تتواصل وقائع الحملة الانتخابية لتطوي هذا الأسبوع شوطها الثالث والأخير ومعه ستزداد صورة المشهد الانتخابي وضوحا وتجليّا ومن المنتظر أن يزداد نسق «الدعاية» سُرعة وكثافة على اعتبار أنّ العدد الأبرز من القائمات خاصة ذات الامكانات المالية والمادية المحدودة قد اختارت منذ البداية أن تستجمع قواها المحدودة وتدّخر جهدها إلى المرحلة الأخيرة وذلك لكي تبقى في ذاكرة الناخبين أيّاما قليلة قبل موعد «الإقتراع». ولم تخل الساحة الانتخابية هذه الأيّام بل ربّما منذ بداية الحملة من ظاهرة تزداد حدّة ألا وهي ظاهرة المد والجزر أو الشد والجذب بين المترشحين والناخبين في علاقة بواقع بدا طريقا سالكة لبعض المترشحين في استمالة أهواء الناخبين والسعي ل«مساومتهم» من أجل التصويت لفائدتهم وقد ابتكر مترشحون طرائق عدّة في ما بات يُعرف في المشهد الانتخابي بشراء الذمم وبيع الأصوات فتمّ توزيع الهدايا و«العطايا» وتمّ تنظيم الحفلات الفنيّة والثقافيّة ومنها تلك التي تستهوي خاصة النساء والشباب هذا إضافة إلى توزيع الوعود يمنة ويسرة ودون مكيال أو ميزان أو عقلانيّة وموضوعيّة. ومن أطرف ما ابتدعه «المترشحون» ما حدّثنا عنه مندوبنا في بنزرت من إلزامية أخذ صورة بالهاتف الجوّال لورقة التصويت والاستظهار بها لاحقا لدى «المترشّح» لنيل «أجرة» واتعاب التصويت ، وتعكس هذه الوضعية الغريبة أكثر ما تعكس الحالة التي بلغتها العلاقة بين الناخبين والمترشحين من غياب للثقة وعدم اقتناع بالبرامج ورغبة متبادلة في استغلال «ورقة التصويت» للكسب السياسي أو للكسب المالي والمادي. وفي العديد من الدوائر الانتخابية نقل الناخبون أوضاعهم الاجتماعيّة الصعبة للمترشحين في ردّ على ما يُلقى على أسماعهم من «وعود» تكاد تكون خيالية في الشغل وتحسين ظروف العيش والمساعدة على الزواج وإمتلاك مسكن وما إلى ذلك من الاحتياجات الضروريّة والأساسيّة، ومن أطرف ما حدث في هذا المجال الطلب الّذي تقدّم به ناخب في جهة جندوبة لمترشحين بقوله «هاتوا كبش العيد ..وخذوا صوتي» !!!. في المقابل يُواصل «كبار» اللاعبين خوض غمار الحملة الانتخابية الموازية في الكواليس والغرف المغلقة في علاقة بواقع التحالفات القادمة مباشرة إثر 23 أكتوبر وطبيعة الحكومة والمشهد السياسي عموما بعد انتصاب المجلس الوطني التأسيسي الثاني في تاريخ تونس ، وبدا واضحا أنّ «كمّا هائلا « من الأحداث (خاصة في علاقة بقناة نسمة) وكذلك «كمّا هائلا» من الإشاعات والأخبار والأخبار المضادة أصبحت تغزو وبكثافة الساحة السياسيّة صباحا مساء ومنها حتى من «يرد» إلى الأسماع عند ساعة متأخّرة من الليل (على غرار نبأ استقالة الوزير الأوّل من مهامه) ممّا حتّم على بعض الأحزاب الخروج إلى العلن والإصداع بمواقفها حيال التطورات التي تشهدها البلاد خاصة في علاقة ب«حرب الإشاعات» من مثل ما أقدم عليه مصطفى بن جعفر الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في الندوة الصحفية التي عقدها أمس. إنّها حرب «الإشاعات» بين المترشحين وحرب المساومة بينهم وبين الناخبين...