انتهت مع الساعة صفر من اليوم السبت وقائع الحملة الانتخابيّة للمجلس الوطني التأسيسي والتي انطلقت منذ يوم 1 أكتوبر الجاري، وبعد أقل من 24 ساعة سيتّجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم واختيار ممثليهم في ثاني مجلس تأسيسي تعرفهُ البلاد منذ قيام الدولة التونسيّة المستقلة وذات السيادة سنة 1956. وقد أمكن لهذه الحملة أن تبلغ شاطئ الأمان بفضل ما تميّزت به مختلف القائمات المترشّحة من احترام لروح التنافس النزيه (عدا بعض التجاوزات القليلة التي أوضحت الهيئة الانتخابيّة أنّها لم تكن ذات تأثير بالغ)، وقد أضفى الخطاب الّذي توجّه به السيّد الباجي قائد السبسي ليلة اختتام الحملة حالة من الطمأنينة والسكينة بفضل ما أبداهُ الخطاب من عقلانيّة ومسؤوليّة في التعاطي مع الشأن العام والعملية الانتخابيّة الجارية حاليا ، فالوزير الأوّل بدا متحمّلا لوزر «المسؤولية التاريخيّة» وعظمتها مؤكّدا أنّه من طينة رجال الدولة الّذين لا يُمكن أن تهزّهم بعض الأهواء أو بعض المستجدّات العابرة لإيصال البلاد إلى برّ الأمان وتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود في أبهى صوره وحلله بعيدا عن كلّ المخاوف أو الرهانات الخاطئة. أعطى الوزير الأوّل بخطابه دفعا إيجابيّا جديدا للسباق الانتخابي وأشّر بوضوح على أنّ الانتقال إلى إرادة الشعب واحترام خياراته مسألتان لا مساس بهما وأنّ المستقبل سيكون على الشاكلة التي يرغب فيها التونسيون والتونسيّات تكريسا لمنجز تونسي جديد يفتحُ آفاق البلاد إلى ما هو أروع وأفضل وأنجع نحو استعادة شرعية المؤسسات وتجسيد الخيار الديمقراطي الحقيقي بعيدا عن كل نوايا التزييف أو التلاعب بإرادة الناخبين. سيصمتُ «اليوم» المترشحون عن الكلام ليتركوا باب التفكير والتقييم أمام الناخبين لترصّد اختيارهم الانتخابي بعيدا عن كلّ التوتّرات والاهتزازات أو التجاذبات الجانبيّة أو عمليات التشويش. والواضح أنّ العديد من المترشحين قد خيّروا «الصمت» قبل حتّى يوم «الصمت الانتخابي» بل إنّ البعض منهم غاب واختفى منذ اليوم الأوّل للحملة الانتخابيّة وفي ذلك دلالة على أنّ هؤلاء قد عرفوا أحجامهم بصفة مبكّرة فأعلنوا هزيمتهم قبل يوم «التصويت» وفي المقابل ازدادت وتيرة الحراك نهار أمس بين «كبار المترشحين» الّذين نظّموا اجتماعات شعبية ختاميّة ونشطوا على أكثر من صعيد في سعي «محموم» إلى كسب ما يُمكن من الأنصار والمؤدين و«المريدين». وقد عرفت مختلف جهات البلاد كامل نهار أمس حركيّة قياسيّة لم نتمكّن في هذا الملحق (التأسيسي 2011) من متابعة غير العديد القليل منها على الرغم من الجهد الّذي بذله صحفيونا ومراسلونا المنتشرين في كامل الدوائر الانتخابيّة. غدا، ستُفتح أبواب مكاتب الاقتراع بداية من الساعة السابعة صباحا وستتواصل عملية الانتخاب إلى حدود الساعة السابعة مساء ليقع المرور إثر ذلك إلى عملية فرز الأصوات وإعلان المتوجين أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، على أنّه وكما قلنا في عدد يوم أمس فإنّ كلّ من شارك في مجريات هذه العملية الانتخابيّة هم جميعا متوّجون بنصر حقيقي ومكسب تاريخي في عمر تونس الخضراء.