عادة ما تترك العائلات التونسية كل الاشياء جانبا وينساها أو تتناساها الالتزامات المهنية ونتائج الامتحانات والمشاغل اليومية ويبقى همّها الوحيد الانفاق والاستعداد كلما اقترب شهر رمضان. في رمضان لهذا العام تركوا التسجيل في القائمات الانتخابية وموعد 23 اكتوبر تاريخ انتخاب المجلس التأسيسي وتخمة الاحزاب والوضع الاقتصادي الهش وارتفاع الاسعار ليقترضوا كالعادة ويتداينوا ويتوجهوا زرافات ووحدانا الى الفضاءات التجارية واسواق الخضر والغلال والاسماك واللحوم البيضاء والحمراء والبيض والدجاج والمياه المعدنية والمشروبات والحلويات والمرطبات وغيرها ليحوّل المستهلكون بيوتهم طوال الاسبوع الذي يسبق الشهر الكريم الى «مخازن» للمواد الغذائية المختلفة وهو ما ادى الى افراغ مخازن تجار الجملة والتفصيل ومخازن المصانع وتسبب في «لخبطة» أوراق وزارتي التجارة والصناعة والهياكل المهنية المتدخلة في تزويد السوق وتسبب في بروز بعض الممارسات الاحتكارية وارتفاع اسعار بعض المواد وهو وضع كان بالامكان تفاديه (حسب مسؤولي الوزارة) لو تصرف المواطن بحكمة وواصل التزوّد بشكل عادي عوضا عن اقتناء مؤونة شهر رمضان بالكامل... وسينتج عن ذلك ان الايام الموالية لشهر رمضان ستشهد ركودا تجاريا ملحوظا في مختلف المجالات وهذا طبيعي بما ان كل عائلة تقريبا تزودت بكل حاجياتها من المواد الغذائية وستقتصر فقط على المشتريات اليومية مثل الخبز والخضر والغلال ولست ادري ان كان التونسيون يعرفون ام لا ان هذه «اللهفة» تدفع الى ممارسات لا أخلاقية ينتهجها المنتجون والتجار الذين يستغلون الفرصة لتحقيق ارباح غير مشروعة تضر بالمستهلك والاقتصاد الوطني. فهذه قارورة الماء المعدني التي تباع عادة ب 550 مليما في محلات البيع بالتفصيل يتضاعف سعرها ليصل الى 800 مي فهل يرضيك هذا ايها المستهلك؟ انّي اسألك ايتها العائلة التونسية: لماذا لا تحسنين التصرف في الميزانية العائلية؟ ولماذا تنساقين وراء الرغبات والشهوات؟ ولم تقتنين المواد الاستهلاكية بكميات تفوق حاجياتك؟ ولماذا لا يتكفل فرد واحد بالشراءات؟ انا اعرف مسبّقا ايتها العائلة التونسية انّك افرغت الفضاءات التجارية الكبرى من محتوياتها وكذلك الدكاكين والاسواق اسواق الخضر والغلال واللحوم والبيض والدجاج.. وان كنت لا ارى فائدة لان ذلك سيكون متأخرا فإني اقدم لك الارقام التالية: مليون و800 الف لتر هي كمية الحليب التي يقع ضخّها في الاسواق يوميا (مليون و200 ألف لتر انتاج يومي و600 الف لتر من المخزون). 200 مليون بيضة وقع تخصيصها للاستهلاك طوال رمضان بمعدل 20 بيضة لكل تونسي (مخزون ب 60 مليون بيضة وانتاج شهري ب 140 مليون بيضة). 8600 طن هي كمية الدجاج التي سيقع انتاجها طوال شهر رمضان اضافة الى مخزون ب 2400 طن. 25 طنا من الدقلة تم توفيرها وستضاف اليها كميات اخرى كبيرة. كل ذلك الى جانب كل ما يحتاجه المستهلك من غلال وخضر وغيرها هو متوفر في السوق، ولا شك في انك تعرف ايها التونسي ان وضعنا الاقتصادي غير عادي ويمر بمرحلة دقيقة ولا تنسى ان 750 الف وربما مليون مواطن ليبي يعيشون حاليا ببلادنا. انه اول رمضان بعد الثورة فقليلا من التضحية في ترشيد الاستهلاك ايتها الاسرة التونسية... فشهر رمضان هو شهر التسامح والعبادة والكرم والزكاة لاشهر الاستهلاك والشهوات... و... والالقاء بنصف المشتريات في «البوبال»! وهاهو نبينا الكريم يقول: كلوا واشربوا ولا تسرفوا.