الحملة الانتخابية تتأثر بمحيطها.. وقد هبّت عليها يوم أمس نسمات ساخنة استمدت حرارتها من الأجواء التي نشرها بث شريط «بريسيبوليس» وما اثاره من مواقف متناقضة.. على أن تلك النسمات ما فتئت أن هدأت باعتذار مدير قناة «نسمة» واتجاه الأمور إلى التهدئة الكاملة وتوجه المترشحين مجددا إلى صلب برامجهم الانتخابية. بحلول نهار اليوم الاربعاء تكون الحملة الانتخابية قد قطعت شطرها الأول ومعه تدخل منعرجها «الحاسم» من حيث القدرة على مواصلة النسق بالسرعة المطلوبة ناهيك وأن مختلف القائمات المترشحة كثفت منذ نهاية الأسبوع المنقضي من تحرّكاتها في اتجاه مختلف التجمّعات السكنيّة خاصة منها النائية والموجودة في الأرياف كما أنّ أماكن التعليق في العديد من الجهات قد ازدانت بمعلّقات جديدة بعد تمكّن أصحابها من الحصول على إمكانيات الطباعة والتنقّل للتعليق. على أنّ وقائع الحملة وعلى الرغم من تصاعدها كشفت عن أنّ المترشحين قد «تناسوا»عن قصد أو دونه عددا من القرى والأرياف على غرار قرية «قبلاّط» من ولاية باجة والتي لم تنعم بعد بأيّ تحرّك انتخابي وكأنّها تقع خارج حدود الوطن. إلى ذلك سعت «الشروق» في عددها اليوم إلى الاقتراب من اهتمامات المواطنين في عدد من أنحاء البلاد ورصدت انطباعاتهم من وقائع الحملة الانتخابية ومن عموم العملية الانتخابيّة ونوايا الانتخاب لديهم فاتّضح أنّ جزءا كبيرا منهم ما يزال متردّدا ولم يحسم بعد شأنه الانتخابي كما أنّ البعض الآخر عبّر عن عدم استيعاب للخارطة الانتخابيّة والإجراءات المتعلّقة بها مع كثرة القائمات المترشحة وإقدام عدد من المترشحين «الوافدين» من دوائر انتخابيّة غير تلك التي ينحدرون منها ممّا ضاعف من حيرة الناخبين وعمّق من تردّدهم في الاتجاه نحو هذه القائمة أو تلك. كما كانت «السيارات المكتراة» والحافلات من أبرز الوسائل المستخدمة إلى حدّ الآن في الإعداد للزيارات الميدانيّة ونقل الأنصار من هذه المدينة إلى تلك أو من هذه القرية إلى غيرها ومن المتوقّع أن تتتالى «هذه الرحلات» خلال ما تبقّى من الحملة. ولم تخل الحملة في يومها الحادي عشر من تطوّرات ومستجدّات وحتّى الطرائف ، على أنّ وقع «حادثة نسمة TV» ما تزال تُلقي بظلالها على الحراك السياسي عموما إذ تضمّنت كلمات عدد من المترشحين خلال الاجتماعات والتظاهرات إشارات إليها في تقابل واضح بين ثنائيّة «الحق في التعبير» و«حدوده» خاصة تجاه المقدّسات ، وقد أفردت العديد من الأحزاب وكذلك البعض من القائمات المستقلة المترشحة حيّزا من اهتمامها لهذا «الملف» وأصدرت في ذلك بيانات ومواقف كما أقدم البعض الآخر على تنظيم وقفات إحتجاجيّة. ومن الواضح أنّ الموقف الذي اتّخذتهُ أمس إدارة قناة نسمة على لسان مديرها نبيل القروي من اعتذار للشعب التونسي عن تمرير «اللقطة محل الجدل والاستنكار والتنديد والاستهجان» واعتبار عرضها «غلطة» ، هذا الموقف من شأنه أن يدفع إلى المزيد من التعقّل وتهدئة الخواطر ضمانا لعدم تكرار مثل هذه المسائل لاحقا ودون المس لا بحرية التعبير التي هي مقدّسة ولا بالمشاعر الدينيّة والتي هي أشدّ قداسة. في أجواء حذرة ولكنّها تدفع إلى الطمأنة بحكم «الوعي الجمعي» الّذي يمتلكهُ التونسيون المتمسّكون جميعا بالابتعاد عن كلّ عوامل التشويش والارتداد ومسبّبات الفرقة والتشرذم أو العنف والصدام ، في هذه الأجواء ستتواصل وقائع الحملة الانتخابيّة مع انتظارات كبيرة بتصاعد للمنافسة وللتظاهرات والاجتماعات مع تواتر أخبار عن أنّ العديد من القائمات خيّرت لعب «ورقة آخر لحظة وعدم المجازفة في البداية تقديرا لامكاناتها المادية واللوجيستيّة سواء للتعليق أو توزيع البيانات أو التحوّل إلى القرى والأرياف والمدن البعيدة.. فلننتظر.