أخيرا برّأت المحكمة الايطالية الربانين عبد الباسط الجنزري وعبد الكريم بيوض في ما يعرف بقضية البحارة التونسيين هذه القضية التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي منذ 7 أوت 2007. ملف القضية يضم أكثر من 1700 ورقة، وتورط فيها سبعة بحارة تونسيين أصيلي طبلبة (ولاية المنستير) كانوا أنقذوا حياة 44 مهاجرا غير شرعي، ينتمون إلى السودان واريتريا والمغرب والطوغو، كانوا مهددين بالغرق وهم على متن مركب مطاطي في عرض البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل الايطالية. وكانت السلطات الايطالية اعتقلت البحارة السبعة يوم 8 أوت 2007، ووجهت لهم تهما جنائية كثيرة، من بينها المشاركة في تهريب مهاجرين غير قانونيين من ليبيا إلى جنوب أوروبا عبر المياه الدولية المتاخمة لتونس وإيطاليا. بيد أن السلطات الايطالية، وتحت ضغط المنظمات الحقوقية الأوروبية، أطلقت سراح خمسة منهم، وأبقت على قائدي المركبين ثم عادت وأفرجت عنهما بعد اعتقال دام شهرين ونصف الشهر. وسبق للمدعي العام الايطالي في مارس الماضي أن طالب بإصدار أحكام غيابية على الربانين التونسيين «عبد الكريم بيوض وعبد الباسط الجنزري»، تقضي بسجنهم مدة سنتين ونصف السنة، وتغريمهم بنحو مليون دينار تونسي (نحو 800 ألف دولار). واعتبر المدعي العام الايطالي أن البحارة ساعة انقاذهم المهاجرين غير الشرعيين لم يكونوا بصدد الصيد لعدم وجود شباك في المركب، وهو ما دفع خبراء وأوروبيين من ألمانيا وسويسرا إلى القدوم إلى مدينة طبلبة الواقعة على السواحل الشرقية التونسية للتأكد من طريقة الصيد بالأضواء، وإعداد تقرير لفائدة لجنة حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، التي تبنت قضيتهم منذ شهر سبتمبر 2007. وتكثفت أنشطة الحقوقيين في أوروبا ووسائل الإعلام الأوروبية قبل إصدار الحكم على البحارة التونسيين. وأبدت مصادر حقوقية إيطالية تفاؤلها بخصوص قضية البحارة التونسيين وذكرت ان المحكمة نظرت مؤخرا في قضية مشابهة تخص سفينة صيد ألمانية، وقضت ببراءة البحارة، وتغريم السلطات الايطالية بنحو 6 ملايين دينار تونسي (نحو 3 ملايين أورو)، وهو ما يرجح أن تذهب المحكمة الايطالية في نفس الاتجاه. فبعد تبرئة الربانين عبد الكريم بيوض وعبد الباسط الجنزري تتجه النية نحو مواصلة التقاضي في ما يخص التعويض عن الأضرار التي لحقت البحارة جراء هذه الحادثة. ومن جهة أخرى علمت «الشروق» أن البحارة الخمسة بعد تبرئتهم رفعوا قضية في التعويض وقد تقدمت أشواطا حيث سيتم البت فيها لصالح البحارة أما في خصوص المركبين مرتضى ومحمد الهادي فإنه من المنتظر أن يتم التعويض عنهما باعتبار أنهما أصبحا في حالة لا تصلح للاستغلال.