بعد 68 جلسة قضت أخيرا محكمة «أفريجنتو» الايطالية في قضية البحارة التونسيين بسجن رباني المركبين وتبرئة ساحة الخمسة الباقين. فبعد جلسة ماراطونية انطلقت في حدود الساعة الرابعة من عصر الثلاثاء 17 نوفمبر 2009 الى حدود الحادية عشرة ليلا دون انقطاع وبعد درس ملف القضية الذي ضم اكثر من 1700 ورقة تم التصريح بتبرئة البحارة من تهمتهم المتمثّلة أساسا في المساعدة على الهجرة غير الشرعية الى ايطاليا عبر حدودها البحرية وقضت لهم بحقهم في التعويض عن الأضرار الناجمة عن إيقافهم والتعويض أيضا عن الأضرار التي نجمت عن حجز المركبين «مرتضى» و«محمد الهادي». وستشكل للغرض لجنة مختصة لتحديد التعويضات اللازمة. ومن جهة أخرى قضت المحكمة على كل واحد من الربانين عبد الكريم بيوض وعبد الباسط الجندري بالسجن مدة سنتين والنصف بعد ادانتهما «بمراوغة السلطات أثناء الدخول الى ميناء لمبدوزا وتحديدا في مضيق سيسيليا مما اربك الخافرة البحرية التي نجت من الانقلاب في البحر» وفق ما صرح به لنا السيد عبد القادر نويرة الموكل بمتابعة القضية، كما أكّد بأن الدفاع سيواصل المشوار لاستئناف القضية وتبرئة الربانين. وقد لاقت قضية بحارة طبلبة اهتماما كبيرا من قبل الحكومة التونسية والبرلمان الاوروبي نفسه الذي تناولها بالنقاش في العديد من جلساته وعبر عن اهتمامه وانشغاله بهذه القضية ومساندته للبحارة التونسيين. وكانت الشروق سباقة في متابعة تفاصيل القضية منذ انطلاقها ومنذ بداية الحجز. وللتذكير فإن البحارة التونسيين السبعة تمسكوا بأنهم لم يشاركوا في أي عملية حرقان وأنهم (على العكس) أنقذوا حياة 44 مهاجرا غير شرعي، ينتمون الى السودان وإريتريا والمغرب والطوغو، كانوا مهددين بالغرق وهم على متن مركب مطاطي في عرض البحر الابيض المتوسط قبالة السواحل الايطالية. وكانت السلطات الايطالية اعتقلت البحارة التونسيين السبعة يوم 8 أوت 2007، ووجهت لهم تهما جنائية كثيرة من بينها «المشاركة في تهريب مهاجرين غير قانونيين من ليبيا الى جنوب أوروبا عبر المياه الدولية المتاخمة لتونس وايطاليا». بيد أن السلطات الايطالية، وتحت ضغط المنظمات الحقوقية الاوروبية، أطلقت سراح خمسة منهم، وأبقت على قائدا المركبين (عبد الكريم وعبد الباسط) ثم عادت وأفرجت عنهما بعد اعتقال دام شهرين ونصف الشهر. وسبق للمدعي العام الايطالي في مارس الماضي ان طالب باصدار أحكام غيابية على الصيادين التونسيين تقضي بسجنهم مدة سنتين ونصف السنة، وتغريمهم بنحو مليون دينار تونسي (800 ألف دولار). واعتبر المدعي العام الايطالي ان البحارة ساعة انقاذهم المهاجرين غير الشرعيين لم يكونوا بصدد الصيد لعدم وجود شباك في المراكب، وهو ما دفع بخبراء اوروبيين من ألمانيا وسويسرا الى القدوم الى مدينة طبلبة الواقعة على السواحل الشرقية التونسية للتأكد من طريقة الصيد التي تعتمد على الأضواء دون الشباك واعداد تقرير لفائدة لجنة حقوق الانسان في الاتحاد الأوروبي، التي تبنت قضيتهم منذ شهر سبتمبر 2007.