تضامنت مختلف الصفحات التونسية يوم أمس في استنكار نشر الفيديو الذي فبركه البوليس السياسي في بداية التسعينات لتشويه سمعة السيد علي العريض أحد أشهر قياديي حركة النهضة ووزير الداخلية الحالي، وأعلنت أغلب الأحزاب والتيارات السياسية تضامنها معه. وقد ترددنا كثيرا في الكتابة عن هذا الموضوع، حين بدا لنا أنه لا يستفيد من كثرة الحديث عنه سوى من يقف وراء نشره، لكن ناشطين حقوقيين معروفين بالحياد والمصداقية طلبوا ذلك، بحجة أن «نشر هذا الفيديو في مثل هذه اللحظة يدل على استمرار القوى الإجرامية في عهد بن علي في النشاط والعمل وبنفس الوسائل»، كما كتب لنا ناشط جامعي. ونحن نترفع عن التورط في الحديث عن محتوى الشريط الذي يعرف الجميع أن بوليس بن علي هو الذي فبركه في السجن لتشويه خصومه في النهضة، لكن هذا الموضوع شغل أغلب صفحات الموقع الاجتماعي وبلغت أصداءه مواقع وصفحات عربية وأجنبية، حتى أن ناشطة حقوقية مصرية كتبت: «أول مرة يتم استهداف وزير داخلية بفيديو فاضح، في العادة وزراء الداخلية هم الذين يفعلون ذلك ضد الآخرين». أما السؤال المحير في هذا الموضوع والذي يطرحه الكثير من الناشطين في الصفحات التونسية فهو: «من وراء عودة هذا الشريط في هذه الفترة بالذات، ولماذا». وبصفة عامة، سببت عودة هذا الشريط على موقع «دايلي موشن» لبضع ساعات قبل أن يتم سحبه حملة تضامن عامة لأول مرة في الموقع الاجتماعي، يساهم فيها حتى «الإخوة الأعداء» في الموقع رفضا لمثل هذه «الأساليب الخسيسة» كما يسميها ناشط حقوقي يساري ورفضا «لعودة أقذر أساليب نظام بن علي إلى الحياة السياسية بعد الثورة» كما يكتب النهضويون دفاعا عن وزيرهم تحت شعار «يا جبل ما يهزك ريح». وفي صفحة نهضوية ذات شعبية كبيرة قرأنا تعليقا جاء فيه أن بعض القوى التي خسرت الانتخابات قد تحالفت مع بعض فلول البوليس السياسي لاستغلال الأرشيف المهول لوزارة الداخلية، وهو أرشيف مكون من تسجيلات فيديو وصوت مفبركا وصور مركبة، من أجل تشويه سمعة قادة النهضة ووزراء الحكومة. ولأن بعض النهضويين لم يترددوا في اتهام حزب العمال الشيوعي بالوقوف وراء هذا الموضوع، فقد تداول الناشطون اليساريون بكثافة بلاغا صدر يوم أمس عن أحد أشهر قياديي الحزب يذكر فيه بأن هذا الفيديو من صناعة البوليس السياسي ويدين ترويجه، كما تقاسم ناشطو الحزب وأنصارهم مقطع فيديو لزعيم الحزب حمة الهمامي ينفي فيه أية علاقة بهذا الفيديو. يقول ناشطون محايديون إن محاولة تشويه وزير الداخلية أو الضغط عليه بنشر الفيديو قد أعطت نتائج عكسية وأنتجت موجة تضامن قوية معه، بصفته ضحية لأكثر ما في الأنظمة البوليسية فسادا، ولأنه ما يزال يعاني مخلفات هذا الفساد حتى وهو وزير داخلية، بما تعنيه الصفة في العالم العربي، حتى أن عددا كبيرا من الصفحات التونسية والناشطين المعروفين وجدوها فرصة لتجديد المطالبة بفتح أرشيف الوزارة وتحميل المسؤوليات القانونية والإدارية، حتى لا يبقى الناس تحت طائلة التهديد بمقاطع فيديو فبركها نظام فاسد لزمن فاسد.