لا شكّ إن كنتم من عشّاق المسرح أنكم شاهدتم أو قرأتم مسرحية «ليزيستراتا» لأب الكوميديا في العالم أريستوفان. وللقلة القليلة الذين لم يشاهدوا أو لم يقرأوا أذكرهم أن هذه الكوميديا«ليزيستراتا» هو اسم بطلة المسرحية وهي فتاة جميلة جريئة ثارت ضدّ الحروب المدمرة التي كانت تدور رحاها بين مدينتي اسبارته وأثينا فكانت لا تتوقف عن حصد أرواح الشباب وتملأ بلاد الإغريق بالأرامل والثكالى. قامت «ليزيستراتا» تخطب في النساء وتدعوهن إلى الامتناع عن أزواجهن وأصحابهن ما لم يتوقفوا عن القتل والاقتتال. ونجحت «ليزيستراتا» في مسعاها وأوقف إضراب النساء حروب الرجال وعمّ السلام بلاد الاغريق. خمس وعشرون قرنا بعد «ليزيستراتا» تعيد «ليماه بوفي» الليبيرية حلم «ليزيستراتا» كان ذلك سنة 2003 وكانت ليبيريا ترزح زمنئذ تحت نيران المتقاتلين من أبناء الشعب الواحد يسقطون كل يوم بالمئات تاركين وراءهم أمهات وزوجات يتجرعن مرارة الوحدة والحاجة ووطنا يغرق في الخراب. هنا قامت «ليماه بوفي» ودعت نساء ليبيريا إلى إعلان الاضراب الجنسي وهجر الرجال في المضاجع إلى أن يتوقفوا عن الاقتتال. ونجحت «ليماه بوفي» الليبيرية كما نجحت «ليزيستراتا» الاغريقية. هذه خلّدها الأدب العالمي وتلك رفعت ذكرها جائزة نوبل للسلام التي أسندت لها منذ أيام. قال لي صاحبي وهو يقرأ هذا المقال: «مثل هذا الاضراب.. هذه فكرة رائعة، سلاح فتّاك يمكن للنساء في بلادنا أن تستعمله لفرض المساواة مثلا أو لتحقيق الديمقراطية!»... نسي صاحبي أن بلادنا دخلت زمن التعددية النقابية التي تقلّل من نسبة نجاح الاضرابات.