نشرت مؤخرا عدة مواقع فرنسية نقلا عن موقع ويكيليكس الشهير بنشر أسرار المراسلات الديبلوماسية الأمريكية فقرات من برقية سرية أرسلتها السفارة الأمريكيةبتونس عن «تواطؤ» فرع شركة مايكروسوفت في تونس مع نظام بن علي للتجسس على المعارضة التونسية. وتبعا لموقع reflets.infos الفرنسي فإن فرع مايكروسوفت تونس قد قبل مبدأ مساعدة نظام بن علي على التجسس على مواطنيه مقابل دعم برمجيات الشركة على حساب البرمجيات الحرة المجانية بطرق مخالفة للقانون التونسي. ويقول السفير الأمريكي في هذه البرقية إنه حاول مرارا أن يطلع على نص الاتفاق بين مايكروسوفت والحكومة التونسية لكنه لم ينجح، ويضيف أن الحكومة التونسية التي أقرت منذ 2001 استعمال البرمجيات الحرة المجانية قد خالفت نفسها وقوانينها وأصبحت تشترط في طلبات عروض الإعلامية أن تكون المعدات والبرمجيات متوافقة مع برامج مايكروسوفت وهو ما يخالف القانون التونسي. ومن المعروف أن استعمال البرمجيات الحرة هو رمز من رموز السيادة الوطنية في أية دولة مقارنة بالبرامج المغلقة وغير المجانية، مما جعل أحد المعلقين يقول إن نظام بن علي باع الإعلامية في تونس إلى مايكروسوفت مقابل التجسس على مواطنيه. ونذكر أن موقع ويكيليكس قد نشر مؤخرا ودفعة واحدة أكثر من 200 ألف برقية سرية من مراسلات السفارات الأمريكية في العالم، وهي تتضمن معلومات وآراء يبديها السلك الديبلوماسي عن المناطق التي يعملون فيها، وهذه المراسلات السرية موجهة أساسا إلى وزارة الخارجية للنظر والاستفادة واتخاذ القرار. ومن ضمن هذا الكم الهائل من البرقيات تم العثور على بعض المراسلات التي تهم تونس وتخص سلوك مؤسسة مايكروسوفت إزاء النظام التونسي المعروف بالقمع والفساد المالي والذي قالت عنه إحدى البرقيات السرية السابقة إنه «يتصرف مثل عصابة مافيا». وتفيد البرقية الجديدة التي تحمل رقما سريا هو (06 تونس 24-24) بتاريخ 22 سبتمبر 2006 أن مايكروسوفت قد أبرمت اتفاقا غير رسمي مع الحكومة التونسية لمساعدتها في التجسس على المراسلات الالكترونية للتونسيين، وذلك بتقديم شهادات «ssl» مزيفة، أي أن تساهم مايكروسوفت عبر برنامج الإبحار أنترنيت اكسبلورر في تمكين أعوان المراقبة من تزييف بروتوكول حماية تبادل المعلومات على شبكة الانترنيت. ومن المعروف أن عدة مواقع بريد الكتروني ومراسلات شخصية مثل فايس بوك وبريد غوغل تستعمل هذا البروتوكول، وعند تمكن شخص أو مؤسسة من تزييفه فإنه يستطيع توجيه الأشخاص الذين يستهدفهم للمرور بعناوين مزيفة حيث يطلع على محتوى مراسلاتهم دون أن يتفطّنوا إلى ذلك. ومن الواضح أن الاتفاق الذي تتحدث عنه برقية السفارة الأمريكيةبتونس بانزعاج قد حدث إبان حملة نظام بن علي على الحقوقيين وناشطي المجتمع المدني. وتضيف البرقية أن مايكروسوفت قد نظمت لمسؤولين وموظفين تونسيين عدة دورات تدريب على برمجياتها تحت عنوان «مقاومة الإرهاب» أو «الحوكمة الإلكترونية والجرائم الإلكترونية وحقوق الملكية الفكرية». لكن برقية السفارة تشدد على أن هذه الدورات كانت تستهدف تقديم تكوين في مراقبة المراسلات الالكترونية، ومقابل ذلك، حصلت مايكروسوفت على حق بيع 12 ألف رخصة برنامج جديد لاستبدال جميع البرامج المقرصنة في تونس. أما الأخطر من ذلك، فهو حصول مايكروسوفت على وعد حكومي بالتخلي عن تشجيع تطوير البرامج الحرة والمفتوحة والمجانية في تونس. كما تكشف برقية السفارة عن اهتمام ليلى بن علي بموضوع البرمجيات عبر جمعية بسمة للأعمال الخيرية لتحصيل منافع شخصية لها عبر التوسط في شراء البرمجيات.