هل تحتاج المرأة إلى من يدافع عنها؟ وهل للأنثى قضية مستقلة عن الذكر؟ وهل للمواطنة والحقوق جنس؟ ومن يريد ركوب موجة النساء لتسريب مشاريعه «التقدمية» الحداثوية؟ المرأة أختا أو أما أو حبيبة أو زوجة أو زميلة أو... هل تعيش في كوكب آخر، أو فوق أرض غير أرضنا، هل تأكل خبزنا وتشم هوانا أم هي كائن في زجاج يخشى عليه من التهشم؟ لماذا كل هذه المزايدات، لماذا كثر الحديث باسم المرأة التونسية والحال أنها مضرب الأمثال في الأقطار العربية بما تحقق لها من مكاسب ولو أني أراها حقوقا للمواطن بصفة عامة، لا أنثى ولا ذكر بل هي مواطنة وانتماء فالبيت والطريق والمكتب اختلاط في انسجام وتناغم بين المرأة والرجل والدفاع يجب أن يكون عن الانسان بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه. إن المرأة المسلمة شرف للانسانية فهي رمز للطهر والعفاف وللصبر والعطاء، هذه المرأة التي شاركت منذ اللحظات الأولى للرسالة في بناء المجتمع الاسلامي اقتصاديا واجتماعيا وحتى عسكريا وشاركت منذ أول غزوة في كل حروب المسلمين كملائكة رحمة أو كمقاتلة، لا تستحق اليوم وصاية ولا تمييزا ايجابيا من أحد. درسنا معا كتفا الى كتف، وتنافسنا معا وضحكنا معا وبكينا معا وكرم اللّه الانسان ذكرا وأنثى وأنزلهما من الجنة معا وسيرجعهما إليها أو إلى النار معا، فلماذا إذا هذا التهافت على الدفاع عن المرأة كأنها كائن متخلف ذهنيا ينتظر الوصاية. لماذا لم نسمع يوما عن جمعية الرجال الديمقراطيون أو الاتحاد الرجالي أو جمعية آباء تونس برئاسة السيد العقربي، أو منظمة الأب والطفل... كل هذه التسميات تنم عن عقد نفسية عند باعث الجمعية وحسابات ماكيافيلية عند الممول وسذاجة ذهنية عند المسير. أي عمل وأي مساهمة للمرأة في بناء وطنها هو واجب مقدس وليس بمنة ولا يجب أن تنتظر من ورائه جزاء ولا شكورا ولا تمييزا يخالف به شرع اللّه أو تقاليدنا العربية الاسلامية، فاختزال مسألة الارث مثلا في للذكر مثل حظ الأنثيين هو دليل جهل بعلم المواريث العصي على الفكر الأشول الذي يختزل الارث في جنس الوارث متناسيا أهم عنصر من عناصر العدالة الالهية في تحديد المنابات وهو مدى قرابة الوارث من الموروث، ابن، بنت، أخ، أخت، أب، أم، عم، عمة أو خالة... ولكل حالة حقيقتها ففي بعض الأحيان يتجاوز نصيب الذكر نصيب الأنثى، وفي أحيان أخرى يساوي نصيب الذكر نصيب الأنثى كما توجب حالات يفوق فيها نصيب الأنثى نصيب الذكر وقد ترث الأنثى ولا يرث الذكر وهنا أحيل الناطقين باسم المرأة الى الدراسات العالمية التي تقدر نسبة تملك المرأة في العالم ب0.2٪ بينما ستصل هذه النسبة الى 33.33٪ لو طبق علم المواريث وفق الشريعة الاسلامية. ولأذكر النساء الديكتاتوريات ومن يسير في دربهن ببعض الحقائق التاريخية عساهم يستثمروا الوقت الذي يهاجمون به الاسلام في شيء مفيد، فمثلا لا يخفى عليهم أن المرأة كانت قديما تباع وتشترى فلا إرث لها ولا ملك، كما أن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها الذكور، وإن الزوجة كانت تباع في انقلترا حتى القرن الحادي عشر، وفي سنة «1567م» صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة على شيء من الأشياء، فأين مكانة المرأة في الاسلام من كل هذا وكيف لا ينظر العاقل الى ما حذى به الاسلام المرأة بأنه ثورة اجتماعية تجاوز بها الغرب بما لا يقل عن ألف سنة. فلو ركزت ديكتاتوريات تونس على تفعيل مكاسب المرأة من مجلة الأحوال الشخصية ومقاصد الشريعة الاسلامية لكسبن بذلك تعاطف الرجال قبل النساء ولما اصطدمن بكل هذا الاشمئزاز الذي يرافق كل تصريح للجمعية المارقة إن البحث عن المساواة بين المرأة والرجل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الاختلاف الفزيولوجي الكبير الذي يولد اختلافا نفسيا أكبر بين الذكر والأنثى والذي على أساسه بني التوازن والانسجام على سطح الأرض، إن مفعول التوستستيرون وهو هرمون ذكوري TESTOSTERONE على الانسان يختلف تماما وجذريا مع مفعول الأستروجين أو البروجستيرون وهي هرمونات أنثوية PROGESTERONE ET OESTROGÈNE وهذا ما يعطينا الفرق في الفعل وردة الفعل عند الرجل والمرأة، كما يعطينا الفرق في طاقة التحمل والصبر، فهل يمكن للزهرة الذكر أن تلعب دور الزهرة الأنثى وهل يمكن للدجاجة أن تصبح ديكا أو اللبوة أن تصبح أسدا. فما بالك بالانسان ومن يعرف سر المخلوق أكثر من الخالق؟ إن المقارن بين الرجل والمرأة كالمقارن بين المتر واللتر فلكل وحدة قيس ولكل مجال لإثبات إنسانيته دون البحث عن القفز على الآخر أو تجاوزه أو تهميشه. فيا نساء تونس الأحرار، اخواتي الأعزاء، معلماتي، أساتذتي، تلميذاتي وزميلاتي وبنات وطني لا تقبلن من أحد أي وصاية على المرأة «فاللّه خير حافظا وهو أرحم الراحمين»، لا تقبلوا هدايا مفخخة تضرب بها الأسرة وعاداتنا وقيمنا واعلموا أن النساء شقائق الرجال وأن ما للمرأة هو للمرأة وأن ما للرجل هو للمرأة أيضا حبا وودا وعطفا. عاشت المرأة التونسية، عربية إسلامية، لا غربية ولا ديكتاتورية بل شامخة حرة وأبية، ولا عاش في تونس من خانها ذكرا أو أنثى دكاتورا كان أو ديمقراطيا. بقلم الأستاذ حسان العباسي