وافتنا هيئة الحملة الانتخابية بالقيادة الوطنية لحزب العمال الشيوعي التونسي بالردّ التالي على تصريحات سابقة للأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي ميّة الجريبي. أوردت صحيفة «الشروق» في الصفحة 4 من الملحق الخاص بانتخابات المجلس التأسيسي لعدد يوم الثلاثاء 11 أكتوبر وفي سياق تغطيتها لاجتماع عام عقده الحزب الديمقراطي التقدمي خبرا مفاده أن أحد الشبان من الحضور تناول الكلمة منتقدا الحزب سابقا وأن مية الجريبي أنقذته من ردّ فعل شباب الحزب أي من الاعتداء عليه بالعنف ان لم يكن فهما خاطئا رادّة على انتقاداته لحزبها بأنه «يريد أن يتحدث في اجتماعات شعبية ذات حضور واسع لأن حزب العمال الذي ينتمي إليه لا تواكبه هذه الأعداد الغفيرة من الجماهير» حسب ما أورده المقال على لسان ميّة الجريبي. ولم نكن لنرد على هذه التصريحات لولا أن اتهامات حزب ال«بي دي بي» تجاه حزبنا (وغيرنا من الأحزاب) أصبحت متكرّرة بل إن «بي دي بي» أصبح لا يجد من سبيل لتبرير عثراته وكبواته المتزايدة إلا بتعليقها على كاهل هذا الطرف أو ذاك. 1 لقد بيّن الشاب بلال ضيف اللّه في مستهل مداخلته (كما ورد في المقال) انه «من المشاركين في اعتصامي القصبة 1 و2 وانه لا يمتّ بصلة الى أي حزب سياسي» ولو كانت ميّة الجريبي وأعضاء حزبها قد واكبوا هذين الاعتصامين المجيدين ولم تتخذ وحزبها وباعث حزبها موقفا عدائيا منهما وصل حد اعتبارهما «أعمال شغب» و«تشويش على حكومته العتيدة» لكانت عرفت أن المتدخل هو فعلا من بين النشطاء البارزين في الاعتصامين المذكورين وانه فعلا لا يمت بأي صلة لا تنظيمية ولا فكرية حتى بحزب العمال. إن ميّة الجريبي ومن معها لا تسمح لهم آليات تفكيرهم وتقاليد عملهم أن يتصوروا أن شابا تونسيا يمكن له أن يحلل الواقع السياسي وأن يتخذ منه موقفا شخصيا ومستقلا وأن يبادر بالممارسة السياسية (بغض النظر عن مدى سلامة الموقف) دون أن ينتظر أوامر أو أجرا من أحد. وال«ب يدي بي» لا يسمح له غروره وتضخم الذات عنده أن يتصور ردّة الفعل التي قام بها الشاب بلال ضيف اللّه والعديد من الشبان والمواطنين مثله في العديد من الجهات هي ردّة فعل منطقية على خط ال«بي دي بي» منذ 13 جانفي أنه لم يعد يولي اهتماما بتطلعات الشعب بل أصبح اهتمامه منصبّا فقط على الوصول الى الكراسي مهما كانت الوسائل والتكاليف. 2 إن إقحام حزب العمال في هذه الحادثة من طرف ال«بي دي بي» ليس الأول، فقد سبق لهم أن وجهوا لنا الاتهامات جزافا كلما مني نشاط لهم بالفشل أو كلما عبّر لهم أحدهم عن نقده تجاه سلوكهم السياسي أو أفصح عن رأي مبدئي يتعارض مع مواقفهم. إن إلصاق (Etiquette) ما بشخص عوض التعاطي مع ما يعرب عنه من آراء ومواقف وتوجيه الاتهامات يمنة ويسرة لهو سلوك يذكرنا بما كان يمارسه النظام البائد وأزلامه في مختلف الأطر السياسية والنقابية والحقوقية والاعلامية. إن صلف ال«بي دي بي» وسلوكه العدائي لم يقف عند حزب العمال بل طال كل الأطراف التي تختلف معه حول هذه المسألة أو تلك من أحزاب ومنظمات ولم تسلم من شرّه حتى الهيئة المستقلة للانتخابات (حين طرحت تأجيل الانتخابات وحين قرّرت منع الاشهار السياسي..). 3 إن ادّعاء ميّة الجريبي بأن مناضلي حزب العمال يتحولون للحديث «في اجتماعات شعبية ذات حضور واسع لأن حزب العمال الشيوعي التونسي لا تواكبه هذه الأعداد الغفيرة من الجماهير» لهو مدعاة للضحك ودليل إضافي على ما وصلت به الحال لدى ال«بي دي بي» من غرور جعلهم يتخيلون ما لا يمتّ للواقع بصلة». لقد فات ميّة الجريبي أن نفس القاعة التي عقدت بها الاجتماع العام المذكور احتضن منذ بضعة أسابيع اجتماعا شعبيا لحزب العمال حضره أضعاف الذين حضروا اجتماعه والذين لم يتجاوزوا حسب ما ذكره بعض متساكني المروج المائتي شخص جلّهم من خارج المنطقة ولا نظن ميّة الجريبي لم تطلع على عشرات الاجتماعات الشعبية والزيارات الميدانية التي نظمها حزب العمال منذ الأسابيع الأخيرة والتي حضرها الآلاف من المواطنين الذين لم تجلبهم حافلات ولم يتحصلوا على أي مقابل على حضورهم. كما لا نظن أنها نسيت أن مناضلي حزب العمال وأنصاره وشبابه هم من كانوا يملؤون الندوات والتظاهرات التي كان ينظمها حزبها «أيام الجمر» في مقره أو خارجه حين كان بعض قياديي ال«بي دي بي» يعلق «إننا ضيوف عندكم في مقرنا» حين وصل الأمر الى حدود خروج إشاعة في فترة من الفترات أن ال«بي دي بي» هو الواجهة العلنية لحزب العمال. لقد كان الأجدر بميّة الجريبي وحزبها أن يقوموا بمراجعة مواقفهم وسلوكهم في الفترة الأخيرة عوض أن يعلقوا كبواتهم على شماعة «مؤامرات» ليست موجودة إلا في مخيلتهم. وكان من الأجدر بهم أن يستخلصوا العبرة من هذه الحادثة وعشرات مثيلاتها ومن مئات الاستقالات في صفوفهم (أم أن المستقيلين هم أيضا مندسون من حزب العمال؟) حتى يصحّحوا مسارهم قبل فوات الأوان.