عاجل/ شلل تام في حركة المرور: احتجاجات وقطع لهذه الطريق..    عاجل/ في قضية قرض بنكي: القضاء يصدر حكما بالسجن ضد هؤلاء..    جندوبة: مندوبية التنمية الفلاحيّة تتفاعل مع الشروق أون لاين    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل"الشروق أون لاين": برنامج خصوصي للمراقبة وكافّة المواد الأساسية متوفّرة    الشركة الجهوية للنقل بنابل.. برمجة عدة سفرات على مستوى الخطوط نحو الشواطئ (وثائق)    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    اعتقالات في سوريا تطال عناصر مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني    إنقاذ 20 مهاجرا غير شرعي قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس    الترجي الرياضي: اليوم إستئناف التحضيرات ... إستعدادا لقادم الإستحقاقات    النادي الإفريقي: تعيين «الجنرال» مديرا جديدا للحديقة    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    نصف نهائي كأس العالم للأندية : التوقيت و القنوات الناقلة    انطلاق التسجيل في خدمة الحصول على نتائج التوجيه الجامعي للمترشحين لدورة المتفوقين    شواطئ مغلقة بسبب ما راج عن موجة الحر: عبد الرزاق الرحال يكشف..    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    ما تخليش السخانة تغلبك... حيل بسيطة باش تتغلب عليها    عاجل/ هذه حقيقة تعرض البريد التونسي إلى اختراقات سيبرنية..    إصدار طابعين (02) بريديين حول موضوع "البريد الأورومتوسطي: محميات طبيعية من البحر الأبيض المتوسط"    عملية سطو ب"سيناريو هوليودي" في ماطر: الأمن يسترجع مجوهرات بقيمة نصف مليار بعد تتبّع دقيق دام شهرين    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب الوطني يبلغ النهائي    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    كاس العالم للاندية : مبابي لم يلحق ببعثة ريال مدريد إلى ميامي بسبب اختبار المنشطات    موجة حر قوية تضرب اليونان    أسد يهاجم امرأة في حديقة للحيوان بأستراليا (فيديو)    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    محرز الغنوشي: ''الشهيلي حاضر والحرارة فوق العادة.. ردّوا بالكم من الشمس وقت الذروة''    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    بسبب تصريح "يرقى إلى جريمة إهانة الرئيس".. النيابة تحقق مجددا مع زعيم المعارضة التركية    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    نفوق دلفين في شاطئ حمّام الأنف يثير القلق حول تلوّث المياه وغياب الحوكمة البيئية    ميناء المياه العميقة بالنفيضة قريبًا ضمن المشاريع الاستراتيجية لتسريع إنجازه    ارتفاع ترتفع درجات الحرارة يوم غد الاثنين: المعهد الوطني للرصد الجوي يوضح    وائل كفوري يثير الجدل بصورة من حفل زفافه ويعلن نشر فيديو الزواج قريبًا.. فما القصة؟!    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    الليلة: الحرارة تتراوح بين 25 و34 درجة    غابت عنها البرمجة الصيفية ...تلفزاتنا خارج الخدمة    حدث غير حياتي : قيس الصالحي: مرضي لم يهزمني .. وتحديته بفضل الكاميرا والتصوير    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    صحتك في الصيف: المشروبات الباردة والحلويّات: عادات غذائية صيفية «تُدمّر» الفمّ والأسنان !    لجنة التخطيط الاستراتيجي بالبرلمان تنظر الاثنين في عدد من مقترحات القوانين المتصلة بالبيئة والكهرباء والأراضي الدولية    كاس امم افريقيا للسيدات: المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره النيجيري صفر-3    أكثر من 95 ألف جزائري عبروا الحدود نحو تونس خلال جوان: انتعاشة واعدة في جندوبة مع انطلاق الموسم السياحي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    ماطر: القبض على سارق مصوغ بقيمة نصف مليون دينار    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    181 ألف شاب ينتفعون ببرنامج صيفي جديد لمكافحة الإدمان    البكالوريا دورة المراقبة: هذا موعد انطلاق التسجيل عبر الإرساليات القصيرة..    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    صفاقس: إقرار مبدأ الإضراب الجهوي في القطاع الخاص    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    ديوان الحبوب: الكمّيات المجمّعة من الحبوب تصل إلى حوالي 9,292 ملايين قنطار حتى 4 جويلية 2025    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قفصة» ... مدينة الدهشة والحلم الضائع
نشر في الشروق يوم 14 - 10 - 2011

قفصة أو» قبصة « كما سجلها التاريخ يوما ما.. ربوة الرماد والحجارة المتفحّمة وقواقع الحلزون والصوان المكشوط.. المدينة الحبلى بالبراكين الثورية ..بقدرها أن تكون ثائرة .. قفصة التي سبقت التاريخ.. وأرخّتها الكتب والمراجع اللاتينية بعراقة حضارتها القفصية المؤثرة بعمق في الحضارات الاخرى.. فبقيت قفصة على العهد.. منها تتوالد الاحلام لتصّدر الامل والوجع كما تصدّر ثرواتها الطبيعية.. وخيرة أبنائها.. استقبلتنا هاته المرة بأمطار مسترسلة غسلت الشوارع والاشجار من غبار الخريف الذي حلّ متأخرا كما الوعود التي سبق ان قيلت لكنها اختفت مع مرددّيها..
أمطار جاءت على عجل لتستقبل غريبا قادما على مهل.. تعمدّت ان تبلل المعلقات هاته المرة واتلفتها دون الحاجة الى اتهام جهة او فرد بعملية الاتلاف فكان تمرد الطقس منهكا للكثيرين ممن كانوا برمجوا خطبهم الانتخابية ما قبل التصويت..
قفصة مدينة كل الوقت بقدر عدد حفرها بالطرقات والمطبّات ومخفضات السرعة المخالفة لكل المقاييس الدولية تتساوى مع عدد الوعود التي تلقتها عاما بعد عام وكأنما كتب عليها ان تكون دائما مدينة للألم الدائم .. في شوارعها معالم الفرح المؤجل فيتعثر صوتك وانت تتجول في طرقاتها بأصوات مزامير السيارات والزغاريد فتصبح ملزما باستراق النظر لتتعرف الى العرس ان كان احتفالا بعروس قفصية او موكب قائمة حزبية.. فلا فرق بينهما الا في وصف المشهد بين سيارات الباشي او السيارات المكتراة التي حملت من الاعلام والمعلقات الشيء الكثير..
قبصا التي احتلها الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد فتوافدت عليها الحضارات من كل الجهات.. ها هي اليوم تعجّ بالغرباء.. نشطت بها تجارة الانتخابات بوتيرة أشد من صناعاتها التقليدية..
انتخابات التأسيسي في كل الازقة والانهج والشوارع ..هنا وهناك حركية كبيرة جدا لم تشهدها المدينة من قبل في انتخابات سابقة حيث كانت الصفقات ملزمة لاشخاص دون غيرهم.. المطابع غصت بالمطويات.. سيارات الكراء كلها محجوزة الى ما بعد الانتخابات.. عدد هام من المتساكنين عارفون بخفايا الحملة واخرون ينتظرون انتخابا لرئيس دائم ولاستقرار أكثر دواما من أجل وضع مشاغل الجهة على طاولة التنفيذ والمحاسبة بعد ان ملّ الناخبون والنافرون من عمليات الاقتراع من وعود ما قبل التصويت .
الكثير من شباب الجهة المثقف ومدينة قفصة كما عرفها التاريخ ولاّدة لذوي الكفاءات العالية من مهندسين ودكاترة وعلماء لكنها تصدرهم الى الخارج رأوا في قفصة.. المدينة المظلومة عبر التاريخ والتي لم ينصفها الزمن لتكون كما كانت يوما ما في العهد الروماني أهم مدن ولاية افريقيا «البروقنصلية».. أو كما دونّها التاريخ «قبصة الاسلامية».. قاومت الوجع طيلة عقود من الزمن كما قاومت «خير الدين برباروس» قبل 460 عاما، لكنها رغم صمودها في الحروب التي خاضتها من أجل التحرّر بقيت بلا منصف لتاريخها الحافل بالانتصارات على الورق .
«قبصة» في العقود الاخيرة التي واكبتها فقدت الكثير من عيون الماء الطبيعية فجففوا منابعها عمدا لاغتيالها عطشا هاته العيون التي كانت مّثلت شريانا حيويا للاستقرار.. فأفقدت أبناءها بياض الأسنان وغطّتها باللّون الاصفر الباهت كما لون الجدران التي تغطي مدنها الصغيرة المحيطة بها لتصبح متجانسة مع لون الجبال التي تحيط بها من كل الجهات كما الحصن المنيع..
ها هي اليوم تعيش على وقع الثورة من جديد .. المدينة التي أنجبت الازهر الشرايطي قائد جيش التحرير التونسي إبان الثورة المسلّحة ضد المستعمر الفرنسي تنتفض وتستفيق لتنتظر غدا أجمل قد يحمل في رياحه الموسمية قائدا في مرتبة النضال الوطني التي كانت هي أنموذجه عبر مراحل التاريخ ومنها اندلعت شرارة المقاومة كما تندلع شرارة الحريّة..
ساحة الشهداء.. ساحة التحرير.. مكانان متجاوران لكنهما واكبا تاريخ المدينة عبر الزمن الحديث عرفا التمرّد كما عرفا الفرح والعصيان .. من هنا أكدّ حاملو الذاكرة «للشروق» أن من يحكم الساحة هو من يحكم المدينة الحالمة.. كمن يحكم القبيلة إلا من يخمد نيرانها..
غدا.. كيف تحولت «زروق» من مياه العلاج الطبيعي الساحر الى علاج الامراض المستعصية الى مسابح مهجورة حولّها البعض الى ركن لإسالة دماء خرفان الأضحية وكيف سدّ المسؤولون عيون مياه التاريخ للفسقية بالاسمنت ..وارتكبوا جريمة تاريخية بتجفيف «الترميل» الحمام الروماني بدعوى الترميم .ومنها الى الرديّف المدينة ولاّدة الثورة التونسية بالصدور العارية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.