لا تفلح قضايا السياسيين وخلافاتهم اليومية على الموقع الاجتماعي في إخفاء المشاكل اليومية التي يعاني منها التونسي هذه الأيام وخصوصا نقص العديد من المواد الغذائية الأساسية مثل الحليب والبيض. وكما هي عادة التونسيين على الموقع، فقد نجحوا في تحويل أزمة فقدان المواد الغذائية إلى موضوع للمزاح والسخرية والنقد، وكتبت محامية شابة إن الأشقاء الليبيين أصبحوا إخوة لنا بالرضاعة من فرط ما تقاسمنا من الحليب التونسي، وأنه أصبح محرما عليها أن تتزوج من ليبي بفعل هذه الحقيقة. وعلى ذكر فقدان الحليب في السوق، فقد اقترح ناشط شاب من اليسار أن يتم وضع خريطة لأماكن توفر الحليب وتوقيته في البلاد حتى يعرف الناس أقرب نقطة يتوفر فيها ذلك، ونشر هذا الناشط صورا لبعض المواطنين أمام مركز تجاري كبير معروف وهم ينقلون «ستيكات» الحليب بكميات كبيرة توحي بأن البلد في حالة حرب، أو أن البقر قد «حرق إلى إيطاليا» وتركنا بلا حليب. وردا على ذلك، تم تداول عدة رسوم كاريكاتورية جميلة، يقول أحدها: «الحل الوحيد لمشكلة الحليب هي أن نحلب الثورة»، بالإضافة إلى كاريكاتور آخر، يظهر فاتورة الإفطار في مقهى جاء فيها: «مشروب غازي: دينار، كأس حليب ساخن: 3.9 دنانير، كأس حليب بالسكر: 4.2 دنانير». ويحتل فقدان الماء المعدني حيزا هاما في الموقع يفوق الاهتمام بالسياسة أحيانا، وكتب ناشط حقوقي مستغربا من حكاية نقل الماء إلى ليبيا، لأنه حسب رأيه «سوف تكون كلفة نقله بالشاحنات من الشمال إلى طرابلس أغلى من ثمن البنزين أو المشروبات الغازية». وكتب صديق له تعليقا على ذلك متسائلا إن كانت ينابيع الماء المعدني قد جفت رغم نزول الأمطار بكميات كبيرة. ورد شاب من بن عروس بتعليق أكد فيه أنه رأى «جبلا من سيتكات الماء المعدني» مكدسة في أحد أحياء المروج حتى أن مياه الأمطار الأخيرة قد غطت بعضها. واستنتج أن الماء متوفر بالكميات العادية التي تفوق الاستهلاك لكن «أولاد الحلال» من أثرياء الثورة احتكروا كل شيء وجعلوا يبيعون المياه المعدنية إلى الحماصة والمتاجر الصغيرة لأن هامش الربح أكبر بكثير من بيعها إلى المراكز التجارية الكبيرة. وبالعودة إلى الحليب، كتب ناشط حقوقي من العاصمة أن تناول الحليب والبيض صباحا أصبح من علامات الثراء الفاحش، لأن حارة البيض بلغت 800 مليم ونشر صورة لطبق من العجة وكتب تعليقا جاء فيه: «انظروا إلى الصورة جيدا، لأن هذا الطبق سوف ينقرض من تونس قريبا». أما أطرف ما قرأنا فهو تعليق ساخر كتبته طالبة يسارية جاء فيه: «البلد الوحيد الذي أصبحت فيه البيضة أعلى سعرا من الفلوس هي تونس» ثم فسرت أن الفلوس يباع في السوق ب 150 مليما، فيما بلغ سعر البيضة الواحدة 200 مليم.