاح وسلم مفاتيح الثروة لابنائه والمسبحين بشكره... ومثل زميليه احاط «عزيزيته» بشرذمة منافقين سرعان ما نزع معظمهم ثوبه الاخضرفيما لاذ كثيرون بالفرار وبقي آخرون فمنهم من سيق إلى الزنازين ومنهم من هو في الانتظار... ومثله مثل لاجئ جدّة ونزيل (طرة) انزاح غبار المعارك عن وثائق يندى لها الجبين تكشف تواطؤه مع اعداء الامة والدين... .و«صالح» اليمن لجأ إلى جدّة يستعيد لون وجهه المتفحّم وقد ترك وراءه الاهل والاقارب يواصلون الامساك بعصا الملك ولم يستثن من اقاربه احدا : الابن احمد قائدا للحرس الجمهوري والقوات الخاصة/ ابن الاخ يحيى رئيسا لاركان الامن المركزي/ابن الاخ طارق قائدا للحرس الخاص /اب الاخ غير الشقيق عمار محمد عبد الله صالح رئيسا لجهاز الامن القومي /علي صالح الاحمر(والرئيس ايضا من عائلة الاحمر) قائدا للقوات الجوية واللواء الجوي السادس/وآخرون من ابناء قريته على راس افضل الوحدات العسكرية في تعز والمنطقتين الجنوبية والشرقية والضالع... كما وزع على ذوي القربى مصادر ثروة اليمن (زوج ابنته خالد الارحبي مديرا للقصور الرئاسية، توفيق ابن اخيه لشركة التبغ والوقيد، اب الزوجة الرابعة احمد الكحلاني لايفارق منصب وال الا لمنصب وزير، ومثله شقيق الزوجة الثالثة عبد الرحمان الاكوع، وعمر الارحبي شقيق زوج الابنة مديرا لشركة النفط اليمنية، وعمه عبد الكريم الارحبي وزيرا للتخطيط ومدير صندوق التنمية، شقيق الزوجة الثانية عبد الوهاب الحجري سفيرا في واشنطن، شقيق الزوجة الثالثة خالد الاكوع وكيلا لوزارة الخارجية، عبد الخالق القاضي ابن خال الرئيس رئيسا للخطوط الجوية)، إلى جانب آخرين من الاصهار الخ... .اما عن علاقته باعداء الامة فهو لا يقل حرصا عليها من بن علي ومبارك والقائد الاممي... وقد روى لي شاهد عيان ان علي عبد الله صالح تعثر وكاد يسقط على الارض وهو يدفع الوفود من اجل اللحاق بشمعون بيريز لتحيته... . ولا يقل الحال في سوريا عما هو في تونس /بن علي ومصر /مبارك وليبيا /القذافي وصالح /اليمن... فبشار الذي جيء به لخلافة والده منعا لخروج الحكم من ايدي العائلة ومن العلويين تحيط به ثلة تمارس الممارسات نفسها تقريبا : صفقات خيالية مع الشركات الأجنبية بعقود رسمية، الاستيلاء على شركات ووكالات تجارية هامة تؤخذ من اصحابها الاصليين تحت التهديد بالسجن والاعتقال اوالتصفية والقتل، الاستيلاءعلى اراض لمواطنين او املاك الدولة، احتكار التجارة والخدمات في مطاردمشق الدولي وغيره، احتكارفتح مدارس اجنبية في سورية من دون سائر السوريين الخ... كل هذا برعاية وحماية الام انيسة مخلوف والاخت الشقيقة بشرى الاسد زوجة آصف شوكت مدير الاستخبارات العسكرية... والخال محمد مخلوف وابنه رامي وعديله غسان مهنا، والاخ ماهر الذي خلف عمه رفعت على رأس الميليشيا الرهيبة المعروفة باسم سرايا الدفاع والتي استبدل اسمها إلى الفرقة الرابعة /اللواء علي مملوك مدير المخابرات العامة الذي وقع اغتياله/ نائبه حافظ مخلوف /رئيس المخابرات العسكرية عبد الفتاح قدسية ونائبه علي يونس/ رئيس المخابرات الجوية اللواء جميل حسن/وفواز الاسد ومنذر الاسد وغيرهم... هذا عن الخمسة الذين كشف الله سترهم... وتلك عدتهم وتلك سيرتهم... وأصبحت جدّة رمزا لمن يثور عليه شعبه وعنوانا افتراضيا لكل من يفكر في الهروب... يقولون إن ثوار ليبيا جاؤوا بالناتو والاستعمار... وأن ثوار اليمن سيفتحون الباب امام القاعدة في الجزيرة العربية... وان ثوار سوريا سيسقطون آخر جدران الصمود امام العدوان الصهيوني الصليبي... وهناك من يقدم الحجج ويدين الاستقواء بالعدو... وثمّة من يدفع بانه حتى لو صدق اولائك فان الجريرة تقع على من تمسك بالعرش يشد اركانه بجماجم شعبه... .والمؤكد ان الحالتين احلاهما مرّ... ومهما يكن فان ما اراد الله حصل... وسواء كان عدد المبشرين بجدة خمسة او عشرين فان مسؤولية من ثار فعزل ومن يحتل الشوارع والميادين يطالب هؤلاء الحكام بالرحيل مسؤولية ثقيلة... وعلى الثائرين سواء اسقطوا الحكام ام لم يسقطوا، ان يدركوا ان الاطاحة بالاصنام اهون من بناء صروح الاوطان... والواجب يحتم ان يتكتلوا في هذا «الربيع العربي» ليحرسوا الوطن من سرقة داهمة وسيطرة بادية في الافق... وان كان الاعداء قد خططوا لاعادة تمزيق هذا الوطن واعانهم على ذلك طغاة فان شباب هذه الامة بيدهم ان يفوتوا على الاعداء مراميهم الخبيثة وان تتحد عقولهم ورؤاهم وسواعدهم من اجل ربيع دائم قوامه كرامة المواطن وعزة الوطن يمنعون الاستبداد من العودة ويفوتون على الاعداء فرصة الانقضاض على الارض العربية من جديد... والا فان دماء الشهداء سوف تذهب هباء.